رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ماذا جري لنا بالضبط؟!


في العامية المصرية الغنية بأمثالها الشعبية يفاجئك البعض بمثل معبر عن الحالة التي لم تكن قائمة من قبل في المجتمع، الذي يشهد تحولات عنيفة في زمن القلق الذي نعيشه من سنوات طويلة! ويكفي أن يبرر أحدهم لك ما حدث بينه وبين آخر دون أن يستفظع ما فعل!، بل يستشهد

علي صحة تصرفه الذي لا غبار عليه كما يقول المثل الشعبي الذي يعبر عن قمة الانتهازية والتجرد من قيم إنسانية بديهية!، وما الذي تتصوره إذا قال لك محدثك إنه جالس واحداً من العميان علي عشاء ذات ليلة، فانهمك في الإتيان علي نصيب مجالسه الأعمي من طعام العشاء، حتي إذا بدأت أنت في تأنيبه علي قبح فعله عاملك بالمثل الشعبي الذي ربما كنت تسمعه لأول مرة في حياتك!، فيقول لك: «كل عشا الأعمي إذ كلت معاه.. ما انتاش أحن عليه من اللي عماه»!، هكذا يعتبر محدثك أنه قد أوتي الحكمة الخالدة التي استحضرها عندما جلس للعشاء مع الأعمي!، ومن اللافت أنه قد شاع استخدام هذا المثل العامي المصري مؤخراً ولم يكن للكثيرين سابق معرفة به من قبل، بل كان فقدان البصر لبعض الناس مدعاة للإشفاق عليهم، والأخذ بيدهم ومساعدتهم علي تجاوز الصعاب التي تصادفهم في السير والانتقال وتناول الطعام وما إلي ذلك، فما الذي جعل هذا المثل الجهنمي يقفز هذه القفزة الواسعة في أحوالنا الاجتماعية المعاصرة ليبرز علي سطحها معلناً عن مدي الانتهازية التي أصبح عليها بعض الناس الذين وجدوا في المثل الشعبي ما يسعفهم في تبرير تدهور أخلاقهم وتدينهم إلي حد التهام حق مجالسهم علي الطعام لمجرد انه لا يري

ما يفعلونه بنصيبه في العشاء!
وهل الذي استحضر هذا المثل العامي في حاجة إلي أن تشرح له كيف أن فقدان البصر ابتلاء من الله لواحد من عباده!، وأن الذي يحكي لك هو نفسه معرض لأن يبتلي بذات البلاء في أي وقت، وساعتها لن يغفر لأي ممن يحتك بهم أن يحرمه من طعامه!، بل لا يتوقع من أحد أن يفعل به ذلك، وقد يكون الذي أشاع هذا المثل العامي «سعار» جعل أفراد المجتمع المصري تجافيهم الرحمة بالضعيف والإشفاق عليه، بل نلاحظ في أيامنا هذه أن المسنين والمسنات لم تعد لهم تلك «الحصانة» التي كانت تمنع الأفراد تلقائياً التخلي عن مقاعدهم لهم طواعية دون أن يكونوا في حاجة لمن يلفت  أنظارهم إلي ذلك!، فما بالنا اليوم لا نأخذ بيد من في حاجة لمساعدتنا!، بل أصبح من النادر أن تجد شاباً يافعاً يأخذ بيد عجوز يعبر الطريق، ونري سيدة شابة حاملاً لا تعرف كيف تصعد سلم حافلة ورجالاً يحاولون عرقلتها كي يسبقوها للفوز بموضع لأقدامهم، ولم يعد المرء يعرف ماذا دهانا وجري لنا بالضبط!