عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عندما يكون الكلام أسمي أمانينا!

تستهلك مشاكلنا المصرية منا الكلام الكثير- الذي نتسابق إلي ولائمة نحن المواطنين، فلا يزاحمنا في هذا السباق غير برامج الكلام التي تزخر بها قنواتنا التليفزيونية وحتي برامجنا الإذاعية!، فلا يريد أحد لسامر الكلام

أن ينفض، ولا ينتهي هذا السامر المنعقد دائماً إلي ما يفترض انه حل لمشكلة أو حتي جزء من الحل!، بل ننطلق إلي وليمة جديدة للكلام كلما استجدت مشكلة لتحل محل ما هو مشكلة سابقة، كأنه قد أصبح من هواياتنا تنمية أرشيف قومي للمشاكل، وأما الحلول فليس لها ما يبرر جمعها حيث تظل المشكلات ماثلة بكاملها والحلول إذا وجدت فهي ناقصة أو فاسدة، ومن آفاتنا الحية التي تمسك برقابنا اننا نحسن الظن دائماً بأي كلام يقوله لنا مشارك معنا في وليمة كلام، أو هو ضيف يحل علي برنامج تليفزيوني، مع علمنا الأكيد بأن هذا الذي يقول ما يريده إنما هو واحد من صناع المشكلة التي نحن بصددها!، بل نتجاهل علمنا الأكيد هذا فنتذرع بطول البال ونحن نستقبل ما لدي هذا الصانع للأزمة كأن مجرد حديثه فيها خطوة في طريق حلها!، وخذ عندك- مثلاً- هذه المشكلة المثارة بشأن الارتفاع الفلكي في أسعار الخضر والفاكهة دون أن تجد الناس مبرراً لذلك، وما يراه المواطنون ومقتنعون به أن الحكومة عاجزة تماماً عن ضبط الأسعار!، وأن العودة بالأسعار إلي سالف عهدنا بها هي مجرد وعود بكل السوء الذي يحيط بسمعة الحكومات في بذل الوعود!، وتصبح «البامية»- مثلاً- هي الدليل الدامغ الصارخ الذي نشهده في التدليل علي معاناتنا مع التجار ومبادرتهم غير الحميدة قبل حلول رمضان المبارك، ويأتي أحد تجار الجملة ليقدم أدلة براءته مما قد أصبحت عليه أسعار الخضر والفاكهة!، ويتسع صدر مقدم البرنامج التليفزيوني لمساهمة تاجر الجملة وهو يقدم دفوعاً عن نفسه وغيره من تجار الجملة ولا يجد عناء في حصولهم علي البراءة لنفسه ولغيره!، وتنفض وليمة الكلام التي أقامها البرنامج وجمع لها بعض المتكلمين وضمنهم تاجر الجملة، فلا أسفرت الوليمة عن شيء «منتج» في أزمة أسعار الخضر والفاكهة،

لكن المهم- بل الأهم- أن نشاط الكلام قد استوفي أغراضه!، والتي ليس من بينها التوصل إلي حل!
ثم خذ عندك مثالاً ثانياً لانعقاد وليمة كلام حول أزمة من نوع خاص لم ترد بمسابقة عندنا من قبل، إذ أظلمت شاشات أجهزة التليفزيون لمدة نصف ساعة تقريباً يوم السبت الماضي!، وبدأ الكلام بسؤال جماعي من الناس عن أسباب العتمة المفاجئة، وتعالت نبرات الكلام دون أن يتوقف منذ وقوع هذا الحادث المؤسف!، لكن أحداً لم يدلنا ضمن جيوش العاملين في ماسبيرو عن الأسباب التي أدت إلي العتمة!، والوقوع علي المتسبب فرداً أو جماعة لينال جزاءه علي إهماله الجسيم!، وكل الذي تطوع كبار المسئولين في المبني المترهل به هو الإفادة بأن هناك الإهمال في الصيانة، وتلف لوحة المفاتيح فجأة. وما حال دون تشغيل المولدات الاحتياطية...الخ!، والكلام دائر لا يعرف الهدوء حتي الآن حول الأسباب الفنية المعقدة التي لا يفهم فيها أحد من مشاهدي التليفزيون بالطبع!، لكن المهم والأهم اننا عقدنا وليمة الكلام!.
ولست أحب أن أسوق إليكم عينة أخري من الأزمات التي استهلكت منا- ومازالت تستهلك- منا الكلام الكثير!، فقط أؤكد لكم ولست مبالغاً انها تستعصي علي الإحصاء، ولكن ضمنها مشكلة تستحق التخليد!، وأعني بها مشكلة يعلنون عنها من سنوات طويلة واسمها «إزالة التعديات علي النيل»!، فلا أزالوها ولا ترفقوا بنا وكفوا عن صداعهم المتواصل!