عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سوق الباعة الجائلين ليست محل تفاوض

ثلاثة أعوام مضت كنت فرصة اغتنمها الباعة الجائلون في عمل دؤوب لما يمكن أن أسميه «خلق أمر واقع جديد» يفاجئ الدولة التي كانت لاهية عنه وساكتة علي نموه ظانة أنها سوف تحسم أمره بفضه وقتما تريد!، وبمجرد أن تتعافي الدولة فتعمل علي استرداد هيبتها في الشارع المصري بعد طول انفلات!، لكن الدولة اكتشفت أن ما جري خلقه سوف يمثل لها مشكلة عويصة عصية علي الحل الناجز كما تصورت!، ولتكتشف الدولة أن الأمر لم يكن نشوء مشكلة سطحية وعارضة تعلقت بالشارع المصري!،

بل هذه في حقيقتها تكشف عن اعتزام الباعة الجائلين العمل علي الحصول علي «مركز تفاوضي» -كما في السياسة - يتيح للباعة «التضاغط» مع قوي الدولة التي تتعافي وتعمل علي إنفاذ إجراءاتها وقوانينها في مختلف المجالات، وعندما حان الوقت الذي رأت فيه الدولة أنها لابد من أن تعيد النظام إلي الشوارع التي هي صرة العاصمة كما هي مستقرة عليه في كل أوضاعها، إذا بتجمعات الباعة الجائلين تتشدد وتحذر ملوحة باستعراضات قوتها التي جعلت من شوارع العاصمة وأرصفتها تختنق بأغلبيتها الكاسحة التي تحول بين الناس والمرور فيها، وتجعل الاختناقات الحادة هي طابع كل شوارع العاصمة!، لكنها تقف متصدية متحدية لما قررته السلطات من ضرورة انحسار هذه الموجة البشرية الجائلة التي تري أن تحديد أماكن سويقاتها ليس من سلطة الدولة وحدها!، بل لابد من أن تأخذ في حسبانها الأفضلية التي يراها الباعة مناسبة لنشاطهم وتجمعاتهم!، ولما كان ذلك كذلك فإن السوق التي اختارتها السلطات في جراج الترجمان لا يراها الباعة مناسبة لممارسة نشاطهم الذي يرونه «لزوم ما يلزم» لوسط العاصمة!، وإذا كان ولابد من مكان جديد لتجمعاتهم كسوق جديدة، فلن يكون هذا المكان غير أرض «وابور الثلج» كما وعدتهم بها السلطات سوقاً لهم في وسط العاصمة!، ولابد من أن يظفروا بهذا المكان مهما طال بهم الوقت!، ومهما كانت التحديات التي تواجههم في ذلك حتي تتراجع السلطات عن اختيار «أرض الجراج» لتنزل علي إرادة الباعة الجائلين في التجمع - علي مضض أيضاً- في أرض «وابور الثلج»!
وقد أكون من القلائل الذين ضاقوا بهذه الفوضي المزعجة والجليطة التي أحاطت بها في مختلف شوارع العاصمة!، ومراقبتي

لنمو هذه الرغبة العارمة لدي الباعة لكي يبرزوا أنهم في حالة من التحدي للدولة والشعب معا!، ولكنني مع ذلك أنحي باللائمة أولاً علي سلطات الدولة التي أفاقت لتجد نفسها أمام التجمع الفوضوي الجائل طرفاً في تفاوض قصده الباعة قصدا حتي يصلوا مع السلطات إلي حل وسط يرضيهم أولاً كرخصة للتواجد في وسط العاصمة الذي هو هدفهم الأسمي!، فليست القضية عند الباعة الجائلين - في حقيقتها - غير تحقيق هذا الهدف!، وقد عملوا لبلوغه بدأب شديد!، وقد بدأت موجة زحامهم وتجمعهم بأفرادهم في الأساس باعة من القاهرة وأطرافها!، ثم راحوا يستجلبون أقارب لهم من الأقاليم حتي تمددت تجمعاتهم لمواجهة معركة فاصلة مع سلطات الدولة!، ثم تقرر مصادر تجارية أن الباعة قد أصبح عرضهم للبضائع منافذ لتجار جملة أكبر في حجم تجاراتهم، ويقدمون التسهيلات المتنوعة للباعة الجائلين حتي يصرفوا البضائع لحسابهم وحساب التجار الذين يمدونهم بها، ويرونهم منافذ مفيدة لبضائعهم تخفف عنهم أعباء مخازنهم التي دائماً يتجاوزون سعتها لتكديس بضائع ليس لها المكان المناسب لديهم!، ويتهربون من تأجير أماكن جديدة للتخرين!، فأعفاهم الباعة الجائلون من ذلك وتولوا تصريف البضائع بانتظام!، وتبقي المسألة الأهم وهي ضرورة تمسك السلطات بما تراه من تنظيم الشوارع وتحديد الأماكن التي تصلح أسواقاً للجائلين وغيرهم، وعلي هؤلاء الباعة أن يدركوا أنهم كمواطنين ليس من شئونهم فرض أي تنظيم علي شوارع العاصمة وميادينها، بل من الضروري الخضوع لسلطات الدولة في هذه الشئون.