سوق الباعة الجائلين ليست محل تفاوض
ثلاثة أعوام مضت كنت فرصة اغتنمها الباعة الجائلون في عمل دؤوب لما يمكن أن أسميه «خلق أمر واقع جديد» يفاجئ الدولة التي كانت لاهية عنه وساكتة علي نموه ظانة أنها سوف تحسم أمره بفضه وقتما تريد!، وبمجرد أن تتعافي الدولة فتعمل علي استرداد هيبتها في الشارع المصري بعد طول انفلات!، لكن الدولة اكتشفت أن ما جري خلقه سوف يمثل لها مشكلة عويصة عصية علي الحل الناجز كما تصورت!، ولتكتشف الدولة أن الأمر لم يكن نشوء مشكلة سطحية وعارضة تعلقت بالشارع المصري!،
بل هذه في حقيقتها تكشف عن اعتزام الباعة الجائلين العمل علي الحصول علي «مركز تفاوضي» -كما في السياسة - يتيح للباعة «التضاغط» مع قوي الدولة التي تتعافي وتعمل علي إنفاذ إجراءاتها وقوانينها في مختلف المجالات، وعندما حان الوقت الذي رأت فيه الدولة أنها لابد من أن تعيد النظام إلي الشوارع التي هي صرة العاصمة كما هي مستقرة عليه في كل أوضاعها، إذا بتجمعات الباعة الجائلين تتشدد وتحذر ملوحة باستعراضات قوتها التي جعلت من شوارع العاصمة وأرصفتها تختنق بأغلبيتها الكاسحة التي تحول بين الناس والمرور فيها، وتجعل الاختناقات الحادة هي طابع كل شوارع العاصمة!، لكنها تقف متصدية متحدية لما قررته السلطات من ضرورة انحسار هذه الموجة البشرية الجائلة التي تري أن تحديد أماكن سويقاتها ليس من سلطة الدولة وحدها!، بل لابد من أن تأخذ في حسبانها الأفضلية التي يراها الباعة مناسبة لنشاطهم وتجمعاتهم!، ولما كان ذلك كذلك فإن السوق التي اختارتها السلطات في جراج الترجمان لا يراها الباعة مناسبة لممارسة نشاطهم الذي يرونه «لزوم ما يلزم» لوسط العاصمة!، وإذا كان ولابد من مكان جديد لتجمعاتهم كسوق جديدة، فلن يكون هذا المكان غير أرض «وابور الثلج» كما وعدتهم بها السلطات سوقاً لهم في وسط العاصمة!، ولابد من أن يظفروا بهذا المكان مهما طال بهم الوقت!، ومهما كانت التحديات التي تواجههم في ذلك حتي تتراجع السلطات عن اختيار «أرض الجراج» لتنزل علي إرادة الباعة الجائلين في التجمع - علي مضض أيضاً- في أرض «وابور الثلج»!
وقد أكون من القلائل الذين ضاقوا بهذه الفوضي المزعجة والجليطة التي أحاطت بها في مختلف شوارع العاصمة!، ومراقبتي