رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

استعادة ما فقده الشعب

حديث من يترشح للمقعد الرئاسي يرتكز في بعض مواضعه علي نقاط أراها حافلة بمغازلة الشعب الذي تردت أحواله من حيث السلوكيات واحترام القيم الأخلاقية إلي حضيض!، وما أراه من قبيل الخداع أن يتجاهل أي مرشح هذا الحال لينطلق في مغازلة الجماهير ودغدغة مشاعرها إلي الحد الذي يصل إلي اعتبار الشعب «هو المعلم والمربي لنا»، وتحذير كل من يتصور

أنه يمكنه انتقاد الجماهير وسلوكياتها ومطالبة إياها بتعديل ما أصبحت عليه!، حيث أصبح استمرار التردي في سلوكيات الناس واختفاء الالتزام بالقيم الأخلاقية لا يلائم مرحلة قادمة!، ومادام لا أحد يحق له أن يفعل ذلك، فإن جماهير الشعب يحق لها أن تطمئن إلي أن السائد حاليا من فوضوياتها السلوكية لا يستحق انتقادا من أحد، أو الالتفات إلي أي ملاحظات علي هذه السلوكيات!، فإن السكوت إزاء ذلك يعطي للجماهير بادرة مشجعة- غير مباشرة- علي استمرار كل ما نعانيه في حياتنا!، ويلزمني في ذلك استعادة تجاربنا في نظم حكمنا المختلفة بعد ثورة يوليو 1952 التي ظللنا أثناءها نسمع ونقرأ عن أن «الشعب هو المعلم الأول»!، ولا بأس من أن يمضي النظام الحاكم في سياساته وتوجهاته مهما كانت تتجاهل الشعب الذي عاش يجد أحواله تتقلب ما بين نهج اشتراكي تحول بعد ذلك إلي نظام رأسمالي خالص!، ولا بأس من الابقاء علي مسحة اشتراكية لا تفيد الشعب بقدر ما تتصادم مع التوجهات الجديدة للنظام الذي ورث سابقه، وبعد أن اختفي عصر ما سمي بتأليه الشعوب!، وهل يغيب عن الذاكرة الوطنية مختلف الشعارات التي كانت تؤلب العمال علي المتعلمين والمثقفين الذين كان وصفهم من جانب السلطة بأنهم «المترفون الذين يعيشون في رغد ويستهلكون كل شيء في تجاهل للعمال ومكاسبهم التي تحققت»!، بحيث أصبح متداولا في أوساط العمال أن المتعلمين «الأفندية» والمثقفين لا يرجون خيرا للعمال ولا يبالون بحاجاتهم!. ثم دارت عجلة إعلام النظام الذي تحول إلي الرأسمالية والاقتصاد الحر، ليروج لكل القيم التي يقتضيها هذا التحول، وحتي الحض علي كراهية القطاع العام وكل تدخل من الدولة في حياة الناس!، وقد تحولت الحكومة التي كانت- سابقا- ترعي حصول الناس علي احتياجاتهم بأسعار متهاودة

وتشارك في بعض المشروعات التجارية الاستهلاكية إلي أن الحكومة «هي تاجر سيئ» لابد لها من ترك كل شيء لآليات السوق!، حتي إن بعض العمال كانوا يعلنون أنهم لا يريدون الاشتراك في نظم التأمينات والمعاشات لكي يحصلوا علي دخولهم خالصة من أي خصومات تخص هذه النظم!، وانتهي هذا التحول إلي سيطرة السوق الرأسمالية علي مقدرات ومفاصل الحياة الاقتصادية لتتحول إلي «الغابة» التي لا يكبح جماح وحوشها أحد!.
ولأن الشعب قد ترك لكي تسود حياته الرشوة والفساد وكل العناصر المعاونة علي ازدهار «الغابة» وتوحشها، وغياب القدوة علي أي مستوي، فلا التعليم نجا، ولا الأسرة المصرية قد أصبحت بخير، وليس من عاصم للناس غير صمود بعضهم في وجه الموجة العاتية، لكن الغالبية الكاسحة تحولت إلي البحث عن مهرب فردي حتي لو كان في ذلك مغامرة الموت بعيداً في البحر أو البر، وعندما سقط النظام السياسي في 25 يناير 2011 وتحققت الثورة مرتين بقوة الشعب، اعتقد البعض من النخبة أن سرقة الثورة ييسرها الاتجار بالدين لكي تظفر جماعة الإرهاب بالسلطة. وكان هذا إيذانا ببداية مرحلة جديدة تباع فيها البلاد لتقبض جماعة الإرهاب الثمن. فكان لابد أن تسقط الجماعة وحكمها، لتسارع مصر إلي بناء دولة جديدة تحارب الإرهاب الذي يحول دون إقامتها، وكل هذا مشهود وغير منكور، ولكن لابد لنا من إدراك أن الشعب في حاجة إلي كثير فقدناه، حتي يكون الشعب حقاً هو المعلم.