علاقاتنا مع الروس ليست عارضة
تصورى أن العلاقات المصرية ـ الروسية يمكن لها أن تأخذ فى آفاقها الجديدة درجة من العمل الجاد بحيث لا تصبح هذه العلاقات مجرد عارض فى حياتنا السياسية!، اقتضته ظروف الجفوة الضخمة التى أطاحت بالعلاقات المصرية ـ الأمريكية بعد استمرارها لأربعة عقود علاقات وثيقة لم تستطع الخلافات العارضة بين الدولتين أن تلحق بها ما ألحقته بها السياسة
الأمريكية ذاتها!، حتى أننى تساءلت فى أكثر من مقال عن تفريط الأمريكيين فى كثير من أوجه التقارب فى العلاقة مع مصر!، وكيف أن روسيا ـ الاتحاد السوفيتى سابقاً ـ قد خرجت بعيداً عن دائرة «العلاقات الإيجابية» التى كانت تمثل شراكة وتحالفاً بين الدولتين فى الخمسينات وحتى السبعينات من القرن الماضى!، انفضت العلاقة تماماً على عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وهو يتهيأ للقيام بحربنا المنتصرة على إسرائيل فى أكتوبر 1973!، وفى تلك المرحلة كانت أمريكا تمارس ضغوطاً هائلة على مصر للوصول إلى فض العلاقة المصرية ـ السوفيتية!، وهو ما تحقق تماماً لتنفرد الولايات المتحدة بعلاقة خاصة مع مصر وغير مصر من العالم العربى!، وابتلعت موسكو مناوءة السادات لها!، واتساع الهوة بينها وبين مصر خلال العقود التى تلت حكم السادات، واستمرت حتى ثورة 25يناير 2011 وسقوط نظام مبارك.
ورجائى ألا يكون هذا العرض قد أوجز بما يعتبر إخلالاً بالكثير من نقاط تلك المرحلة، ولكن العذر فى أننى وجدت أن الأهمية القصوى عندى لما أردت التعبير عنه بالحاجة الشديدة إلى البناء من الآن لقاعدة ثابتة متينة لعلاقات مصر بروسيا، ولا حاجة بى إلى تكرار أننا نستبدل نفوذاً بنفوذ!، وإنما يمكننا التوصل الى ما أعنيه من اعتبار أن تظل العلاقة مع الروس تنهض على أسس واضحة من المصالح المشتركة، التى تتضح تماماً إذا ما عبر كل طرف فى هذه العلاقة عما يمكن للطرف الآخر أن يقدمه!، ومصر لن تحتاج الى جهد لتحديد ما هى فى حاجة اليه من الروس!، مصر فى حاجة الى عون اقتصادى وسياسى وغذائى فى بعض المواد كالقمح أولاً!، ثم يبقى بعد ذلك العون العسكرى الذى كان ركيزة الزيارة التى قام بها المشير السيسى ووزير الخارجية
وما قصدت إلا أن أبين أن هناك مجالات عديدة تتسع لتجعل من التقارب المصرى ـ الروسى مؤخراً الباب الواسع لعلاقات أرحب تتسم بالاستمرار والمتانة، وليست العلاقات العارضة التى اقتضتها أزمتنا مع القطب الدولى الآخر.