ما معنى التصويت الاسترشادى على مصير الشورى؟!
كان مجلس الشورى منذ إنشائه عام 1980 ـ واعتبره الرئيس الراحل أنور السادات «مجلس الحكماء» ـ هدفًا مغريًا لمطالبات كثيرة ـ ملحة أحيانًا ـ فى كثير من الكتابات لإلغاء هذا المجلس!، ولم يكن هذا غريبًا إذ كانت هذه المطالبات تستند إلى أن هذا المجلس ليس له أى اختصاص سوى إدارة المناقشات والدراسات
حول كل شيء من مجريات الحياة المصرية العامة، ولكن ما يدور فيه يظل حبيس المجلس، ويخرج تقارير فى غاية فى الإحكام، ولكن توصيات هذا المجلس ظلت غير ملزمة لأى جهة!، وكثيرًا ما كان البعض يطالع هذه التقارير ويتعجب من أن كافة جهات الدولة لا تستفيد منها خاصة فى معالجة المشاكل والأزمات!، تمامًا كتقارير المجالس القومية المتخصصة التى كانت تضم نخبة ممتازة من أهل العلم والفكر والسياسة!، لكن التقارير التى تصدر عن المجالس القومية المتخصصة وتذهب نسخ مجلدة تجليدًا فاخرًا إلى مكاتب كل المسئولين من الوزراء ورؤساء الهيئات العامة، ولكن هذه المجلدات كانت تجد طريقها إلى «التكويم» و«التخزين» دون أن يكلف أى مسئول خاطره بالاطلاع عليها!، حتى اننى أتذكر كتابتى لمقال عن المجالس القومية المتخصصة كان عنوانه «فض المجالس» دعوت فيه إلى تفعيل دور هذه المجالس المتخصصة مقابل ما ينفق عليها، أو إلغائها إذا لم تكن لها ضرورة قائمة!، ولكن مجلس الشورى استمر منذ إنشائه ـ كما استمرت المجالس القومية المتخصصة ـ حتى اليوم ـ دون أن تصادف نقاشا حول بقائها وجدواها من عدمها بما يؤدى إلى إلغائها.
ولما كان مجلس الشورى هو «الغرفة الثانية» للبرلمان المزمع إجراء الانتخابات له بعد الاستقرار على الدستور بالاستفتاء عليه شعبيًا، وبعد هذه الانتخابات البرلمانية تجرى الانتخابات الرئاسية، وإذا بلجنة الخمسين التأسيسية للدستور الجديد لا تجد عند مناقشة أمر الشورى «الغرفة الثانية للبرلمان» غير التصويت على الإبقاء عليه أو إلغائه!، وقد طالعت آراء السياسيين والقانونيين وموقف حزب الوفد من
أيدوا الإبقاء على مجلس الشورى.. لكن الذى لم يكن مفهومًا عندى ما جاء بتصريحات للمتحدث الرسمى الإعلامى باسم لجنة الخمسين عن أن هذا التصويت هو «استرشادى»!، فما معنى حاجة اللجنة إلى تصويت «استرشادى» مبدئى بصدد الإبقاء على الشورى من عدمه!، بل كان الأوفق أن تجرى المناقشات حول اختصاصات جديدة للشورى!