رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أصل حكاية حديد التسليح

تبحث وزارة التجارة والصناعة فرض رسوم إغراق علي واردات مصر من حديد التسليح التركي، وذلك بسبب الضرر البالغ الواقع علي المصانع المحلية المنتجة للحديد، خاصة مع الركود الشديد في الإنتاج، وارتفاع أسعار مدخلات الصناعة، وقد صرح وزير الصناعة

والتجارة منير فخري عبدالنور بأن الوزارة حريصة علي الحفاظ علي مصالح الصناعة المصرية، وحمايتها من كافة الممارسات الضارة بها، مؤكداً أنه لن يتواني عن استخدام كافة الوسائل المشروعة مثل الاتفاقيات التجارية الدولية للحفاظ علي مصالح الصناع، وما يدفعني إلي التعليق علي هذا الخبر المنشور في جريدة «الوفد» الصادر في 10 سبتمبر أننا قد أصبحنا نعالج الأمور المتعلقة بعلاقاتنا مع الآخرين قبل أن نبدأ بمراجعة أصل الحالة التي أدت إلي نشوء مشكلة مع الآخرين، فلابد أن نتذكر أصل حكاية أسعار حديد التسليح وارتفاع أسعاره إلي معدلات جنونية وهو صناعة محلية خالصة!، وكان ذلك علي وجه الدقة قبل ثورة يناير 2011 وعلي عهد وزير الصناعة الأسبق محمد رشيد، فقد كان قد أخذت مصانع الحديد المحلية مع ازدهار حركة البناء في موالاة رفع أسعار حديد التسليح حتي أن أعمال بناء كثيرة - وبينها أعمال تخص الحكومة وقطاعها العام - لعجز الكثيرين عن مواجهة الارتفاع الجنوني في سعر طن حديد التسليح المصنوع محلياً!، مع ملاحظة أن مدخلات صناعة حديد التسليح من «البليت والخردة» لم تكن قد بلغ ارتفاع أسعارها عالمياً بنسبة تبرر لجوء الصناع المحليين إلي هذه «المبادرة» التي اشتعلت بينهم في رفع الأسعار!، وبلغ الأمر حدوده التي لا تطاق عندما عز حديد التسليح حتي علي من أرادوه بالأسعار التي فرضها الصناع!، الذين لجأ بعضهم إلي إخفائه وعدم تزويد تجار الجملة به!، ولم يكن ممكناً لوزير الصناعة وقتها السكوت علي هذا الاشتعال المبالغ فيه في الأسعار!، فبادر إلي فتح باب الاستيراد أمام المستوردين لحديد التسليح، وفيما أعلن الصناع عن استيائهم من فتح الباب أمام الحديد

المستورد، الذي كانت أسعاره لا تقارن بالحديد المحلي!، حتي إن بعض الصناع تحولوا إلي مستوردين للحديد من تركيا وأوكرانيا، حيث كان لدي الدولتين الكفاءة الصناعية لسد حاجة السوق المحلي المصري، وقد أدي فتح باب الاستيراد إلي تحقيق الصناع الذين تحولوا إلي مستوردين أرباحاً ضخمة!، مع حرصهم علي ترويج شائعات وتصريحات تؤكد أن الحديد التركي والأوكراني أقل كفاءة من حديد التسليح المصري!
ولكن وزير الصناعة - وقتها - لم يتراجع، ولم يستجب لثورة الصناع المحليين علي فتح باب الاستيراد، وقد ترتب علي ذلك هبوط أسعار الحديد هبوطاً ملحوظاً واستقرار أسعار السوق مع بقاء الاستيراد مستمراً!، وما أريد التأكيد عليه أن فتح باب الاستيراد لأي سلعة قد أصبح هو السلاح الوحيد الذي يمكن به مواجهة وقائع جشع فاضحة تتعرض لها السوق المحلية، والصراخ من أجل وقف الاستيراد أو فرض رسوم إغراق علي الوارد إلينا من البضائع الأجنبية، قد أصبح «حيلة» يستثمرها صناع الداخل لأنفسهم بحجة حماية الصناعة الوطنية!، والتلويح بأن المصانع المحلية تكاد تتوقف وما يتبع ذلك من تسريح العمالة! ولكن فرض رسوم إغراق - فيما لو ثبت - أو وقف الاستيراد يجب أن يقابله التزام من الصناع المحليين يكبح جماح الجشع الذي يستبد ببعضهم، وهذا هو أصل الحكاية!