رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"مقبول" مع الشكر!

 

رتبت عهود الفساد وخراب الذمم وموت الضمائر الكثير من "الأسس" الفاسدة التي سكتت عنها الناس وتعايشوا معها كأعراف مستقرة تكرست مع تقادم عهود الفساد حتي أصبحت "قواعد" لا تؤكد سوي أننا نعاني "قبلية" من مخلفات جاهلية كأن المجتمع لم يعرف التمدن قط!، مما أدي الي مظالم اجتماعية كثيرة ضاربة عرض الحائط حتي ما استقر عليه الدستور أبو القوانين والمبادئ واللوائح!، والذي أعنيه هنا تحديداً هو مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين!، وتكشف بعض المظاهر الاجتماعية من التعازي الي التهاني المتداولة في الصحف أن المجتمع قد أصبح هاضما تماما لوقوع جرائم إهدار هذا المبدأ المهم الذي لم يعد يعني أحداً من المتعلمين والمثقفين الي عامة الناس!، ولقد مرت جريمة انتحار أحد الشبان الذي استوفي كل شروط العمل بوزارة الخارجية ونجح في كافة الاختبارات التي عقدتها الوزارة للمتقدمين لوظائفها وكان بينهم هذا الشاب!، الذي تبين للقائمين علي الاختبارات أنه ليس فيه من عيب أو سوءة سوي أنه ينتمي إلي أصول اجتماعية بسيطة، مما استدعي عدم إلحاقه بالوظيفة!، فلم يجد الشاب مخرجاً من أزمته سوي الانتحار الذي سببه بخطاب نعي فيه علي المجتمع أنه قد أخذه بجريرة أصوله البسيطة!، ومرت الجريمة علي الجميع دون إعلان من أي جهة معنية بالتوبة عن مثل هذه الجريمة!، ودونما انتباه الي أن هذا الذي جري لا يعني سوي أننا نعيش في مجتمع يحيا علي الفساد، ولكن هذه الجريمة لا ترد عندي هنا كشاردة خرجت عن الحظ او القاعدة!، بل هي حلقة في مسلسل ثابت فاسد لا تحيد حلقاته عن هذا الفساد بتشجيع الأغلبية التي ترتضيه!، ولنطالع معا التعازي والتهاني التي تشير الي أن المؤسسات العامة وجهات الدولة كلها قد أصبحت ملكية خاصة تقوم علي مبدأ التوريث!، الذي طالما عبرنا عن كراهيتنا له ورفضنا للعمل به في مجال عمل رئيس النظام الساقط لتوريث ابنه الرئاسة للبلاد رغم انوف الجميع لولا أن الله سلم فأطاحت ثورة الشعب بالوريث ومن سعوا

الي توريثه!، لكن ماذا عن المؤسسات العامة التي ينشر عزاء في واحد من منتسبيها لنفاجأ بأن الأقارب والأبناء والأحفاد رجالا ونسوة قد احتلوا العمل في مختلف مواقع المؤسسة امتدادا لحياة المتوفي الذي مكن لعائلته في المؤسسة!، وقد تخرج أفرادها جميعاً من كلية واحدة علي تعاقب اعمارهم!، أما المثال الصارخ علي ذلك فهو جهاز الدولة التليفزيوني والاذاعي وقد احتلت عناصره مختلف الوظائف فيه عائدة في اصولها الي عائلات تربعت علي الجهاز!، وليس ما يحدث في مختلف قطاعات حياتنا تطبيقا لهذا العار العرفي يعني كفاءة المنتفعين به!، بل هؤلاء قد اجتازوا امتحانات شهاداتهم بدرجة "مقبول" بالكاد! فلما اصرت بعض الجهات علي الالتزام بمبدأ تكافؤ الفرص عند تعيين العاملين بها مثل النيابات المختلفة، سعي البعض الي أن يكون من حق ابناء القضاة التوظف في النيابات "أوتوماتيكيا" حتي لو كانوا قد تخرجوا من كليات الحقوق بدرجة "مقبول"!. ودخل اختراع تأكيد هذا الحق في باب المنكرات الرسمية والضغط من اجل اقرار هذا المبدأ، اما الذين يتقدمون - من غير ابناء القضاة - للتوظف في النيابات فإن عليهم ان يجتازوا الامتحانات المقررة لذلك بالطبع!، واستيفائهم لشرط التقدير الذي يتجاوز "مقبول" طبعاً! ما دام حظهم لم يتح لهم ان يعمل أرباب أسرهم بالقضاء!، أما آن لنا التوقف عن إهدار المبدأ الدستوري!