رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يهود مصر.. هل طردهم عبدالناصر؟! (3)

وفي باريس عام 1976 قصدت محلاً وصفوه لي تملكه سيدة يهودية مصرية تدعي «مدام راؤول» قرب مطار «أورلي»، وقد وجدت السيدة تضع اعلانات علي فترينات المحل عليها عبارة «مرحباً بك..

نحن نتحدث العربية» وعندما دخلت المحل وجدت السيدة تسألني عن طلباتي ومن أي بلد حضرت وما إن عرفت أنني من مصر حتي بادرت لحفاوة ملحوظة بي وقبلتني لتخبرني بعد ذلك بأنها يهودية مصرية وكانت أسرتها تملك محلاً للملابس في شارع شريف بالإسكندرية، وقد هاجرت مع أسرتها في بداية الخمسينيات بعد عامين من قيام ثورة 23 يوليو لتستقر الأسرة في باريس حيث افتتحت محلها «مدام راؤول» وبعد أن تعرفت علي ما اريده من هدايا أحملها لأفراد أسرتي في مصر كان يعنيني أن أسألها سؤالاً محدداً عما إذا كانت قد هاجرت مع أسرتها من مصر مجبرة، وكان أن فاجأتني السيدة بأنها هاجرت وأسرتها طواعية وأنها لا تعرف أحداً من أبناء طائفتها المصرية قد أجبر علي الرحيل، أما سبب هجرتها هي وأسرتها فقد كان من ضمن مخطط لأسرتها لتلحق بأسرة من أقاربها تقيم في باريس، كما أخبرتني «مدام راؤول» أن أسرتها قد باعت المحل الذي تملكه في شارع شريف بالإسكندرية بالمقابل الذي عرض عليها وقد استغل صاحب العرض أن الأسرة علي أهبة السفر وأن البيع قد أصبح ضرورة واضطراراً فبالغ في شطارته حتي هبط بثمنه الي أقصي حد ولكن الاسرة رأت أن السفر قد أصبح قراراً نهائياً ولا فائدة من الانتظار لعرض شراء أفضل وعاودت سؤالها عن أي ظروف تجارية ككساد أو غيره مما يصادف التجار أحياناً فنفت السيدة ذلك، مؤكدة أن المحل كان يعمل في ظروف جيدة فلما سألتها عما اذا كانت أسرتها قد درست فكرة الهجرة الي اسرائيل قبل فرنسا وأكدت أن هذا لم يخطر للاسرة علي بال رغم انها قد تلقت عرضاً بذلك! لكنها ذكرت أن لها بعض الأقارب قد وافقوا علي الهجرة إلي إسرائيل.
وفي دراسة ميدانية مهمة قام بها الصديق العزيز المناضل السياسي د.محمد أبو الغار وضمنها كتابه عن اليهود المصريين ونشرته دار الهلال، ركز د.محمد أبو الغار علي تحري الأسباب التي حدت باليهود المصريين لمغادرة مصر بهجرة الي اسرائيل

وغير اسرائيل وعلما اذا كانت هذه الهجرة قد صادفت ظروفاً اضطرارية للهجرة من جانب السلطات المصرية بعد قيام ثورة يوليو، وقد كانت الدراسة متميزة بسؤالها المطروح علي عدد من اليهود المصريين الذين زارهم والتقي بهم د.محمد أبو الغار في مهاجرهم الأوروبية وقد أكد له هؤلاء انهم اختاروا مغادرة مصر بمحض ارادتهم دون أن تجبرهم السلطات المصرية علي ذلك ولم يفت د.أبو الغار أن يوجه السؤال إلي بعض اليهود الذين فضلوا استمرار بقائهم في مصر فكانت إجاباتهم أنهم لم يجدوا سبباً يدعوهم لذلك، والبعض الآخر أكد أنه لا يعرف له وطناً غير مصر وأن سلطات 23 يوليو بعد قيام الثورة لم تمس مواطنة يهود مصر الذين يحملون الجنسية المصرية، وقد كان بين هؤلاء من يعملون في بعض الوزارات كموظفين وبعضهم احترف الفني السينمائي والمسرحي وكان عمل هؤلاء جنباً إلي جنب مع مواطنيهم المصريين.
وقد شهد العمل السينمائي في مصر استديوهات سينمائية أنشأها بعض يهود مصر، وقد عمل بعض يهود مصر في الحرف الفنية كالتصوير والطبع والتحميض مما يعرفه تاريخ السينما المصرية، وقد أورد هذا كتاب ضخم بالعربية طبعته اسرائيل عن تاريخ اليهود في السينما المصرية، وقد اشتهر من بين يهود مصر في فن الموسيقي والغناء مثل زكي مراد وابنته نجمة الغناء ليلي مراد، وفي فن التمثيل اشتهرت في مصر راقية إبراهيم التي هاجرت برغبتها إلي أمريكا ونجوي سالم في المسرح الكوميدي ومنير مراد في التلحين وغيرهم.