عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نقابات الفن ليست للحماية المطلقة!

لا أتذكر أننى وجهت إهانة لفنان أو فنانة خلال عملى الطويل بمهنة الكتابة بألفاظ مما تأباه الأخلاق قبل أن يعاقب عليه القانون، ومازلت أرفض إهانة الفن والفنانين إذا وردت من غيرى، وأقدر تمام التقدير انزعاج نقابة الفنانين مما يمثل إهانة لبعض أعضاء النقابات الفنية، ودخول النقابات الفنية طرفاً مع من يتعرض للفنانين بالإهانة الواضحة عند استخدام حق التقاضى،

أقول كل هذا ابتداء قبل أن أتوجه ببعض الكلمات بكل الصراحة إلى النقابات الفنية كى تنتبه إلى أنها الطرف الأصيل فى رعاية أعضائها وحمايتهم من الآخرين إذا تجاوزوا، كما أنها طرف أصيل فى ترشيد يأتى منها فيما يقدمه الأعضاء من ألوان الفن!، وليس هذا عندى فرض وصاية أو أى نوع من أنواع الرقابة على الإبداع، فنحن فى مجتمع قد توافق على حرية التعبير والإبداع والنص على ذلك فى دستورنا وغيره من المواثيق، وبعد ذلك فإن النقابات قد لاحظت ولا شك ما وقع خلال الشهور الأخيرة - خاصة شهر رمضان - من طرح الكثير من الإنتاج الفنى ما بين مسلسلات تليفزيونية وبرامج مختلفة للتسلية واستهلاك الوقت ثم بعضاً مما يسمونه فى سوق الإنتاج «أفلام العيد»!، ومن يراجع حصاد الكتابات التى غطت هذا كله سيكتشف أن هناك ما اتفقت عليه هذه الكتابات من ندرة الأعمال الجيدة والغث الذى كان عليه الأغلب الأعم!، فما لوحظ هبوط رأس المال بكل ثقله يتخاطف غنيمة ما يسمونه عادة «كعكة رمضان الدرامية» من المسلسلات التى تسيدت الشاشات مستهلكة أيام شهر رمضان كله!، وبمعاونة ثقيلة من نجوم السينما الكبار الذين وجدوا فى المسلسلات وليمة لحصد أجور فلكية رصدت لها معظم الميزانيات والوفاء بها ليبقى منها ما تيسر لباقى تشكيلة العاملين!، وقد اتفق أنه تشابهت الموضوعات وحتى الشخوص وانحصر الإبداع فى اختلاف نوع الانحراف الاجتماعى الذى يقع عليه المسلسل، فجاءت الموضوعات فجة رخيصة، ولم يستطع وجود النجوم أن يجعل من المسلسلات فى أغلبها ما يقنع أو يثير الإعجاب بأداء مفتعل مصطنع للجدية فى موضوع التفاهة والهزل!، وراحت شركات الإعلان ترعى برامج تليفزيونية كاملة التفاهة فى أفكارها لتعتمد على حوارات تافهة مع النجوم من الجنسين بمعرفة عناصر مصرية وغير مصرية!، فلم تخرج هذه البرامج فى مضمونها عن مقالب مدبرة للضيوف بمعاونة ضيوف آخرين!، وبرامج أخرى اعتمدت على استدراج النجوم لاعترافات ظن الذين يحررون مادتها أنهم قد

أحرزوا سبقاً بمعرفة أسباب طلاق فلانة، وهل هى فى الطريق إلى الطلاق أم معتكفة فى بيت وحدها لأسباب أخرى!، سيل من التفاهات تراكم أمام الناس حتى ضجوا ويئسوا من مجرد مفاجآتهم ببرنامج شيق، ولأن السيادة قد أصبحت للإعلانات فى إنتاج البرامج فقد هزمت الإعلانات بالضربة القاضية بعضاً من كبار النجوم! فلا أظن أن أحداً من هؤلاء سيتحدث بعد ذلك عن «الأبعاد الفكرية» التى جعلته يقبل العمل فى الإعلان عن «السمنة» أو انهيار ديكور الإعلان الذى يشارك فيه!، ومع الأدب الشديد والتهذيب الواجب يمكن القول بضمير مستريح إن الفنانين لم يكونوا منصفين لجماهيرهم التى لم تتصور أن نجومها قد قبلوا العمل فى إنتاج حافل بهذا الانحراف ومعاجم الشتائم والبذاءة والعنف!، ودون أى درس مستفاد يمكن أن يمتع الناس ويرتقى بعقولهم أو يهذب أخلاقهم حتى!
ويجب أن أعترف بأن الذى ساعد على ما حدث فى رمضان هذا الانفلات الفنى الذى جعل التليفزيون يقبل عرض أى شىء وكل شىء طالما أن التليفزيون قد أصبح له سيد جديد اسمه «الإعلان»!، يفرض ما يريد لكى يتباهى الذين يقومون على التليفزيون بأن حصيلة الإعلانات هذا العام قد بلغت كذا..، فهذا هو المراد الوحيد فقط!، وأما ما يتحدث الفنانون عنه من «سمو الفن وقدسية الرسالة» فليس لهما أى اعتبار أو خاطر!، والشطط الفنى لابد أن تفلت فى زحامه انتقادات من البعض تنطوى على شطط هى الأخرى!، ويبقى على النقابات الفنية أن تحمى أعضاءها من شطط الآخرين، ولكن عليها أن توجه الفنانين إلى حماية أنفسهم من الشطط أولاً!