عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مكلمخانة

ما الذي جعل من التخلص من مباحث أمن الدولة التابعة لوزير الداخلية مباشرة المطلب الشعبي البارز عند ثوار ميدان التحرير، بل عند الشعب كله الذي لم يختلف فيه مواطن مع آخر علي ضرورة التخلص من هذا الجهاز الكريه!، ومن الواضح حتي الآن أن المطلب يلقي عدم الاهتمام في ظل الحكومات المؤقتة - وحتي إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية أيهما سيكون قبل الآخر لا أعرف!، وأصبح تدارك كوارث هذا الجهاز في حق الشعب المصري الذي لا أظن أن أحداً قد سلم منه سواء شخصياً أو بعضاً من ذوي قرباه ومعارفه وجيرانه!، وكان جهاز مباحث أمن الدولة يدهش عموم مصر وهو يمد ذراعه »الطويلة« لكي تلحق كل من تراه هدفاً لإيذائها وضررها بحق أو بغير حق!، ودس الجهاز أنوفه في كل مرافق الحياة المصرية يستبد بالناس ويساعد علي تبيت المظالم، بل ويظل دائماً مصدر تهديد للمسئولين حتي أنهم أصبحوا يحسبون له ألف حساب، حتي لو كان ذلك علي حساب عقائدهم وقناعاتهم أو إدراكهم أن ما يريده الجهاز منهم علي الدوام ليس هو الصواب!، وهل يمكن أن يكون لأي جهاز سري أمني في العالم مثل هذه الوضعية »الشاذة« إلا إذا كان هذا ينمو ويتغلغل في ظل نظام سياسي »شاذ« يحتمي لبقائه بعصبية تمارس المظالم الفاحشة علناً تحت مسمي خاطئ وخادع هو »أمن الدولة«!، وأي أمن في دولة مثل هذه يئن فيها الناس ويتوجعون تحت وطأة ضغوط هذا الجهاز وأفراده الذين تعاملوا مع الناس بحس يخلو من أي عقيدة وطنية أو إنسانية؟!

ولماذا لم تشهد الولايات الأمريكية مثلاً غضبة شعبية علي جهاز أمريكي سري أعتي وأعرق في مهمته كان لها عنوان

وحيد هو »المباحث الفيدرالية«، وقد تولاه مباحثي عريق هو »إدجار هوفر« الذي ظل متربعاً علي قمة هذا الجهاز لمدة قاربت الأربعين عاماً منذ الخمسينيات حتي وفاته، وكان يفخر بأنه لدي في مباحثه الفيدرالية هذه ملفات لجميع المواطنين الأمريكيين!، بل كان من بواعث فخره اهتمامه بالجانب السياسي في حياة الولايات المتحدة في حربها علي الشيوعية الدولية بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية وتقسيم التركة الأوروبية بين الغرب بزعامة أمريكا والاتحاد السوفيتي وقيامه وقتذاك!، وكانت تهمة العداء لأمريكا واعتناق الشيوعية مهمة جاهزة فيما سمي بـ»المكارثية« ضد مواطنين أمريكيين ومنهم مشاهير في الأدب والفن مثل شارلي شابلن وغيره!، وظلت هذه »المكارثية« وصمة عار في جبين إدجار هوفر ومباحثه الفيدرالية!، ليتوقف تيار المكارثية البغيضة بعد ذلك فيما يشبه »الاعتذار« الأمريكي السريع لتطوي الأيام الصفحة بأكملها!، لكن الشعب الأمريكي كان يثق في أن متانة مؤسساته لن تسمح للمباحث الفيدرالية بالعودة إلي سابق نشاطها المنفر، بل حددت لها اختصاصات جديدة تعمل بها حتي الآن!، والشعب المصري ينتظر أن تشهد بلاده اندحار جهاز أمن الدولة ليرث مهام جديدة وتسمية جديدة.