رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عندما طرد زكى بدر «الغنوشى»!

كانت مصادفة أن أعرف أن زعيم حزب النهضة الإسلامى التونسى «راشد الغنوشى» ضمن الذين دعاهم مهرجان «الجنادرية» السعودى لحضور وقائع المهرجان ضمن كوكبة عربية ودولية من المثقفين يجمعهم عادة فندق واحد بالعاصمة السعودية «الرياض» مما أتاح لى الاتصال بالغنوشى فى غرفته بالفندق،

والاتفاق معه على إجراء حوار تضمنه شريط كاسيت مازلت أحتفظ به رغم مرور حوالى ربع قرن على هذا اللقاء، وكان «الغنوشى» محكوماً عليه بالإعدام فى تونس، ففر وأصبح لاجئاً فى عدد من البلدان العربية حتى انتهى به المطاف إلى سوريا التى كان قادماً منها إلى الرياض، وكان أن جلسنا نتحاور حول شئون تونس، ثم هيمنة النظم الاستبدادية فى العالم العربى، ثم سألته عما يعرفه عن مصر ومشكلات التيار الدينى فيها خاصة بعد مصرع الرئيس الراحل أنور السادات، فأخبرنى بأن له اتصالات واسعة مع الكثيرين من عناصر التيار الدينى فى مصر، وأنه كان فى زيارة قريبة لها فغادرها مطروداً بمعرفة وزير الداخلية وقتذاك، المرحوم زكى بدر، والذى حدث كما حكى الغنوشى أنه كان قد تلقى دعوة لزيارة مصر من بعض أصدقائه، وقد لبى الغنوشى الدعوة وحضر إلى مصر وأجرى لقاءآت مع بعض الوجوه الحزبية، ثم طلب عقد لقاء بينه وبين المرحومة الداعية زينب الغزالى، فلما تحدد الموعد تصادف أن كان الغنوشى خارج فندقه قرب مطار القاهرة، فلما أوى إلى غرفته ليلاً إذا به يسمع طرقاً شديداً على الباب ولم يكن قد نام بعد، فلما قام بفتح الباب إذا بواحد من عدة رجال يتقدمهم يبادره بأن عليه أن يضع ملابسه فى حقيبته ويستعد للنزول مع رجاله إلى الاستقبال بالفندق، كانت المفاجأة للغنوشى مدهشة!، فلما طلب من قائد الرجال بطاقته ليتعرف على شخصيته إذا بالآخر يرفض وهو ينهر الغنوشى قائلاً له: نحن نتبع مباحث أمن الدولة!، فلما حاول الغنوشى التمسك بحقه فى الاطلاع على البطاقة، ظل قائد الرجال على إصراره!، هنا لم يتمالك الغنوشى نفسه من الغضب الشديد، وقال لقائد الرجال: أنا سأنزل معكم.. مادمتم مجرد عصابة تهاجمنى فى غرفتى وتأبى على

النوم، وسوف أبلغ ما حدث للحكومة المصرية، هنا ابتسم قائد الرجال وطلب مبتسماً ألا يكثر الغنوشى من الكلام، وفى استقبال الفندق وقف الغنوشى ليسأل عن حسابه فرفض قائد القوة أن يمهله لذلك، وكانت أمتعته قد أصبحت فى سيارة تابعة للقوة التى هاجمته، لتنطلق به السيارة إلى مطار القاهرة، وقد طلب إليه الجلوس تحت تحفظ القوة حتى تأتى الطائرة التى سوف تقله إلى باريس!، وقال لى الغنوشى: إن باريس لم تكن وجهته!، لكنهم قرروا له ذلك!، ومن هذه الواقعة التى مر عليها ربع قرن لم يدخل الغنوشى مصر!، الذى لم يفكر هو شخصياً فى المجىء إليها، حيث كان متأكداً من عدم السماح له بالدخول!
ولما عدت إلى الشريط المسجل وجدت الغنوشى هو هو لم يتغير، فبعد عودته إلى تونس، وخوض حزبه «النهضة الإسلامية» الانتخابات التى أسفرت عن فوز ساحق للحزب والتيار الإسلامى عموماً، أعلن الغنوشى أنه يعد ـ وقد تشكلت الحكومة التونسية من التيار الإسلامى ـ بدولة لا تخاصم العصر!، وأنه سيكون لحكومة تونس الإسلامية وجهها المدنى الذى تقوم عليه تونس، وقد تذكرت وجهه وهو يحاورنى ضاحكاً مستهيناً بحكم الإعدام الذى ينتظره فى بلاده!، وكان مبتسماً كأنه يراهن على استحالة بقاء تونس فى قبضة زين العابدين بن على، الذى فر ليصبح لاجئاً فى السعودية، وراشد الغنوشى فى وطنه، لعل الدرس ينفع الآخرين!