رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

النيل مستباح من زمان!

من قرأ الملف الممتاز عن التعديات على النيل وتصاعدها بعد الثورة بالردم الذى نشره الزميل جمال أبوالفتوح للزميل سامى الطراوى، ربما ظن أن استغلال أصحاب التعديات لحالة انفلات ما بعد ثورة 25 يناير مجرد انتهاز فرصة لم تتح من قبل الثورة والقوانين واللوائح الممانعة لها!، والحقيقة غير ذلك بالطبع!،

فالنيل قد وجهت إليه إهانات بالغة لم يكن النهر العظيم هو الضحية الوحيدة لها، بل كان حرمان المصريين جميعاً من مجرد مشاهدة النيل كلما مروا بشواطئه سواء القريبة من وسط العاصمة، أو التى يمر النيل بمعظم أقاليم البلاد من أقصاها إلى أقصاها!، عدا تلك النقاط على الشواطئ من الأراضى التى تركها أصحاب التعديات لأنها لا تصلح للاعتداء عليها!، ويستحيل على المار بشاطئ النيل ـ مثلاً ـ القريب من وسط العاصمة أن يطالع أى نقطة من هذا النيل، حيث لا تسمح أى فرجة بين المبانى التى أقيمت على الكورنيش مباشرة بمشاهدة صفحة النهر!، أى أن عشرات المطاعم التى ارتفعت بالعائمات أو المبانى الخرسانية قد أصبحت هى الخط الأمامى للبنايات الفاخرة التى تباع فيها الوحدات السكنية بالملايين!، ناهيكم عن الفنادق الشاهقة التى لا يحب أصحابها الابتعاد كثيراً عن صرة المدينة، حتى أننى كتبت ساخراً من قبل أننى لا أستبعد أن يلجأ أصحاب الشقق فى العمارات المطلة على النيل أن يؤجروا بعضاً من شرفاتها للجلوس بالنفر للزبائن من الباحثين عن نقطة تتيح لهم رؤية النهر!، وشيئاً فشيئاً يمكن أن تتحول هذه الشقق إلى مطاعم وكازينوهات يشاهد روادها النيل من أعلى وهم يتناولون وجبات الطعام الفاخرة فقط!، فلن تكون هذه الشقق الشاهقة بالطبع لمن يأكلون الوجبات الشعبية!، ولست أستبعد ذلك عندما تأتى به الأيام المقبلة، حيث لا تنذرنا الأيام بغير الشرور المستطيرة وقد ارتفعت حدة السعار والنهم لجمع المال إلى الحدود الشيطانية التى نراها!
واستغلال حالة انفلات ما بعد الثورة مجرد أحد عناصر التعبير فى أحوال

البناء!، وردم النهر دون حسيب أو رقيب سواء كان هذا للعمارات العالية، أو لإنشاء القصور والفيلات التى تختار لذلك بعض النقاط البعيدة عن الزحام الذى لم يترك موضعاً لقدم على شاطئ النيل بالمطاعم والعمارات والفنادق، ولم يكن أصحاب التعديات ما بعد الثورة فى حاجة إلى استثناءات من وزير أو خفير، وإنما ترك الأمر كله لمن يمنحون التراخيص من موظفى الوحدات المحلية باعتبار أنهم لم يلاحظوا الأبنية وهى ترتفع، والفيلات التى يردم النهر من أجلها، لم يلاحظوا ذلك لأن حالة البلاد لم تكن تتيح لهم أداء عملهم قبل أن تتم الأبنية بعد الردم!، فإذا سألت كيف قامت تلك الأبنية بل كيف ردم النهر، قيل لك إن هناك مخالفات قد تحررت!، وإن هذا ما يمكن عمله!، أما هدم المبانى المخالفة فقد أصبح ممتنعاً تماماً بعد انفلات أمنى لا يوفر قوة للإعمال بمبدأ الهدم!، ولكن التحايل على إهانة النهر وحرمان المصريين من مشاهدته ليس وليد ما بعد الثورة!، كل الأمر أنه تزايد، لكن استباحة النيل تعتبر «تاريخية» لمدة هى مرتبطة بقيام ثورة 23 يوليو، التى لم يكن عندها ـ شأن جميع الثورات ـ عزيز!، فى تألقها وغروبها، وفى أعقاب أفولها وحتى الآن!، وهل يكون النيل أعز من الشعب والبلاد كلها!!