رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فضل «حمروش» على السادات ونميرى!

ظل أحمد حمروش وجهاً ملازماً للحياة المصرية الثقافية والصحفية لسنوات طويلة، تولى أثناءها رئاسة بعض الصحف والمجلات، وكان يحمل وفاء للكتابة الصحفية فلم يتوقف عن كتابة المقالات، كما تولى فى شبابه عند بواكير ثورة يوليو 1952 رئاسة مؤسسة المسرح،

وترأس تحرير مجلة التحرير التى أنشأتها الثورة، كتب فى المسرح والقصة والرواية، ولكن ما يبقى من كتاباته المتنوعة دأبه على التأريخ لثورة يوليو التى انتمى إليها وإن لم يكن فى مجلس قيادتها، وتابع حمروش بالكتب مهمة متابعة ثورة يوليو من سطوع شمسها وحتى غروب هذه الثورة، حتى إن دوره فيها على ثانويته جعل الكاتب الراحل محمود السعدنى يكتب عنه مقالاً عنوانه «ثورة أحمد حمروش»!، لاهتمام أحمد حمروش بإثبات أنه كان شريكاً فى صنع الثورة من سطوعها إلى أفولها، وعند هذا انشغل أحمد حمروش بالكتابة الصحفية، وكان من الذين أبعدهم الرئيس الراحل أنور السادات عن الكتابة عند غضبه على الصحفيين والكتاب فى سبتمبر 1981، ولكن حمروش قبل ذلك لا ينكر فى واحد من كتبه أنه كان على علاقة حسنة بأنور السادات بعد توليه حكم مصر فى أعقاب رحيل الزعيم عبدالناصر، ولولا أن القصة التى أرويها لها أصل فى كتابه «غروب يوليو» لما حكيت ما كان وراء هذه القصة مما لم يردوه حمروش! فقد وقع انقلاب فى السبعينيات فى السودان على الرئيس جعفر نميري، وقد كان الرئيس السودانى وقتها خارج بلاده، ولما كان الانقلاب يسارى الطابع حيث تولاه الشيوعيون السودانيون وعلى رأسهم قطب الحزب الشيوعى فى السودان «الشفيع الشيخ»، فقد برز اسم الشفيع شريكاً فى الانقلاب الذى وقع وقاده الرائد هشام العطا يسارى الميول، وكان هاشم العطا شريكاً للنميرى فى الانقلاب الذى قاده النميرى ضد حكم الرئيس السودانى الأسبق إبراهيم عبود، ولما كان السادات على علاقة وثيقة بالرئيس نميري، ولم يكن ليسمح بانقلاب شيوعى يكون له حكم السودان، فقد رأى السادات أن يحبط هذا الانقلاب ويسقطه سريعاً قبل أن يتوطد فى حكم السودان، وينتهى بذلك وتطوى صفحة جعفر نميري، كما أن السادات كان يدرك ضرورة حفاظه على نظام حكم سودانى تأمن فى وجوده مصر على استراتيجيتها التى يمثل السودان فيها حجر الزاوية، ومن هنا كان لابد أن يتدبر السادات الأمر جيداً، فلم يجد أفضل من تحالفه مع الرئيس الليبى وقتذاك معمر القذافي، فاتفق معه أنور السادات على أن المطلوب منه عندما يكون هاشم العطا زعيم الانقلاب السودانى فى طريقه إلى السودان: أن يجبر طائرته على الهبوط فى ليبيا والقبض

على هاشم العطا توطئة لتسليمه إلى جعفر نميرى العائد إلى السودان ليحبط الانقلاب وستساعد مصر على ذلك!
ولم يجد السادات من يقوم بمهمة إقناع قادة الانقلاب فى الخرطوم بأن مصر السادات معهم غير أحمد حمروش وأحمد فؤاد، بحكم علاقة الاثنين بأقطاب اليسار السوداني، فرتب السادات للاثنين طائرة خاصة أقلتهما إلى مطار الخرطوم الذى كان مغلقاً بعد الانقلاب فى وجه أى طيران أجنبي، وبالفعل استقبل قادة الانقلاب طائرة حمروش ورفيقه حيث هما مبعوثان من السادات الذى أرسلهما ليطمئن قادة الانقلاب على الموقف المصري.
وقد كان، فقد نجحت خطة السادات كاملة، وأجبر العقيد القذافى طائرة قادمة من لندن تقل ضمن ركابها الرائد هشام العطا، وقد احتفظ به ومن فى صحبته رهائن فى قبضته حتى كانت عودة النميرى إلى السودان بمساعدة مصرية فعالة، فكان أن سلم القذافى رهائنه إلى عدوهما اللدود جعفر نميري، الذى عقد محاكمة بنفسه فى معتقل الشجرة الشهير بالخرطوم، ومثل أمامه فيها هاشم العطار ورفاقه، ولم يستغرق محاكمة كل متهم أكثر من دقائق ليصدر حكم الإعدام على المتهمين، كما حوكم القطب الشيوعى شريك الانقلاب الشفيع الشيخ، وقد اتهمه قاضيه بأنه لا يعرف القراءة والكتابة!، مع أن للرجل كتباً عديدة! كذلك حوكم بقية المدنيين - من غير العسكريين الذين استأثر نميرى بمحاكمتهم والحكم عليهم - أمام قاض كان يعرف المطلوب منه تماماً!، فكانت الأحكام قاسية رادعة، لكن حمروش كان صاحب الفضل بمهمته المبكرة فى نجاة نظام مصر من متاخمة سودان شيوعية لها!، وعودة نميرى إلى حكم السودان مرة أخرى بعد انقلاب نجح فى غيبته عن السودان، والقصة كلها تؤكد فضل حمروش الذى رحل عن دنيانا الأسبوع الماضي.