عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جلال عارف يكتب: هل يذهب حكام الخليج العربي إلى كامب ديفيد؟

جلال عارف
جلال عارف

.. ويستمر الرئيس الأميركي أوباما في سياساته المتخبطة تجاه المنطقة العربية والشرق الأوسط وفي آخر حوار له مع الصحافي الأميركي الشهير توماس فريدمان حول الاتفاق النووي بين بلاده وإيران وآثاره على المنطقة والموقف في الدول العربية، ويفاجئنا الرئيس الأميركي ـ كالعادة ـ بتوجهين مهمين لا بد لنا أن نضعهما في الحساب ونحن نتعامل مع هذه القضية المهمة ونحسب آثارها على الأمن القومي العربي.

** التوجه الأول جاء في مجال المحاولات المستميتة لإجهاض حملة نتانياهو على الاتفاق وتأثيرها على موقف الكونغرس المنحاز دوماً لإسرائيل، حيث أكد أوباما أن الاتفاق مع إيران سوف يؤدي إلى شيء مهم بالنسبة لإسرائيل، وهو سحب ملف القضية النووية من على طاولة المفاوضات! والأمر هنا لا يتعلق بفرض الرقابة على إيران وقصر برنامجها النووي على الأغراض العسكرية لعشر سنوات على الأقل، وإنما الأمر يتعدى ذلك إلى أن بقاء الملف النووي على طاولة التفاوض يعني ـ في النهاية ـ طرح السؤال المنطقي عن امتلاك إسرائيل السلاح النووي (!!) وعن حق باقي دول المنطقة في ضمان أمنها.. إما بامتلاك السلاح النووي مثل إسرائيل.. أو بإعلان المنطقة كلها منطقة خالية من السلاح النووي كما اقترحت مصر من سنوات!!

أميركا لا تريد أياً من الخيارين الشرعيين.. ولهذا تعتبر الاتفاق مع إيران إغلاقاً للملف، وضماناً لانفراد إسرائيل بامتلاك السلاح النووي في المنطقة، وهو ما ينبغي رفضه من جانب العرب وعلينا الآن التمسك بالحد الأدنى في هذا المجال، وهو ما وافقت عليه أميركا ودول الغرب بالنسبة لإيران، أي امتلاك المعرفة النووية واستخدامها سلمياً، والامتناع عن إنتاج السلاح النووي رغم امتلاك القدرة العلمية على إنتاجه!!

وقد كان لافتاً في هذا الأسبوع إعلان القاهرة أن ميزانياتها المقبلة تحتوي على أول اعتمادات لتنفيذ مشروع الضبعة النووي بعد تعطل دام لنحو خمسين سنة بسبب الضغوط التي نعرف جميعاً مصدرها وأسبابها، لكن الظروف تختلف الآن، والقرار بالمضي في المشروع النووي السلمي لم يعد محل جدل أو مساومة، ولعل الجهود تتكامل، في هذا المجال، بين مصر والإمارات والسعودية لتكثيف الجهد وتوحيد الهدف.

** النقطة الثانية في حديث أوباما التي لا بد من التوقف عندها هي تأكيده على ضرورة الحوار مع حلفاء أميركا من دول الخليج وعلى صعوبة هذا الحوار في الوقت نفسه، موضحاً أن «العرب السنة» يتعرضون لتهديدات خارجية حقيقية، لكن التهديد الأكبر لهم ينبع من السخط الداخلي (على حد زعمه!!) وليس من احتمال غزو إيراني.

ويتناسى أوباما أن السخط الداخلي في البلاد العربية كلها هو على سياسات بلاده التي طالما كررت تحالفها مع الدول العربية واستعدادها للدفاع عنها، ثم كانت النتيجة أن دعمت واشنطن حكم جماعة الإرهاب (مثل الإخوان) وقامت بنفسها بتدمير العراق (دولة وجيشاً) وتركت سوريا وليبيا رهن التدمير والفوضى، ووقفت تتفرج على الحوثيين وهم يسطون على حكم اليمن.

وتبقى النقطة الأهم وهي تركيز أوباما على «العرب السنة». وكأن المسيحيين العرب وباقي الأطياف لا تواجه حروب الإبادة في أنحاء الوطن العربي، من العراق إلى اليمن ومن سوريا إلى ليبيا، إلى باقي الوطن العربي الذي لم يعد فيه أحد بعيداً عن الخطر أو متمتعاً بحقه في الحياة والتقدم بفضل جهد أميركا ودعمها لجماعات الإرهاب.

ما يقوله أوباما هنا خطر.. لأنه يعني أن أميركا تحول

«الشيعة العرب» إلى «كارت» في يد إيران، وهو ما يرفضه الشيعة العرب قبل غيرهم، وهو أيضاً ما ينبغي أن يتنبه له رؤساء دول الخليج المدعوون للقاء أوباما في كامب ديفيد، عليهم من الآن أن يقولوا بوضوح إنهم يرفضون لقاء الرئيس الأميركي باعتبارهم ممثلي «العرب السنة»، كما يزعم أوباما في حواره الذي يكشف أن المستوى من اتفاقه مع إيران هو الأخطر، وأن عليه هو وإيران أن يدرك أن اتفاقهما ينبغي ألا يكون على حساب العرب، يتساوى في ذلك «العرب السنة» و«العرب الشيعة» والعرب من غير المسلمين.

لم يسع العرب يوماً للعداء مع جيرانهم بل كانوا على الدوام دعاة سلم، وساعين لحسن الجوار، لم يحتل العرب جزراً إيرانية بل العكس هو الصحيح، ولم يغتصبوا أرضاً ليقيموا عليها كياناً مصطنعاً برعاية أميركا والغرب بل فعلت ذلك إسرائيل، ولم يفعل العرب ما فعله الأتراك بامتلاك أجزاء من سوريا وبرعاية جماعات الإرهاب «من الإخوان إلى النصرة» بل دفع العرب الثمن ومازالوا يدفعون!!

لكن الرئيس الأميركي أوباما لا يرى شيئاً من ذلك، يستغرب من قلق العرب إزاء ما يمكن توقعه من إيران بعد صفقتها مع أميركا وحلفائها!! وكأن الرئيس الأميركي لم ير الجريمة التي ارتكبتها بلاده حين دمرت «الدولة» في العراق ثم سلمت لنفوذ طهران ولصراع الميليشيات التي تريد أن تحيي صراع السنة والشيعة لتدمر الوطن العربي والإسلامي كله.

وكأن الرئيس الأميركي لم ير مأساة شعب سوريا الشقيق الذي دفع حتى الآن ربع مليون قتيل وملايين المشردين ووطناً يتم تدميره بسبب الصراعات بالوكالة على أرضه، وكأن الرئيس الأميركي قد أصيبت عيناه بـ«الحوّل».. فيرى أن الخطر في دول الخليج هو من «السخط الداخلي» وليس من الخطر الخارجي. إذا كان أوباما يريد اللقاء بزعماء دول الخليج العربي في كامب ديفيد لكي يكرر هذه الرؤية الجاهلة بأحوال المنطقة والمنحازة ضد شعوبها بل وضد مصالح أميركا نفسها.. فعليه أن يوفر جهده لما هو أجدى وعليه أن يدرك أن حكام الخليج العربي لن يتركوا المنطقة وهي تشتعل بنيران الفتنة وتعاني من عصابات الإرهاب لكي يسمعوا من الرئيس الأميركي قصائد غزل في الحليف الإيراني الجديد.
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية