رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سيد ضيف الله يكتب: في العلاقة مع الإخوان في مصر

بوابة الوفد الإلكترونية

واحد من أهم أسباب إعاقة الإخوان لحركة الدولة الوطنية على طريق التحديث السياسي والتنمية الاقتصادية، هو فشلهم في تقديم اجتهادات فقهية تواكب مواقفهم السياسية وتنقلهم المكوكي بين الاغتيالات السياسية والمشاركة في العملية السياسية.

والملحوظ أن مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية سواء في مصر أو العالم العربي تنحو في دراستها لخطاب الإخوان إما نحو النقد والهجوم أو الدفاع والمدح، وبالتالي فلو تغيرت الوجهة في هذه المراكز البحثية وأصبح من أهدافها دراسة الخطاب الإخواني بهدف مساعدته على تقديم اجتهادات في القضايا المفصلية لكان ذلك خدمة جليلة ليس لشباب الإخوان، وإنما للمجتمع ككل.

من المعلوم أن هناك محاولات فردية من خارج الإخوان تصدت بالبحث لقضايا عزف الإخوان عن الإدلاء بالقول فيها حتى لا يؤخذ قولهم حجة عليهم حين تتغير الظروف، لكن الواقع يفرض التحول من الجهود الفردية إلى الجهود المؤسسية، فضلاً عن أن النهر جرت فيه مياه كثيرة تفرض على أصحاب هذه المحاولات البحث في أسباب فشل جهودهم في إقناع شباب الإخوان والتيارات الإسلامية في مصر على الأقل بما قدموه من اجتهادات في تلك القضايا. ومن هذه القضايا المفصلية التي يحتاج فيها الخطاب الإخواني إلى عون بحثي سياسي وفقهي جاد هو كيفية التحول من فكرة الخلافة إلى فكرة الدولة الوطنية، مع ما يستلزمه ذلك من اجتهادات فقهية قادرة على مواجهة الأسس الفقهية التي تقوم عليها فكرة الخلافة كقاسم مشترك بين الإخوان وجل تيارات الإسلام السياسي السلمي منها وغير السلمي! ومن المؤكد أنه سوف يترتب على ذلك التحول أفكار أخرى تحتاج لأسس فقهية ناتجة من اجتهادات وحيثيات سياسية مقنعة، ومنها التحول من فكرة التراتبية على أساس الانتماء الديني المصاحبة لسياق الخلافة إلى فكرة المساواة بين المواطنين اللازمة لسياق الدولة الوطنية، بما يكفل النظر لجميع المواطنين على أنهم كاملو الأهلية السياسية من دون تمييز على مستوى النظرية أو الممارسة.

بالإضافة إلى ذلك، تبقى المرأة وقضيتها مناط الحكم على جدية أي اجتهاد فقهي وسياسي، فثمة حاجة ماسة لتغيير النظرة الى المرأة من اعتبارها أداة تنظيمية إلى النظر إليها بوصفها مواطناً كامل الأهلية السياسية من دون انتقاص على مستوى النظرية أو الممارسة.

إن هذه المساعدات الفكرية التي يحتاجها الخطاب الإخواني وغيره من خطابات التيارات الإسلامية أكثر نفعاً من المساعدات المادية التي يقدمها لهم أنصارهم لأنها ستعيد لهم إمكانية العودة إلى التاريخ، وهي أكثر نفعاً من استسهال المواجهة الأمنية والاتهام السياسي لأنها ستمكن الدولة من توظيف خصمها السياسي في خدمة أهدافها الوطنية على المدى البعيد.

ومن المؤكد أن كل هذه الاجتهادات الفقهية

والتخريجات السياسية المطلوبة لا تكفي لإقناع شخص تربى على عدم احترامه لهويته الفردية في تعامله مع الهوية الجمعية التي ينتمي إليها سياسياً. فتربية العضو السياسي على الطاعة العمياء نافعة للتنظيمات الشمولية التراتبية لكنها بداية النهاية لأي تنظيم سياسي في وقتنا الحالي. ولا شك في أن هذه السمة غير مقصورة على تنظيم الإخوان. فمخاطر تهديد الهوية الفردية في المجتمع المصري وفي العالم العربي كذلك تحتاج إلى عملية إصلاح ثقافي وتعليمي وليس مجرد اجتهادات فقهية. ففي ظل مجتمع يعزز ثقة أفراده بهوياتهم الفردية، تتضاءل فرص نشوء التنظيمات الشمولية حيث يصبحون أكثر مناعة ضد الاستبداد السياسي والديني في آن.

وفي الوقت نفسه، يجب القول إن قدرة شبان الإخوان على استقبال تلك الأفكار والتعاطي معها بإيجابية مرهونة بما يجب أن يجري على الأرض المصرية من تجفيف منابع الثقافة المكارثية المتبادلة، والأهم الحاجة الى مشروع وطني يكتسب به النظام السياسي الحالي في مصر شعبية ليست بين مناصريه التقليديين، وإنما بين معارضيه. فمصر رغم حاجاتها الماسة الى مشاريع تنموية وحاجتها للعمل ليل نهار لتأمين حدودها والحفاظ على أمنها القومي، فإن استعادة الثقة في القضاء المصري وإعادة الاعتبار للمواطن المصري في علاقته برجال الشرطة هو المشروع الأكثر إلحاحاً لمصر دولة ونظاماً وشعباً.

إن هذا التصور لتوظيف المجتمع المصري للإخوان ليكونوا في خدمته على المدى البعيد يصب في صالح المجتمع والدولة. أما المصالحة السياسية الفوقية المعزولة عن تلك الاستراتيجية المجتمعية فقد تصب موقتاً فقط في صالح النظام السياسي، لكنها لن تكون في مصلحة المجتمع على المدى البعيد. وأعلم أن السياق السياسي غير مواتٍ لطرح مثل هذه الأفكار، لكنني أعتقد أن المستقبل سوف يفرضها!

نقلا عن صحيفة الحياة