رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إلياس سحاب يكتب : النتائج المتأخرة لكامب ديفيد

بوابة الوفد الإلكترونية

يحلو لبعض الكتاب، داخل مصر وخارجها، أن يرتكبوا ويرددوا من وقت لآخر، عملية تزوير كبرى لتاريخ مصر المعاصر، فيكتبون ما معناه أن هزيمة 1967 هي خلاصة عهد عبدالناصر، ونصر أكتوبر 1973 هو خلاصة عهد السادات .

يحاول هذا التزوير أن يطمس أمجد سنوات عبد الناصر الثلاث الأخيرة، بين الهزيمة والرحيل، من عملية بناء جيش مصر العصري، إلى إقامة جدار الصواريخ في موازاة جبهة قناة السويس، إلى حرب الاستنزاف المجيدة، إلى وضع الخطط الكاملة لحرب التحرير، وكلها إنجازات كانت هي المسؤولة مباشرة عن النتائج العسكرية الأولى لحرب 1973 .
أما النتائج السياسية الناجمة عن إجهاض خطط عبد الناصر الأصلية لحرب العبور والتحرير، فهي التي تنتسب إلى السادات فعلياً، باعتبارها مقدمة طبيعية لاتفاقية كامب ديفيد، التي أخرجت سيناء طوال أربعين عاماً من الحضن الاستراتيجي للوطن المصري، حتى وصلنا الآن إلى الوضع الكارثي لشبه جزيرة سيناء، الذي يهدد مصر بأوخم العواقب، ويستنزف منها الكثير من طاقات النمو والازدهار .
لقد تنبه المسؤولون في مصر أخيراً إلى أن الاكتفاء بالمعالجة الأمنية لمشكلات سيناء، هو عملية ناقصة لا طائل منها، إذا لم نتنبه إلى الوضع المختل منذ أربعين عاماً في شبه الجزيرة الشمالية من مصر .
فلقد اكتشف الجميع مؤخراً، وبعد مرور أربعين عاماً على اتفاقية كامب ديفيد، أن إخراج سيناء من السيادة الوطنية الكاملة لمصر، لم تكن النتيجة الكارثية الوحيدة، لهذه الاتفاقية المشوهة التي أبرمها أنور السادات قد اكتملت بجعل شبه جزيرة سيناء، كأنها أرض خارجة تماماً عن الرعاية المصرية (وليس السيادة فقط)، وذلك حرصاً على أمن "إسرائيل"، الذي لا بد من صيانته، حتى ولو على حساب تخريب وتدمير كل جوارها العربي .
وها نحن نكتشف عمليا، بعد مرور حوالي أربعين عاماً، أن الإهمال الكامل المتعمد لأحد أخطر أجزاء الوطن الاستراتيجية، قد حولها إلى أرض سائبة، يشعر مواطنوها أولاً بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية، في منطقة استراتيجية حساسة، طالما شكلت مصدراً للأخطار الأمنية التي هددت مصر طوال التاريخ .
حسناً فعل المسؤولون المصريون عندما

تنبهوا أخيراً إلى أن تنمية سيناء، لا تقل أهمية وخطورة، عن خطط المقارعة الأمنية لفلول الإرهابيين الذين وجدوا في سيناء كامب ديفيد المتروكة خير ملجأ لهم، وخير قاعدة يترعرعون فيها ويمارسون ما يحلو لهم من خطط سياسية وأمنية .
فمن ممارسة ثنائية الأمن - التنمية، لا بد للمسؤولين المصريين أن يكتشفوا كل الثمار المدمرة التي فرختها ورعتها اتفاقية كامب ديفيد على حدود مصر الشمالية الحساسة مع دولة العدوان "الإسرائيلي" .
لقد جعلت الاتفاقية الخرقاء التي أبرمها أنور السادات، أشبه بالنعامة التي تعتقد أنها ألغت المخاطر "الإسرائيلية"، لمجرد غض النظر عنها .
إن قيام السلطة في مصر بمعالجة مشكلات شبه جزيرة سيناء من جذورها العميقة، لا بد من أن يقود هذه السلطات إلى اكتشاف علاقة السبب والنتيجة بين اتفاقية كامب ديفيد، والمخاطر التي تهدد الوطن المصري برمته، انطلاقاً من جبهته الشمالية .
وفي اعتقادي أن الغوص المصري الرسمي في معالجة أوضاع سيناء الشاذة، سيؤدي بالتدرج إلى استعادة العلاقة الطبيعية للدولة المصرية بقضية فلسطين، وعودة مصر بذلك، إلى ممارسة كاملة لدورها العربي، الذي ترك فراغاً عظيماً منذ توقيع اتفاقيات كامب ديفيد .
وسرعان ما يكتشف المسؤولون في مصر، أن استعادة سيناء إلى حضن مصر استعادة كاملة هي المدخل الوحيد لحل كل مشكلاتها، بالمعنى الوطني الكامل، وليس بالمعنى الأمني فقط .
نقلا عن صحيفة الخليج