عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عماد عريان يكتب : .. وضاعت الثورة !

بوابة الوفد الإلكترونية

في مثل هذا اليوم قبل أربع سنوات 11 فبراير2011 تنحى حسني مبارك عن الحكم في واقعة فريدة بعدما خرج الشعب بمختلف طوائفه وفئاته يدافع عن حقه في الحياة والبقاء في مشاهد ثورية قلما عرفت البشرية مثيلا لها عبر كل العصور، وكأن ملائكة من السماء قد أرسلت إلى ميدان التحرير في قلب القاهرة لتصنع هذه المعجزة الإنسانية العظيمة.

ولكن بقدر عبقرية هذا الحدث بقدر الآلام التي عصفت بالنفوس والقلوب والعقول نتيجة الارتباك السياسي والانفلات الأمني والأخلاقي في الشهور التالية، لتعيش مصر أياما صعبة تحول الكثيرون خلالها إلى كتل انتهازية، الكل يبحث عن نصيبه في الكعكة بدون النظر إلى المصالح العليا للدولة.
وسوف تستمر الكتابة عن الثورة وما أعقبها لسنوات مقبلة بقدر ما ستستمر الكتابة عن النظام السابق وأسراره لسنوات عديدة أيضاً.
فما حدث بالفعل هو أقرب ما يكون إلى العمل الأسطوري، أن تقوم ثورة شعبية بهذا الحجم دون قيادة سياسية حقيقية منظمة، وتنتهي بخلع النظام ووضع كل قياداته خلف القضبان.
ولكن الثورة ذاتها ستحير العالم كثيراً، لأنها على وجه التقريب الثورة الأولى التي تعرف معنى الفشل والهزيمة والاختطاف في نفس يوم نجاحها، يوم غادر الشباب أبطال الثورة الحقيقيون،الميدان دون أن يحصدوا ثمار نجاحهم ، وشهدت هيمنة"إخوانية" صريحة على الثورة والميدان،هي الجمعة التي ُضرب فيها وائل غنيم أحد رموز الثورة ومنعه محمد البلتاجي من الصعود للمنصة لإلقاء كلمة الشباب.
وهي الجمعة التي خاطب فيها يوسف القرضاوي الملايين في ميدان التحرير بعد عودته من الخارج ووصف الكاتب محمد حسنين هيكل المشهد بأنه يماثل عودة الخميني من الخارج إلى طهران عام 1979 زعيما للثورة "الإسلامية" في إيران. في تلك الجمعة ُخطفت الثورة من أصحابها الحقيقيين لتدخل مصر في متاهة جديدة وتخرج من ديكتاتورية سياسية لتواجه فاشية دينية.
وأستأذن القارئ العزيز في أن أقتبس بعض ما كتبت في "الأهرام" في مايو 2012 بعد الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وأظنها كلمات عبرت عن الموقف بشكل دقيق خاصة وأنها كانت بعنوان" الشعب أسقط الإخوان": فبعدما استحوذ الإخوان على بعض مؤسسات الدولة عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير، ‏أو وهم في طريقهم نحو الهيمنة السياسية المطلقة على مقدرات الدولة لم يترددوا في مراحل عديدة في التضحية بأقرب شركائهم في الثورة ومنهم شباب الائتلافات الثورية أنفسهم.
وجاء رد الفعل من جانب الشباب منطقيا عندما حاصروا البرلمان في أولى جلسات انعقاده في مجموعات ضخمة مرددين بأعلى أصواتهم ومن قلوبهم: الشعب يريد إسقاط الإخوان، وفي مرحلة تالية وعندما اتضحت للشعب التوجهات السلطوية للإخوان ومحاولتهم الهيمنة على المؤسسات

كافة، خاصة في مسألة اللجنة التأسيسية للدستور تزامنا مع صدام بعض الفئات مع المجلس العسكري خرجت مظاهرات لبعض القوى السياسية تهتف:"همه اتنين مالهمش أمان حكم العسكر والإخوان".
ويعكس ذلك بوضوح حجم التراجع في مكانة الإخوان بعدما حاولوا تكريس كل المكاسب الثورية لمصلحة الجماعة وحزبها الجديد.
إلا أن النتائج الأخيرة للجولة الأولى للانتخابات الرئاسية كشفت بوضوح عن المكانة الحقيقية للإخوان في المجتمع المصري، فنسبة 25% التي حصل عليها المرشح محمد مرسي هي أقصى درجات التأييد الشعبي للإخوان ومرشحهم بين المصريين وسط التوجهات السياسية المتعددة التي خاضت غمار الانتخابات، مع الأخذ في الاعتبار أن كل من صوت لصالح مرشحهم ليس بالضرورة عضوا بالجماعة أو مواليا لها ولكن على أقصى تقدير قد يكون متعاطفا معها.
وأغلب الظن أن الجماعة وحزبها قد أدركا هذه الحقيقة الواضحة وضوح الشمس مما يفسر حالة الذعر التي هيمنت على الجماعة وكوادرها ودفعتهم إلى السير في كل اتجاه وخطب ود مختلف القوى السياسية للخروج من هذا المأزق الخطير.
ويبدو أنهم الآن على استعداد لإبرام أي صفقات لتأمين طموحاتهم السلطوية، وهم يراهنون حاليا على القوى الثورية التي خرجت تهتف بسقوطهم بعد اكتشاف حقيقتهم. فإذا وافق الثوار على الصفقة فلا شك في أنهم سيخسرون كثيرا بضياع مصداقيتهم مع سقوط الإخوان الذي أعلنه الشعب صراحة ومن قبله شباب الثورة.
تلك كانت كلمات منشورة في ظل عنفوان الإخوان وقبل أكثر من عام من سقوطهم المدوي رسميا وشعبيا، ومضت الأيام لتؤكد صحتها. وإذا كانت مصر شهدت سنة سوداء من حكمهم فرب ضارة نافعة، فقد سقطت كل الأقنعة ونزعت عنهم كل أوراق التوت ولفظهم الشعب وخلعهم- وللأبد- في ثورته التصحيحية يوم 30 يونيو2013.
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية