رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عوني فرسخ يكتب : هل حقاً فشل التيار القومي العربي ؟

بوابة الوفد الإلكترونية

في أعقاب رحيل عبدالناصر وانقلاب السادات على النهج الناصري، وافقاده مصر دورها القومي انحسر المد القومي العربي . مقابل بداية صعود التيار الإسلامي، فضلاً عن شيوع الخطاب القطري المغرق في قطريته،

وتوالي الاعترافات الرسمية في "إسرائيل" والتطبيع معها، وتمدد النفوذ الأمريكي . وما بدا من ارتداد قطاع غير يسير من النخب الفكرية والسياسية عما كانت تعلنه من انتمائها للتيار القومي العربي . وفي الواقع المستجد تعدد القائلون بفشل التيار القومي العربي . بل ووجد بين الإعلاميين من راح يتحدث عن موت العروبة وانطفاء حلم الوحدة .
والسؤال بالتالي: هل حقاً فشل التيار القومي العربي في أداء رسالته في التحرر والوحدة والتقدم، وتوفير ضمانات حماية إنجازاته وتأمين مساره المستقبلي، أو أنه هو وحده المؤهل لانتشال الشعوب العربية مما أوقعتها فيه سياسات وممارسات سنوات ما بعد عبدالناصر، بحيث غدا معظمها فاقداً المنعة امام المداخلات الخارجية واحتمالات التفجير الاجتماعي؟
سؤال في محاولة الإجابة عنه نذكر بداية أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية سنة ،1945 وحتى مطلع سبعينات القرن العشرين كانت الأحزاب والحركات والشخصيات السياسية والفكرية قومية التوجه والالتزام هي الأكثر فعالية وحضوراً في أغلبية الأقطار العربية، في التصدي لمشروعات الأحلاف الاستعمارية والمبادرات الأمريكية لتوطين اللاجئين وتصفية القضية الفلسطينية، كما توالت مواجهة المشروع الصهيوني، بينما شهد الفكر القومي العربي تطوراً كيفياً من العفوية إلى الوعي العلمي لمشكلات المجتمع العربي، وما يواجهه من تحديات داخلية وخارجية . باعتماده المفاهيم القومية الستة في التحرر والوحدة والديمقراطية والتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية والتجدد الحضاري بحيث امتلكت الحركة القومية المبادرة الاستراتيجية في الإقليم العربي، فضلاً عن دورها القيادي في حركة عدم الانحياز .
وثاني ما نُذكّر به أنه في التصدي لما واجهته الحركة القومية العربية من تحديات خارجية، طرحت فكرة "الحركة العربية الواحدة" . وليحصن عبدالناصر النظام ضد خطر "الطبقة الجديدة" من فاسدي المؤسسة العسكرية، ومفسدي القطاع العام وحملة الأقلام الذين تعارضت مصالحهم مع توجهات النظام أقر سنة 1965 تشكيل "التنظيم الطليعي" من أعضاء جرى العمل على تنمية وعيهم، بما يمكنهم من التحرك الواعي محلياً وقومياً، إلى جانب تدريبهم على ممارسة الكفاح المسلح إن دعت الضرورة لذلك . ويُذكر لشباب التنظيم الطليعي تصديهم الجريء لمحاولة التطبيع التي فرضها السادات بعد توقيعه اتفاقية كامب ديفيد . كما يُذكر لهم تشكيلهم حركة "كفاية" سنة 2005 التي تصدت لمحاولة توريث جمال مبارك وللفساد المستشري في عهد والده . وكانوا بين قادة ثورتي 25 يناير/ كانون الثاني 2011 و30 يونيو/ حزيران 2013 .
وثالث ما نُذكّر به توالي عقد مفكري ونشطاء التيار القومي عدداً من الندوات الفكرية، بمبادرة "مركز دراسات الوحدة العربية"، شارك فيها عدد من مفكري ونشطاء التيارات "الإسلامي والليبرالي، والماركسي"، قامت بمراجعات عميقة للفكر والعمل القومي، ولمشكلات المجتمع العربي وما يواجهه من تحديات في الحاضر والمستقبل، بدءاً من ندوة: القومية العربية في الفكر والممارسة سنة ،1980 ثم ندوة: القومية العربية والإسلام سنة 1981 . فندوة: مصر والعروبة وثورة يوليو سنة 1982 . وندوة: جامعة الدول العربية، الواقع والطموح سنة 1983 . وندوة الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي سنة 1983 . وندوة الوحدة العربية تجاربها وتوقعاتها سنة 1989 . والعرب ومواجهة "إسرائيل"، احتمالات المستقبل، ونحو استراتيجية وخطة عمل سنة 2000 . وندوة: حل الدولة الواحدة للصراع العربي - "الإسرائيلي"، بلد واحد لكل مواطنيه . وكانت دار المستقبل العربي بالقاهرة قد عقدت سنة 1987 ندوة: 23

يوليو تحديات الحاضر واحتمالات المستقبل . وقد توفرت للباحثين والمناقشين حرية واسعة واحتراماً لتباين وجهات النظر، دلالة التزام التيار القومي العربي بحرية الفكر والديمقراطية . وكان مركز دراسات الوحدة العربية قد عهد لنحو مئة وخمسين عالماً مختصاً استشراف المستقبل العربي، كما أنه عقد ندوة شارك فيها نحو مئتي باحث مختص لإعداد المشروع النهضوي العربي، ثم وزعت مسودة المشروع على مئتي باحث لمناقشتها وإعداد مسودة ثانية . وقد صدرت جميع أبحاث ومناقشات الندوات سابقة الذكر في كتب عن مركز دراسات الوحدة العربية بما وفر للباحثين مراجع على قدر عال من العلمية والموضوعية .
كما أصدر المركز كتباً تناولت موقف فرنسا وإيطاليا وألمانيا من الوحدة العربية 1919 - 1945 ، وفرنسا والوحدة العربية 1945 - 2000 وألمانيا والوحدة العربية 1945 - ،1995 وبريطانيا والوحدة العربية 1919 - ،1995 وأمريكا والوحدة العربية 1919 - ،1982 وكان المركز قد والى إصدار مجلة "المستقبل العربي" شهرياً مفسحة المجال لمشاركة باحثين من مختلف ألوان الطيف السياسي والفكري العربي . كما أصدر سلسلة "أوراق عربية" المعنية بنشر مادة فكرية ميسرة لأوسع قاعدة من القراء، وتنمية تقاليد القراءة لدى الشباب . كما أقام المركز "المؤسسة العربية للترجمة" .
ورابع ما نُذكّر به اعتماد رموز التيار القومي العربي العمل المؤسسي . فإلي جانب تأسيس مركز دراسات الوحدة العربية، أقاموا "المؤتمر القومي العربي" الذي يعقد سنوياً بحضور أعضاء من معظم الاقطار العربية، يناقشون تقرير حال الأمة السنوي، وغيره من أبحاث المشاركين . ومن خلال المؤتمر القومي جرت إقامة "المؤتمر القومي- الإسلامي" . و"مؤتمر الأحزاب العربية" و"المؤتمر العربي العام" . و"مخيم الشباب القومي" للتواصل مع الأجيال الجديدة وحوارها في القضايا الوطنية والقومية . والجدير بالتنويه أن جميع الأنشطة سابقة الذكر تمول ذاتياً، من دون أي دعم مشروط رسمي عربي وأجنبي . ما حفظ لكافة الأنشطة القومية حرية الإرادة واستقلالية القرار، والجرأة والموضوعية في تناول القضايا العربية كافة .
وفي ضوء ما سبق يتضح عدم تاريخية وموضوعية الزعم بموت العروبة وانطفاء حلم الوحدة . بل وصحة القول إن التيار القومي العربي وحده المؤهل راهناً للتقدم بشعوب الأمة العربية على الطريق الطويل والصعب لتجاوزها واقع التجزئة والتخلف والتبعية، وما يتهدد وحدة ترابها الوطني ونسيجها الإجتماعي .
نقلا عن صحيفة الخليج