عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عثمان ميرغني يكتب : أخطر الحروب المقبلة

عثمان ميرغني
عثمان ميرغني

دخلت الإنترنت كل جوانب حياتنا تقريبا، وتزايد اعتمادنا عليها حتى بات من الصعب على الإنسان في يومنا هذا أن يتخيل حياته من دونها.

فحسب تقارير الاتحاد الدولي للاتصالات سيصل عدد مستخدمي الإنترنت إلى 3 مليارات بنهاية العام الحالي، أي نحو 43 في المائة من تعداد البشرية. من بين هذا العدد هناك أكثر من ملياري مستخدم للبريد الإلكتروني، ومليار شخص يستخدمون الـ«فيسبوك»، و200 مليون يستخدمون «تويتر» يرسلون نحو 175 مليون تغريدة يوميا. استخدام الإنترنت لا يتوقف بالطبع على هذه الأنشطة، بل بات جزءا من معظم العمليات التي يقوم بها الإنسان المعاصر، سواء كانت سحب نقود من البنك، أو حجز تذكرة طيران أو غرفة فندق، أو البحث عن معلومة أو خبر.
عندما طلب من عينة من الناس في استطلاع للرأي شمل عدة دول أن يتخيلوا حال العالم بلا إنترنت، قال 64 في المائة من المشاركين إنهم لا يتخيلون حياتهم من دون الإنترنت. هذه النسبة العالية ليست مستغربة لأن شبكة الإنترنت أصبحت تتحكم في كثير من تفاصيل الحياة اليومية، ليس فقط في مجال التواصل الاجتماعي، أو البحث في «غوغل» أو «ويكيبيديا»، أو مشاهدة مقاطع الفيديو على الـ«يوتيوب» أو من خلال استخدامات الهواتف الذكية، بل أيضا في مجالات أخرى مهمة وحساسة؛ فالإنترنت تدخل في صميم حركة العمل في أي دولة، بل وفي أمنها العسكري والاقتصادي، والسياسي أيضا.
قبل أيام تعطلت حركة الملاحة الجوية في مطار هيثرو اللندني، أحد أكثر مطارات العالم ازدحاما، بسبب عطل في كومبيوتر مركز التحكم في حركة الملاحة الجوية، مما دفع السلطات إلى فتح تحقيق عاجل لمعرفة الأسباب ومنع تكرار أعطال كهذه يمكن أن تؤدي إلى كوارث جوية. في أميركا أعلنت دور السينما إلغاء العروض الافتتاحية التي كانت مقررة اليوم الخميس لفيلم يسخر من كوريا الشمالية ويصور مخططا لاغتيال زعيمها. وجاء قرار الإلغاء بعد تهديدات أطلقتها جماعة قرصنة إلكترونية حذرت فيها دور السينما التي تعرض الفيلم من عملية شبيهة بهجمات سبتمبر (أيلول) 2001. اللافت أن الفيلم من إنتاج شركة سوني العملاقة التي تعرضت قبل أسابيع لأخطر عملية سطو إلكتروني على كل معلوماتها ومراسلاتها الداخلية التي نشرها القراصنة على الإنترنت.
السؤال الذي يشغل بال الكثيرين في مراكز صنع القرار ودوائر الأمن والدفاع والاستخبارات هو ماذا سيحدث لو شلت شبكة الكومبيوتر على نطاق أوسع، أو تعرض بلد لهجوم إلكتروني منسق تشنه دولة أو عصابات إجرامية أو إرهابية؟
خدمات أساسية مثل خدمات البنوك أو شبكات الكهرباء أو خطوط الطيران والملاحة الجوية ستتعطل وتعرض الحياة لشلل خطير. الخسارة على القطاعات المالية والاقتصادية ستكون كارثية وستؤدي إلى انهيار وإفلاس ملايين الشركات، وفقدان ملايين البشر لأعمالهم ووظائفهم، وربما تنهار أسواق المال تماما ويقع العالم في قبضة كساد كبير.

سيناريو الرعب هذا لم يعد ضربا من ضروب الخيال أو شيئا من وحي أفلام هوليوود، فالخطر أصبح حقيقيا مع تكرار حوادث القرصنة الكومبيوترية المنظمة، والاتهامات لدول بشن هجمات كومبيوترية، ولجوء كثير من الدول «المتقدمة» إلى إعداد خطط طوارئ لمواجهة مثل هذه الهجمات وتشكيل وحدات متخصصة للدفاع أو الهجوم في حال اندلاع حرب إلكترونية.
أميركا، على سبيل المثال، حذرت منذ أكثر من سنتين من هجمات إلكترونية «بخطورة بيرل هاربر»، وذلك في إشارة إلى الهجوم المباغت الذي شنته طائرات يابانية على القاعدة العسكرية الأميركية في هاواي، مما أدى إلى دخول الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية. وتحدث مسؤولون أميركيون عن سيناريو هجمات تشنها دول أو عصابات وتستهدف فيها مؤسسات مالية أو حكومية أو خدمات حيوية مثل شبكات الكهرباء والمياه والنقل، مما يدفع أميركا للرد والدخول في حرب إلكترونية دفاعية أو هجومية ضد بلد أو منظمات أو عصابات.
أميركا ليست وحدها في هذا المجال؛ فهناك دول أخرى تعرضت لهجمات إلكترونية، من بينها دول عربية، وهناك شكاوى مستمرة من عمليات منظمة تقف وراءها دول ومؤسسات كبرى بهدف التجسس الصناعي وسرقة المعلومات. أخطر من ذلك الهجمات الفيروسية التي تشن على دول أو مؤسسات بهدف تخريب شبكاتها، أو سرقة معلوماتها، أو تعطيل خدماتها؛ ففي الشهر الماضي، على سبيل المثال، أعلن عن اكتشاف «فيروس» جديد أطلق عليه اسم «ريجين» يقوم بالتجسس على الأجهزة والشبكات التي يخترقها بهدف جمع المعلومات من دون الإضرار بهذه الأجهزة أو تخريبها مثلما كان الحال مع فيروس «ستكسنت» الذي ضرب إيران في عام 2012 وخرب الأجهزة في منشآت نووية.
العالم يتجه تدريجيا نحو نوع جديد من الإرهاب والحروب.. نوع لا تطلق فيه رصاصة واحدة، لكن حجم خسائره قد يتجاوز كل ما عرفه الإنسان في الحروب التقليدية.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط