رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

جلال عارف يكتب : مصر تتحرك بثقة.. والكرة في ملعب الآخرين

بوابة الوفد الإلكترونية

كان إيجابياً للغاية أن تتضمن قرارات الدوحة ليس فقط الإشارة للعلاقات الوطيدة بالشقيقة الكبرى مصر، وإنما تأكيد الدعم لخطوات خريطة المستقبل وقيادة الرئيس السيسي لتنفيذها الذي كاد أن يكتمل بإجراء الانتخابات البرلمانية.

بالنسبة للقاهرة فإن موقف معظم دول مجلس التعاون لا يحتاج لتأكيد في دعم مصر (وخاصة الإمارات والسعودية).. لكن الإشارة هنا تعني الشقيقة قطر والتي أظن أن الظروف كلها لابد أن تكون قد أعطتها تأكيداً بأن عدم الالتزام بالتعهدات المقطوعة في قمتي الرياض والدوحة لم يعد ممكناً تمريره، وأن الخاسر الوحيد في هذه الحالة سوف يكون من يخرج على الإجماع، ومن يصر على الخطأ في وقت تتعرض فيه الأمة كلها (وليس الخليج العربي فقط) لأفدح الأخطار.
القاهرة تنتظر وترى، كما قال الرئيس السيسي قبل ذلك، وهي في الوقت نفسه تمضي في طريقها. تخوض الحرب الشرسة ضد الإرهاب، وتتعامل مع تحديات سياسية واقتصادية وعسكرية كبيرة.
قبل أيام وفي لقاء السيسي بالقيادات الصحافية المصرية كان مدركاً تماماً لحجم المسؤولية التي تواجهها مصر بقيادته، وفي حواره معنا في أنه اختار الطريق الصعب وهو طريق الحسم في التعامل مع المشكلات الصعبة التي ورثتها مصر من أربعة عقود من التراجع، وتعرف القاهرة أن المحاولات ستستمر لتعطيلها عن تنفيذ برنامجها الوطني وخططها لترسيخ بناء الدولة.
وتعرف القاهرة أنه - رغم كل الصعوبات والتحديات - فإن هناك الكثير مما يقلق أعداءها ويجعلهم يشددون الحملة عليها بعد أن أفلتت من المصير الذي كانوا يخططون له لإلحاقها بالعراق وسوريا وليبيا واليمن، ولجعلها الأساس في حالة الفوضى المطلوبة، والقاعدة لحكم يعيد العالم العربي إلى العصور الوسطى بقيادة الإخوان وحلفائهم.
ثم تطبيق الخريطة الجديدة للمنطقة بعد إغراقها في مستنقع الحروب الطائفية والصراعات المذهبية.
وتعرف مصر أن استعادتها لدورها العربي، ومحاولاتها لإنهاء المأساة في سوريا بحل سلمي، ولغلق الطريق أمام مؤامرة تحويل ليبيا إلى قاعدة لجماعات الإرهاب. لا تتوافق مع إرادة أطراف المؤامرة والتي رأت أن مصر قد أصبحت في حوزتهم، وأن الجائزة الكبرى قد سقطت في أياديهم!!
وتعرف مصر أن خروجها من قفص التبعية وقيودها يقلق الكثيرين بعد 40 عاماً من (90% من أوراق اللعبة في يد أميركا) وأن توجهها لإقامة علاقات متوازنة تؤكد فيها استقلال إرادتها وانحيازها فقط للمصالح المصرية والعربية لن يمر بسهولة.
كما لم يمر بسهولة بعد ثورة يوليو التي قادت حركة التحرر والاستقلال في العالم العربي وكانت فيها قيادة جمال عبد الناصر هي التعبير عن هذه الإرادة الشعبية في مواجهة من تصوروا أن الاستعمار باقٍ للأبد، وأن القواعد العسكرية الأجنبية يمكن أن تحمي حكاماً فقدوا ثقة شعوبهم، وأن «العروبة» خرافة لأن التجزئة هي الواقع الذي ينبغي أن يستمر كما فرضه سايكس - بيكو قبل ما يقرب من قرن من الزمان.
لهذا كله.. تعرف القاهرة أن حربها ضد الإرهاب ستستمر طويلاً، بل تتوقع أن تزداد هجمات الإرهاب شراسة بعد أن «بشرتنا!!» أميركا بأنها اكتشفت أخيراً جداً أن هناك معسكرات لتدريب الإرهابيين في شرق ليبيا وعلى مقربة من حدود

مصر.
تعرف القاهرة أن الحملة الإعلامية لترويج الأكاذيب في مصر لن تتوقف، ولكنها تعرف أن مصر التي استعادت الدولة والثورة في 30 يونيو لن تفرط فيهما مرة أخرى بأي ثمن.
ولهذا كله.. تعاملت مصر بهدوء كامل مع حكاية «غلق السفارات» التي بدأتها بريطانيا، وتبعتها استراليا وكندا، والتي تم تصويرها إعلامياً على أنها ضربة لاستقرار مصر وإعلان عن عدم استتباب الأمن فيها.
رغم أن مباني هذه السفارات لا تبعد إلا خطوات قليلة عن مبني السفارة الأميركية التي تباشر أعمالها بصورة اعتيادية!! وقد تعددت الروايات عن أسباب تعليق هذه السفارات لأعمالها، وإن كان المؤكد أن القرار ترافق مع صدور حكم قضائي في دعوى أقامها أهالي المنطقة، يقضي بفتح بعض الشوارع التي كانت مغلقة أمام مرور السيارات.
وربما تكون هذه السفارات لم تستعد لهذه الخطوة وإن كان الأمن المصري قد بادر بالتعامل مع الأمر بعد الحكم القضائي خاصة أن المنطقة شديدة الحساسية لقربها من العديد من المنشآت المهمة وفي مقدمتها رئاسة الحكومة ومبنى البرلمان.
ورغم أن الخطوة اعتبرت تصعيداً مبالغاً فيه من جانب هذه الدول، ورغم المخاوف من تأثير الضجة المتعمدة حول القرار على موسم سياحي شتوي بدا واعداً. إلا أن القاهرة تعاملت بهدوء وثقة، فهي لا تريد لأي طرف أن يعرقل خطواتها.
سواء في حربها ضد الإرهاب أو في تصديها للأوضاع الاقتصادية، أو في استكمال خريطة الطريق وإجراء الانتخابات البرلمانية في موعدها، أو في تحركها الخارجي على مختلف الجبهات ولا شك أن تحركاً بحجم زيارة السيسي للصين بعد أسبوع أو زيارة الرئيس الروسي بوتين المرتقبة لمصر مطلع العام المقبل لن تريح الكثيرين ممن كانوا قد اطمأنوا لمصر بلا دور فاعل أو راهنوا على مصر يقودها إخوان الإرهاب إلى ظلام العصور الوسطى.
مصر تتحرك بهدوء وثقة رغم كل التحديات، وتترك للآخرين أن يحددوا مواقفهم. لا تنسى أبداً من وقف في الأوقات الصعبة، وتترك الفرصة لمن أخطأ لكي يصحح خطأه، مصر تتحرك بهدوء وثقة، وتترك الكرة في ملعب الآخرين!!