رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يحيى الجمل يكتب: مكانان يرتاح فيهما القلب

يحيي الجمل
يحيي الجمل

أظن أنه لا يوجد مكان في الكرة الأرضية لم أزره إلا القارة الأسترالية وإن كنت قد قرأت عنها وعن شواطئها وأجوائها وعن المجموعات من المصريين الذين ارتحلوا إلى هناك على مدى السنين الماضية سواء كانوا من الإخوة المسيحيين أو من غيرهم من مواطنيهم المسلمين، ومع ذلك فقد تذكرت في هذه الأيام الطيبة، أيام عيد الأضحى المبارك، المكان الأول الذي أعنيه.

كنت هناك في زيارة للحرم النبوي الشريف في المدينة المنورة التي يرتاح فيها القلب وترتاح فيها النفس. وكل من ذهب لتلك الأراضي الطيبة يحس بالفارق الواسع بين أهل مكة وأهل المدينة مع قداسة كل من المكانين الشريفين مكة المكرمة والمدينة المنورة.

وصادف أنني وأنا في المدينة المنورة في زيارة الحرم النبوي الشريف أن قابلت الأخ الكبير الدكتور إبراهيم بدران، أيده الله بالصبر والصحة والعافية ومزيد من الإيمان إن كان هناك مزيد.

وفتحت للأخ العزيز الدكتور إبراهيم الروضة المشرفة في الحرم النبوي وتكرم سيادته ودعاني إلى أن أصعد معه، وأذكر رغم بعد المسافة أنه كان معنا ثالث من كبار رجال الجيش المصري آنذاك أذكر أن اسمه الفريق صادق وجلسنا ثلاثتنا في الروضة المشرفة نصلّي ونتهجد وندعو الله ويمضي الوقت ولا نحس به. وأحسست براحة نفسية غير مسبوقة. أحسست بعمق الإيمان وحلاوته وأحسست بضآلة الحياة الدنيا وما فيها من زيف ونفاق وبهتان.

شتان بين عالم الروح بكل صفاته وعالم المادة بكل أثقالها وأوزارها.

وجزى الله الأخ الكبير الدكتور بدران عني كل خير بما أتاحه لي من متعة روحية لا يعدلها شيء قط. هذا عن المكان الأول أما المكان الثاني فهو قطعة من أرض هذا البلد على نيلها الساحر في اتجاه ضاحية المعادي حيث توجد كنيسة العذراء السيدة البتول مريم عليها السلام، التي لم تكرم امرأة من العالمين في القرآن قدر تكريمها حيث جاء في محكم آيات كتاب الله »يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين« والتي تروي الروايات التاريخية أن رحلة العائلة المقدسة التي بدأت من القدس الشريف »السيدة العذراء تركب هي والسيد

يسوع المسيح على الحمار ووراءهما يوسف النجار حتى وصلا بعد الفيافي والقفار، هرباً من بغي الرومان وظلمهم، إلى تلك البقعة المباركة من أرض مصر، ونزلت الأسرة المقدسة إلى شاطئ النيل حتى وصلت إلى النهر وهناك استأجروا مركباً شراعياً لكي يسافر بهم إلى مصر العليا حيث استقرت العائلة المقدسة في دير المحرّق، كما تقول أغلب الروايات.

في رحاب تلك الكنيسة أيضا وبمناسبة من المناسبات المسيحية ذهبت إلى الزيارة مع بعض الأخوة والأصدقاء من المواطنين المصريين مسيحيين ومسلمين، وأمضينا هناك بضع ساعات نتأمل فيها رحلة العائلة المقدسة وما لاقته من معاناة حتى وصلت إلى ذلك المكان من أرض مصر المحروسة. وفي هذا المكان الطيب أيضا أحسست براحة ومتعة نفسية رائعة.

ولعلي تذكرت وأنا في جلستي تلك حديثاً للرسول صلوات الله عليه يقول فيه »نحن أنبياء الله أمهاتنا مختلفات وديننا واحد«، وهو حديث صحيح مجمع عليه.

وتذكرت أيضاً ذلك العمل الرائع العظيم الذي كتبه أستاذنا الأستاذ الدكتور محمد كامل حسين بعنوان »قرية ظالمة«، والذي أعتقد أنه من أروع الآثار الأدبية التي صدرت بأي لغة من لغات العالم المعروفة في القرن العشرين والذي كان لي مع قداسة البابا شنودة الثالث، قدس الله روحه، حوله كثير من الأحاديث.

نعم إن المتعة الروحية لا تدانيها متعة أخرى.

حفظ الله مصر من كل سوء وأدام عليها نعمة السلام.
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية