ثروت الخرباوي يكتب: الماسون حقيقة أم خيال؟
يعرف الكل أن أمريكا دولة ماسونية، هل في ذلك شك؟ وكان من المستغرب أن تقف دولة ماسونية أقامها الماسون، ولا يزالون يديرونها، بجانب جماعة إسلامية تعادي في الظاهر الماسونية، وكانت لسنوات طويلة تعادي في الظاهر أمريكا وتحرق علمها وتدعو الناس لمقاطعة بضائعها، لذلك كان من الغرائب ان تقف أمريكا مع جماعة تعاديها! ليست جماعة دينية عادية ولكنها جماعة تقول في أدبياتها انها تريد القضاء على اسرائيل، وكان لابد والحالة هكذا ان أسبر غور هذا اللغز الذي قد يستغلق على البعض، أو يجد تفسيرات متنوعة تبتعد أو تقترب من الحقيقة.
وبطريقة تمهيدية أشرت في كتابي «سر المعبد» إلى أشياء لا مجال لانكارها عن اختراق الماسون لجماعة الاخوان، الا أنني لم أقل أبدا ان الإخوان جماعة ماسونية، وفارق كبير بين هذا وذاك، والحقيقة ان معلوماتي في هذا الشأن لم تكن وليدة شك أو تخمين، ولكنها كانت قد توفرت لي من خلال شهادات موثقة لبعض كبار الإخوان، فضلا عن أدلة أشرت لبعضها ثم احتفظت بالبعض الآخر في أدراج مكتبي انتظارا لبحث كبير أكتبه في هذا الشأن مستقبلا يكون مخصصا بأدلته الكاملة لهذا الموضوع، ولكن هناك أشياء ينبغي ان تكون تحت بساط البحث لعلها تفيد في هذا الشأن.
ومن هذه الأشياء ذلك التشابه الغريب بين كل الجمعيات السرية في العالم، نعم هناك صلة نسب بين تلك الجمعيات، طريقتها واحدة حتى ولو اختلفت الأفكار والتوجهات، ولا تقوم جمعية سرية الا لأنها تؤمن أنها مختلفة ومتميزة عن باقي مجتمعها، أو أنها مختلفة عن العالم كله، ولا تقوم جمعية سرية الا لتُعد نفسها ليوم مشهود تكون فيه في منتهى الجاهزية لفرض أفكارها على العالم، والماسونية من هذه الجمعيات، وكذلك الاخوان، أما الماسونية فقد كان لها هيمنة وتأثير على مجتمعاتنا في بدايات القرن العشرين الى منتصفه، حتى ان بعض الرموز الثقافية والدينية كانوا من الماسون مثل جمال الدين الأفغاني ويوسف وهبي ومصطفى وعلي أمين، بل ان الماسونية دخلت الى قصر الحكم في مصر، وقصور رؤساء وملوك عرب، ولعل مما لا جدال فيه ان الماسون هم الذين أقاموا أمريكا وأنشأوا دولتها، هذه حقيقة يعرفها كل العالم، وما أمريكا الا قارة ماسونية.
ولكن ما هي الماسونية وما هو تاريخها؟ يجد الباحث ان تاريخ الماسونية يكتنفه الغموض، وهي تُعرف بجمعية «البنائين» أي المهندسين وكانت عضويتها قاصرة على البنائين والرسامين والمثاليين، وانضم الى هذه الجمعية مجموعة من عظماء العالم في هذه الفنون الذين تمكنوا من اقامة البنايات الفخيمة في جهات متعددة من
نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية