رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أمين محمد أمين يكتب : سيادة العراق المفقودة

بوابة الوفد الإلكترونية

من المؤسف أن غالبية الاجتماعات الإقليمية والدولية، التي عقدت، تبحث في تداعيات المشكلات، وأبرزها تقديم المساعدات للاجئين وإرسال قوافل الإغاثة، بينما التوصل إلى وقف القتال وإيجاد حلول عملية لوأد المشكلة واستئصالها من جذورها.

هذا الأسلوب بعيد تماما عن معالجة جميع مشاكلنا رغم علم الجميع بمسبباتها وتطورات أبعادها، إلا إننا جميعا ننتظر حدوث كوارثها، ومع تصاعد نتائجها المدمرة تتعالى الأصوات بحثا عن إنقاذ الأرواح والأوطان، التي تضيع وتفقد سيادتها واحدة تلو الأخرى .
المؤسف أن ما تشهده بلاد الرافدين حاليا من فقد سيادتها الكاملة على وحدة أراضيها ، وهو ما أعلنه صراحة المبعوث الأممي إلى العراق،نيكولاي ملادينوف مؤكدا أن الهجوم الذي يشنه المقاتلون يشكل تهديدا على بقاء العراق دولة ذات سيادة، وارجع رئيسه بان كي مون أن ما يحدث نتيجة لعدم الاهتمام بحقوق الشعب في العراق، وهو ما جعل الأرض خصبة للتطرف والإرهاب .
المؤسف أن الإرهاب صناعة غربية استغلت الخلافات الدينية والعرقية والمذهبية من تحقيق مصالحها في تقسيم دول المنطقة العربية بأيدي أبنائها المتطرفين إلى 44 دويلة متصارعة ومتنازعة كمرحلة أولى ليسهل السيطرة الخارجية عليها عن بعد وبوكالة حلفائها من القوي الإقليمية بالمنطقة والدويلات الصغيرة الباحثة عن دور لتنفيذ مخططات الشيطان الأكبر .
المهم أننا جميعا، بعد الانتصار العربي علي إسرائيل في أكتوبر 1973 لم ندرك أبعاد كلمات هنري كسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، ومخطط إستراتيجية التدمير الذاتي لدول المنطقة التي تجرأت واستخدمت سلاح النفط للضغط علي أمريكا والغرب من أجل وقف دعمهم المطلق بالسلاح والمال والعتاد لإسرائيل وعدم الكيل بمكيالين، وكان أخطر ما قاله كسنجر ولم نستوعبه ونأخذ حزرنا لعدم حدوثه هو أن حرب أكتوبر هي آخر الحروب بين العرب وإسرائيل وهو ما تحقق، وأن الحروب القادمة هي حروب عربية عربية وهو ما تحقق والتي بدأت بالحرب العراقية الإيرانية لتدمير القوتين وانتهت فجأة بلا غالب أو مغلوب بعد أن كبدت الجميع خسائر بشرية ومادية لا حصر لها، ولكن فصول مؤامرات التقسيم كان لابد أن تتواصل بإقناع صدام حسين بشهوة الانتصار، للدخول في مغامرة جديدة تفقده ما تبقي من عناصر قوة العراق العسكرية، كثاني أكبر قوة عسكرية كانت بالمنطقة بعد الجيش المصري، إلى جانب إهدار ثرواته وثروات المنطقة النفطية والأهم هو إحداث أول شرخ في النسيج العربي الذي سرعان ما التأم بعد تداعيت "السلام" بين مصر وإسرائيل، وظهور ما سمي "جبهة الصمود والتصدي" وعزل ومقاطعة البعض لمصر، التي سرعان ما عادت إلي أحضان أمتها العربية بحكمة القادة التاريخيين في المنطقة وفي مقدمتهم حكيم العرب الشيخ زايد بن سلطان أل نهيان رحمه الله، وجلالة السلطان قابوس بن سعيد، الذي لم يستجب لتهديات المقاطعة وغيره العديد من القادة العرب في السعودية والبحرين والكويت ... الخ الذين حافظوا علي علاقاتهم بمصر أم الدنيا، وكان لابد لمناخ التوافق العربي الجديد أن ينكسر من خلال المؤامرة الأمريكية لصدام حسين بغزو الكويت في الثاتي من أغسطس عام 1990، ومعها تصاعدت فصول المأساة بمشاركة قوات التحالف قوات مصرية وسورية لتحرير الكويت من الغزو الصدامي غير المبرر تحت دعوي أن الكويت المحافظة العراقية الـ19 وللأسف هذه الافتراءات الكاذبة مازال يرددها عدد من "الجهاديين" الجدد والبعثيين القدامي بالعراق اللاعبين علي ساحة المقاومة والإرهاب حاليا، وما بين غزو وتحرير الكويت والغزو الأمريكي للعراق عام 2003 بدأت الموجة الثانية والعملية لتمزيق بلاد الرافدين بتسريح الجيش العراقي وحل حزب البعث الحاكم وإعدام صدام، وكان من المفترض أن تتحقق الفوضي الخلاقة، التي بشرتنا بها وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق كوندليزا رايس، ولكن بكل أسف حدث العكس بالفوضي الهدامة بل والمدمرة المستمرة فصولها المأساوية ليس في العراق فقط ولكن امتدت لتوابعه في دول ما أطلق عليه الربيع العربي والذي تحول إلي الخريف الدامي علي شعوبه.
ومع الخسائر البشرية التي تكبدتها قوات الغزو الأمريكي بالعراق كان لابد من الانسحاب ولكن بعد إحداث الفرقة بين أبناء الشعب وتم إعطاء الحكم الذاتي للأكراد من أبناء العراق واستقلالهم بأراضيهم، وتعين رئيس ووزير خارجية كردي للعراق البلد العربي وفي نفس الوقت إحياء الخلافات المذهبية القديمة بين شيعة وسنة العراق العرب وتسليم بلاد الرافدين لإيران تحت دعوي دعم الغالبية الشيعية المضطهدة خلال فترات الحكم السابقة للسنة، وإتاحة الفرصة لها للحكم وهو بكل أسف ما تحقق علي يدي نوري المالكي رئيس الوزراء المنفرد بالحكم مع مرض الرئيس وعدم انتخاب رئيس جديد وتعطيل البرلمان وتزوير الانتخابات التي أعلنت نتائجها بعد شهرين من أجل ترسيخ المذهبية الشيعية وتهميش باقي طوائف المجتمع من سنة ونقشبنديين ظهروا علي الساحة بقيادة عز الدين الدوري في وقت تتردد الأنباء عن وجود صدام الحقيقي وأن من أعدم هو شبيهه المسيحي .... إلي جانب تهميش العشائر والقبائل والمسيحيين والدروز وغيرهم من أبناء العراق المتعدد الديانات والمذاهب والأعراق مثله مثل العديد من دول العالم التي نجحت في تطبيق مبدأ المواطنة وسيادتها على الدين والعقيدة والمذهب.
ولكن في الوطن العربي لابد أن تكون هذه عوامل الهدم لدولة وتدمير شعوبه بأيدي أبنائها من المغرر بهم والذين تحولوا بالشحن والدعم الإقليمي والخارجي إلي أداة حادة

لتدمير أوطانهم متناسين أن الدور سيأتي عليهم من أجل تدميرهم ولعل درس الأفغان العرب والقاعدة مازال ماثلا أمام الجميع .
ومع انشغال الأمة العربية علي مدي السنوات الثلاث الماضية بالتطورات المأساوية لمؤامرة الربيع العربي وسرقة ثورات الشعوب السلمية من التيارات الإسلامية المتشددة والمتطرفة السنية وفي مقدمتها الإخوان المسلمين وحلفائهم من حزب النهضة بتونس وحماس بغزة وإخوان ليبيا وجبهة النصرة بسوريا وغيرهم من التنظيمات المدعومة من تركيا الباحثة عن دور إقليمي تحت دعوي إحياء الخلافة العثمانية بقيادتها إلي جانب الدور القطري والإيراني والإسرائيلي للفوز بمنصب الشرطي الجديد لدول المنطقة بعد تقسيمه وتمزيقها بأيدي أبنائها من المتطرفين بعد تهيئة المناخ لهم، وكانت البداية مع حل برايمر للجيش العراقي تكونت مجموعات من العسكريين والشرطة السابقين لمقاومة الاحتلال وتكوين ميلشيات عسكرية مناوئة للنظام ضمت عناصر من تنظيم القاعدة في العراق الذي خرج منها تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) والتي تضم العديد من الجنسيات الأجنبية غير العربية وتدرجت في تكوينها من عام 2004 بعد عام من الغزو الأمريكي لمقاومته من خلال تشكيل جماعة التوحيد والجهاد بقيادة أبي مصعب الزرقاوي، ومبايعته لإسامة بن لادن ليتحول إلي تنظيم القاعدة في العراق الذي بسط وجوده علي مناطق متعددة ببلاد الرافدين وبعد مقتل زعيمه الزرقاوي في عام 2006 يتم تشكيل مجلس شوري المجاهدين بزعامة عبد الله رشيد البغدادي ثم تشكيل دولة العراق الإسلامية بزعامة أبي عمر البغدادي بعد 4سنوات وفي 19 ابريل 2010يتم قتله ويختار مجلس شوري داعش أبي بكر البغدادي رئيسا لداعش والناصر لدين الله وزيرا للحرب، ومع استيلائها علي مدينة الموصل والوصول إلي كركوك والاستيلاء علي معامل تكرير النفط إلي جانب السيطرة علي المدن الحدودية مع سوريا التي تسيطر علي العديد من مناطقها الحدودية جبهة النصرة التابعة للقاعدة المختلفة معها داغش وأن كانت تعتبر أن إقامة دولة إسلامية في سوريا هي مرحلة أولي لقيام دولة الخلافة الإسلامية بالمنطقة .
علي الجانب الآخر نجد مجالس الإسناد أو الصحوة والإنقاذ كتجمعات من أبناء العشائر العراقية، الذي يحاول المالكي أخيرا استمالتهم وهو من قام بتهميشهم كعشائر سنية، انطلقت لمواجهة تنظيم القاعدة، وسيطروا على محافظة الانبار غرب العراق، والتي تعد اكبر محافظة سنية ثارت ضد المالكي والقاعدة وانطلقت مجالس الصحوة إلي محافظات ديالي وصلاح الدين ونينوي، ووصلت إلي العاصمة بغداد لمقاومة تنظيم القاعدة والهيمنة الشيعية، وما بين الصحوة وداعش والقاعدة تدخل في دائرة الصراع المسلح البشمركة الذراع العسكري للأحزاب السياسية في كردستان العراق وتسيطر علي جميع المناطق المتنازع عليها إداريا منها مدينة كركوك الغنية بالنفط ومناطق من محافظان نينوي وديالي إلي جانب وجودها بالعاصمة بغداد بوزارة الدفاع والداخلية والأمن الوطني هذه القوي الثلاث المسلحة المتصارعة بالعراق أمام القوات النظامية التي سرعان ما انسحبت وانهارت إلي جانب مقاومة البعثيين القدامي من العسكريين وغيرهم تدفعنا جميعا إلي التساؤل المعتاد حول الصمت أمام خيوط المؤامرة التي تتواصل من أجل الإسراع بفقد العراق لسيادته الوطنية علي أرضه بأيدي أبنائه، خصوصا وأن "العرقنة" ليست بعيدة عن العديد من دول المنطقة وهو ما يدعونا إلي الإسراع بإصلاح ما أفسده المالكي وأعوانه من تشكيل حكومة وفاق وطني بعيدا عن التدخلات الدينية والمذهبية والعرقية تكون أولي مهامها وقف نزيف الدم والصراعات المسلحة والتقسيم بدون ذلك لن يهدأ العراق ومعه العديد من دول المنطقة فهل نتحرك؟

نقلا عن صحيفة الوطن الاماراتية