رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

زاهى حواس يكتب : "رمضان" عند الفراعنة!

بوابة الوفد الإلكترونية

أولا، وقبل أن يتهمني أحد القراء الأعزاء بتزييف التاريخ، أؤكد أن الفراعنة لم يخصصوا شهرا بعينه للصيام، ولكن هناك حقائق تثبتها الآثار الفرعونية، ومنها تأكيد الطبيب الفرعوني أن بيت الداء في جسم الإنسان هو المعدة؛ وأن صحة الإنسان تبدأ من الفم ومن الطعام الذي يتناوله، فلا الإكثار من الطعام كان فائدة عند الفراعنة ولا الإقلال منه أيضا.

وتعجبت أشد العجب من ذلك الطبيب المصري القديم الذي نصح مريضا بأن يترك جزءا بمعدته خاويا ليساعدها على هضم الطعام ولكي يستطيع أن يتنفس بصورة طبيعية، كأني به ينصح بثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفَسك! وكان أمنحتب الثالث - وهو الفرعون الذي عاش منعما تأتيه الخيرات من كل البلاد لكسب صداقته – محبا للطعام بشراهة؛ خاصة الحلوى بأنواعها، مما خلق له مشاكل صحية جمة بالأسنان واللثة؛ وكانت النصيحة هي الامتناع عن هذه الأطعمة وللأبد. وكان النظام الغذائي عند الفراعنة يقوم على ثلاث وجبات؛ تبدأ أولاها مع شروق الشمس في المنزل قبل الخروج للعمل، والثانية وهي الغداء ويكون إما في الحقل وإما في ورشة العمل وإما على مركب الصيد؛ أي خارج المنزل وفي مكان العمل وعند انتصاف النهار؛ والوجبة الثالثة - هي الرئيسة - وهي العشاء وتكون عند غروب الشمس ومع الأسرة بمجرد عودة رب العائلة من العمل، وبها اللحوم أو الأسماك والخضراوات والخبز بالطبع، فلم يكن الأرز معروفا عندهم.
نترك الفراعنة ونعود لشهر رمضان المبارك، حيث يشاء المولى - عز وجل - أن أصوم هذا العام - إن شاء الله - بالمدينة التي أعمل بجامعتها أستاذا زائرا بالولايات المتحدة الأميركية ولا وجود بها لأصدقاء أعرفهم؛ أو مصريين لتناول الإفطار معهم، وللأسف ليس بها مسجد للصلاة، وتغرب الشمس بها قرب الساعة التاسعة مساء.. ورغم ذلك، أجد سعادة بداخلي لأنني وفي هذه البقعة المنعزلة التي تسمى (Lake Tahoe) سوف أصوم وأصلي لله، وأشكره كل يوم أن جعلني أصوم في هذا المكان وأتعبد له سبحانه وتعالى. وأتذكر أيضا أيام الدراسة والدكتوراه بمدينة فيلادلفيا، وبها صمت الشهر الكريم ست مرات، لم أشعر فيها بأي غربة

لكثرة المصريين والعرب من مسلمين ومسيحيين، وكنا نفطر كل يوم عند أحد الأصدقاء؛ فاليوم عند صديقنا محمود، وغدا عند صديقنا مينا، وكان الطعام على كل شكل ولون: سوري، لبناني، سعودي، عراقي، مصري، جزائري. وأقول إن تلك كانت أياما لا تنسى في حياتي، أتمنى أن تعود وأن أعيشها مرة أخرى؛ فالآن فقط أعي مدى النعمة والسعادة التي كنت أعيشها والحمد لله على كل حال.
أما في أرض الكنانة، مصر الحبيبة الغالية، فلشهر رمضان مذاق آخر، هو مذاق الطفولة، حيث فتحت عيني فوجدت قريتي العبيدية بمحافظة دمياط تختلف في شهر رمضان عن كل شهور ألسنه، فتتزين وتتهيأ لمقدم الشهر؛ والكل يسارع إلى عمل الخير؛ والكل يأكل على مائدة واحدة ويستمع إلى إذاعة واحدة قبل انتشار التلفزيون بالقرية. ويتحول المصريون إلى قلب وعقل واحد، يذهبون معا إلى أماكن محددة مثل حي الحسين أو مسجد السيدة زينب أو مسجد السيدة نفيسة رضي الله عنهم جميعا لسماع القرآن الكريم من قامات رفيعة من شيوخ المقارئ المصرية والتمتع بتواشيح الفجر وختم القرآن بمسجد عمر بن العاص في حي مصر القديمة، وصلاة عيد الفطر في الساحات وتهنئة الناس بعضهم بعضا.
يا رب، ارفع البلاء عن سوريا وعن أهل سوريا الطيبيين.. يا رب، نزّل رحماتك على سوريا، وجنّب العراق شر الفتن.. يا رب وحّد أمرنا واجمع شملنا وبلغنا رمضان.. يا رب!
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط