رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على إبراهيم يكتب : رائحة محفوظ في الاتحادية

على إبراهيم
على إبراهيم


في أحيان تعطي المصادفات لونا خاصا لأحداث تاريخية مهمة مثل اختيار المصريين رئيسا من حي الجمالية العريق في القاهرة القديمة الذي استوحى منه الأديب الحائز جائزة نوبل للآداب شخصيات الكثير من رواياته ونقل عنه وصفه للحي بأنه يمثل مصر تفوح منه رائحة التاريخ وتستنشقه فيه بلا ملل.

تناوب على مصر نحو سبعة رؤساء من محافظات عديدة جنوبا وشمالا، ويجمعهم كلهم أنهم جاءوا اجتماعيا من الطبقة الوسطى العمود الفقري لأي مجتمع، لكن الرئيس الحالي الذي تسلم مهامه بتفويض شعبي واضح للعبور بالبلاد من فترة أزمة ومواجهة تحديات غير مسبوقة تواجهها الدولة المصرية في تاريخها الحديث، هو أول رئيس من القاهرة، ونشأ في قلب القاهرة القديمة الفاطمية التي تعد بمثابة متحف مفتوح، وتقف شوارعها الضيقة ومبانيها الأثرية شاهدا على تاريخ شهد الكثير من التقلبات والأحداث طوال أكثر من ألف سنة تاريخ المدينة.
مصادفة حقيقة، وليس لها مدلول سياسي، لكنها لا بد تسعد محفوظ في قبره الأديب الذي حظي بالعالمية دون أن يغادر مصر أبدا أن يكون هناك من نشأ في الحي الذي ألهمه رواياته في كرسي رئاسة البلاد.
كانت هناك بهجة ملامحها واضحة أمس في مصر بمراسم تسلم الرئيس السيسي مهامه في قصر الاتحادية من الرئيس السابق عدلي منصور والاحتفالات التي أقيمت بعدها، وهي بهجة لا تخفي قلقا وإدراكا لحجم التحديات التي يواجهها الرئيس والنظام الجديد، في معالجة وإصلاح الأوضاع التي تدهورت خلال ثلاث سنوات وتراكمات مشاكل عمرها عقود لم تجد حلولا حقيقية.
كان هناك ارتياح واضح في الشارع لرؤية الدولة تستعيد ملامحها الأساسية ورؤية ماكينتها تعمل بعد أكثر من ثلاث سنوات تعرضت فيها للخطر، وكانت هناك محاولة خلال حكم الإخوان لاستبدال سلطة موازية بها، وهي حتى لو كان المصريون انتقدوا أداءها أو قاموا بثورة عليها، فإن هدفهم كان إصلاحها وتطويرها وليس هدمها والاستعاضة

عنها بسلطة الميليشيات والتنظيمات الموازية.
لا يقلل أحد من حجم التحديات المنتظرة والصعوبات التي تراكمت وتجعل مهمة الحكم الجديد ليست سهلة، لكن لغة الخطابات التي تبادلها الرئيس السابق منصور والرئيس المنتخب السيسي حملت تعبيرات جديدة في الخطاب السياسي المصري تعكس جدية وأن هناك تطورا في فهم قمة السلطة لمسؤولياتها والدور المنتظر منها، وكذلك الدور المنتظر من المجتمع نفسه.
وفي الخطاب الذي وجهه الرئيس السيسي في الحفل المسائي للمصريين ظهرت هذه اللغة الجديدة من حديثه بأنه ليس من الأمانة أو الواقعية أن يعد المواطن البسيط بالتخلص من الإرث الثقيل بمجرد تسلم مهام منصبه، لكنه يعد بالعمل، وكذلك وهو الأهم الحديث عن العقد الاجتماعي بين الدولة ممثلة في رئيسها ومؤسساتها وبين الشعب على اعتبار أنه التزام على الطرفين، وهنا ينبغي القول بأن التأكيد على وجود عقد اجتماعي هو بين أهم مقومات الدول المستقرة الحديثة. أخيرا فقد عادت العبارة التقليدية التي تعودها الناس وهي أيها الإخوة المواطنون وليس أهلي وعشيرتي التي فاجأ بها مرسي المصريين أيام رئاسته.
التحديات والمشاكل كثيرة، لكن الإيجابي هو أنه قد أصبح هناك وعي وإدراك لدى طرفي العقد الاجتماعي بأن عليهما أن يعملا معا من أجل تجاوزها.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط