رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سليمان جودة يكتب :هذا عن الكويت.. فماذا عن طهران؟!

سليمان جودة
سليمان جودة


في أعقاب زيارة أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، إلى طهران، أوائل الأسبوع الماضي، سألت «الشرق الأوسط» الأمير محمد بن تركي بن سعود، وكيل وزارة الخارجية السعودية للعلاقات متعددة الأطراف، عما إذا كانت الكويت دولة وسيطة، بين إيران ودول الخليج، فقال: نحن على ثقة تامة من أن ما تقوم به قيادة الكويت يصب في مصلحة دول مجلس التعاون الخليجي.

والحقيقة أن كلام الأمير تركي صحيح، كما أن ثقة دول المجلس فيما تقوم به الكويت، لا غبار عليها.
وليس سرا أن هذه ليست المرة الأولى، التي ينشط فيها الشيخ صباح، الذي اشتهر بحكمته، وقت أن كان وزيرا لخارجية بلاده، لسنوات طوال، ثم حين صار أميرا، في اتجاه تجاوز الأزمات التي تنشأ في المنطقة ما بين وقت وآخر.
لقد فعلها من قبل، بين الرياض وأبوظبي والمنامة، من جهة، وبين الدوحة من جهة أخرى، ثم فعلها مرة أخرى، بين القاهرة، من ناحية، والدوحة أيضا، من ناحية ثانية، وفي كل مرة لم يكن ييأس، ولا كان وزير خارجيته الشيخ صباح الخالد يهدأ، إلى أن يتحقق لهما ما يسعيان إليه.
غير أن المرء، وهو يتابع جهد الكويت، في هذه السبيل، أو في ذاك الطريق، كان يبحث وخصوصا في الحالة الإيرانية الأخيرة، عن صدق على الجبهة الإيرانية، مماثل للصدق الكويتي في مسعاه، فلا يكاد يقع له على أثر، بل كان يقع على النقيض!
ولم يكن أحد يطلب من طهران شيئا سوى أن تأتي أفعالها مطابقة لأقوالها، لا أن تقول كلاما يكذبه الواقع من حولنا، في كل لحظة.
مثلا.. قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، يوم أن استقبل الشيخ صباح الأحمد، في إيران، إن أمن واستقرار المنطقة لا يتحققان إلا في ظل التعاون والتعاطي بين دولها، وإن بلاده مستعدة لتطوير العلاقات مع دول الخليج في مسار حل القضايا والمشكلات القائمة، وتسويتها.
وهو كلام، كما ترى، لا غبار عليه من حيث شكله الظاهر، غير أنك عندما تقرأ مثل هذا الكلام، في الصفحة الأولى من هذه الصحيفة، يوم الاثنين الماضي، سوف تكتشف حين تقلب الصفحة إلى الصفحة التالية لها مباشرة، أن الدكتور محمد إيراني، سفير إيران السابق لدى لبنان، ولدى الأردن، يقول الآتي: سوف تؤدي زيارة أمير الكويت إلى تحسين العلاقات الإيرانية مع دول الخليج الفارسي.
فما معنى أن يسمي الدكتور إيراني، الخليج الذي تطل عليه ست دول عربية على الأقل، من جهة الغرب، خليجا فارسيا؟! وهل لذلك معنى سوى أن ما قال به الرئيس روحاني، في الصفحة الأولى، قد هدمه السفير الإيراني السابق في الصفحة الثانية من الجريدة نفسها؟!
فإذا ما قال أحد بأن إيران تقلق من تسمية الخليج العربي، بمثل ما تقلق دول الخليج من تسمية الخليج الفارسي، فسوف يكون الرد الجاهز، والمقنع معا، أن دول الخليج حين تسميه عربيا، لا تفعل ذلك أبدا عن أطماع في ضفته الشرقية، حيث تقع إيران، بينما تقرن طهران تسميته بالخليج الفارسي بأطماع ظاهرة لكل ذي عينين، في ضفته الغربية، وليس ما تمارسه في البحرين - مثلا - من خلال رجالها هناك، سوى دليل يقوم طول الوقت على ذلك.
ولو كنت موجودا في المكان الذي أطلق منه الرئيس روحاني، تصريحه عن التعاون إياه، لكنت قد سألته عن مفهوم التعاون بالضبط لديه، إذا كان ما يقوله هو ينقضه سفيره السابق بعدها بصفحة في الجريدة.. لا أكثر.
ولو وقف الأمر عند هذا الحد، لهان الأمر، لأن مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي، قال بعد استقبال أمير الكويت في اليوم التالي إن بعض دول المنطقة تدعم التكفيريين، وإنها سوف تدفع ثمنا باهظا لذلك، وإن خطر الجماعات التكفيرية يمكن أن يطالها هي نفسها، أي هذه الدول، في المستقبل.
ومرة أخرى، فهو كلام قد يكون جميلا من حيث شكله الظاهر، غير أن ما ينقصه حقا أن يحدد لنا المرشد الأعلى تلك الدول، بالضبط، لعل المنطقة تكون على بينة من أمرها، ولعلها تعرف عن بينة أيضا أي دولة تدعم الإرهاب، وأي دولة تقاومه، وتطارده، وتكافحه.
وبما أن المرشد الأعلى لن يكشف عما نريده منه، وبما أن كلامه جاء على طريقة بعضنا، حين يقول في سياق كلامه: «يقول البعض».. دون تحديد لهذا البعض، فيظل الكلام، والحال هكذا، مرسلا، فسوف أنتقل مباشرة إلى حوار منشور على الصفحة الثالثة، من العدد نفسه من الجريدة، مع عبد الحليم خدام، النائب السابق للرئيس السوري، وفيه يقول ما يلي نصا: إيران هي التي أحضرت «داعش» إلى سوريا، وأنا أعرف ما أقول.. ثم يضيف: ولا أريد أن أزيد من الجزم والتأكيد إذا ما قلت إن «داعش» تُدار من إيران مباشرة.
هذا، إذن، هو كلام الرئيس روحاني، الذي يقول بعكسه تماما، في ذات اللحظة، سفير سابق له لدى لبنان، ولدى الأردن، ثم هذا هو كلام المرشد الأعلى الذي يقول بعكسه تماما أيضا، في ذات اللحظة كذلك، نائب سابق للرئيس السوري.
والحصيلة أنك سوف تجد نفسك أمام نية صادقة في الكويت، مقابل كلام هامشي في إيران، وأن على طهران أن تفهم أن ثقة الطرف الآخر فيها لن تقوم على كلامها، مهما كان منمقا، وإنما على أفعالها بالأساس، فمتى يدرك الإيرانيون أن ما تبنيه أقوالهم تبدده أفعالهم؟!
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط