رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د . حسين حافظ يكتب : السيسي والمهمات الصعبة

د . حسين حافظ
د . حسين حافظ

مهمات ثلاث تواجه الرئيس المصري الجديد المشير عبد الفتاح السيسي في ترؤسه مصر الدولة والحضارة، نتمنى مخلصين أن يكون قادراً على النهوض بأعبائها،

وهو على إدراك تام لمعنى مصر الرمزي والاعتباري، رمزية مصر تتلخص في أنها الدولة العربية المحورية القائدة التي لا يمكن أن تتخلى عن هذه الوظيفة الرائدة في الشأن القومي، ولا يمكن لغيرها من الدول العربية مهما علا شأنها الاضطلاع بهذه المهمة لظروف ذاتية وموضوعية معروفة، واعتباريتها تكمن في أنها الدولة الحضارية الأولى في العالم التي لم تُحل طلاسم فرعونيتها إلى هذه اللحظة ولا يمكن لأي رئيس مصري التراجع عن هذه الوظيفة الحضارية الاعتبارية .
ووفقاً لما تقدم فإنها يمكن أن تشكل القطب العربي الذي تدور في فلكه اثنتان وعشرون دولة، لكل منها خصائصها الطبيعية والبشرية المتميزة، والتي ما انفكت الدول الاستعمارية من جعلها ميداناً للصراع والتنافس الدولي منذ أن تفكك سلطانها العالمي بعد انهيار الدولة العباسية في العراق، ونشأت الحركة الاستعمارية العالمية، وابتدأ الصراع بوجوه وأدوات شتى تارةً دينية مذهبية صفوية - عثمانية وأخرى استعمارية توسعية عثمانية - أوروبية وثالثة استراتيجية سوفييتية أمريكية .
وإذا كانت الدول في العادة تدور في أفلاك ثلاثة، فإن أولها يبدأ بالاستجابة إلى المتطلبات الحياتية التي وصفها ماسلو في سلمه الافتراضي بالحاجات الأساسية، وهي الحاجات الأشد ضغطاً وإلحاحاً من سواها على صناع القرار في الدول كافة، من هنا فإن الرئيس السيسي سيواجه في الإطار الداخلي ضغطاً نوعياً بمستويين .
الأول، معاشي يتطلب أن يوفر ليس خبزاً لملايين المصريين بل فرص عمل تتكفل بعيش موقر للمحرومين من الطبقات المصرية لا سيما تلك المتنورة التي لا تجيد العمل في القطاع الحرفي أو الخدمي، أولئك الذين أهملتهم السلطات المصرية حتى تحولوا إلى بركان هائج فزلزلوا الأرض تحت أقدام الطغاة المتخمين ممن لم يحسنوا إلى شريعة العقد بينهم ومحكوميهم .
مهمة كهذه لا ينبغي النظر إليها ببساطة، فهي كفالة عيش لما يزيد على 94 مليوناً من البشر ضاقت ببعضهم السبل فارتضوا أن يفترشوا المقابر أو العيش وسط النيل في زوارق متهالكة، ثانياً، تترافق مع تلك المهمة مهمة أخرى هي بسط الأمن على مساحة تتجاوز المليون كم2 تتوزع بين سبع وعشرين محافظة متنوعة التضاريس، وإذا ما أدركنا بأن فرضيات بسط الأمن تتطلب بيئة سياسية ومجتمعية متعاونة وإيجابية، فإن البيئة التي تركها "الإخوان" في مصر هي ليست كذلك، وبالتالي فإن السيسي سيعاني صعوبة نوعية تتطلب جهداً استثنائياً في مواجهة تنظيم تعبث أطرافه في معظم الأقاليم في العالم، والتي تمتد من روسيا شمالاً إلى شمال ووسط وجنوب إفريقيا غرباً، إضافة إلى قدرته على توفير ممكنات مادية لوجستية قادرة على تقويض دول بعينها، وهو تحد خطر ونوعي سيواجهه المشير السيسي، ومما يزيد من صعوبة المهمة أن البيئة المصرية غير قادرة على توفير متطلبات المواجهة

في الآني من الأيام .
وبالانتقال إلى الفلك الإقليمي الذي تدور في أرجائه مصر ويحتوي قوى نوعية تختلف في مشاربها الفكرية والمذهبية، ولكنها تتفق في أهدافها ومصالحها الآنية والمستقبلية التي لا تتعدى سوى الإحاطة بالدول العربية واستنزاف قدراتها المادية والروحية، تلك القوى التي تنمر بعضها حتى على المجتمع الدولي في تحدٍ نوعي، وأضحى لا يقيم وزناً للاعتبارات القانونية والأخلاقية "إسرائيل" مثلاً .
وبالتالي فإن المهمة الجديدة التي ينبغي أن يأخذها الرئيس السيسي بعين الاعتبار هي محاولة إعادة التوازن النوعي بين القوى الإقليمية، بعد غياب طويل وإهمال مقصود وفهم مقصور، ذلك التوازن الذي أشار إليه الرئيس السيسي بالقول وفي إحدى المقابلات في القنوات الفضائية إننا قادمون إليه (مسافة السكة) .
والرجل على ما نعتقد وبما يمتلك من مؤهلات ذاتية وموضوعية قادر على خلق وإحياء بيئة توازنية شرق أوسطية غيبتها القيادات العربية، ولنا في مثال الرئيس الروسي بوتين الذي أعاد إلى روسيا عظمتها وبريقها وقوتها عظةً واضحة، سيما وأن الرجلين يشتركان في مواصفات كاريزمية عدة يفتقر إليها العديد من الرؤساء في العالم .
أما الإطار الثالث فهو الدولي الذي يشهد فيه العالم العربي غياباً فاضحاً ونوعياً، لم يكن لهم فيه حضور ولو شكلي لا في الأحداث الدولية ولا حتى الإقليمية التي يلامس بعضها جوهر أمنهم القومي واستقرارهم السياسي، مكتفين بما تقيمه الجامعة العربية من مؤتمرات سنوية استعراضية يتباكى فيها المتباكون عن سوء أوضاعهم المحلية والدولية .
من هنا لا بد للسيسي إذا أراد إحياء لدور العرب في المجتمع الدولي أن يعيد النظر في الجامعة العربية مؤسسة ومهام، وتلك قضية أساسية ينبغي أن تتضافر الجهود العربية جميعاً لإحيائها .
الدول العربية اليوم جميعاً مدعوة للأخذ بيد الرئيس المصري الجديد ليس لإحياء مصر فقط التي أصابها الكلل قرابة الأربعين عاماً أو يزيد بل لإحياء الوطن العربي داخلياً وإقليمياً ودولياً .
نقلا عن صحيفة الخليج