عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خلف أحمد الحبتور يكتب: على مصر أن تسحق أعداءها وتتجاهل منتقديها

خلف أحمد الحبتور
خلف أحمد الحبتور

رغم المشكلات الاقتصادية الحادّة، والاحتجاجات المتفرّقة التي ينظّمها «الإخوان المسلمون»، التي غالباً ما تجنح نحو العنف، فإن معظم المصريين متفائلون بأن الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها الشهر المقبل، سوف تجلب الاستقرار للبلاد.

لكن المؤسف هو أن هناك أشخاصاً مصمّمين على القضاء على آمال 90 مليون شخص، وهم مستعدّون لإراقة الدماء بغية تحقيق مآربهم؛ إنهم إرهابيون يشكلون خطراً على الدولة العربية، التي تضم العدد الأكبر من السكّان، حتى إنهم يُهدّدون أمن دول الخليج العربي.

من المعلوم أن الجيش المصري يعمل على تطهير شبه جزيرة سيناء من المجموعات الجهادية المسلّحة، مثل «أنصار بيت المقدس» (التي أسّسها نائب المرشد العام لجماعة الإخوان بالتنسيق مع حركة «حماس»).

إلا أن مقالاً صدر مؤخراً في صحيفة «الأخبار» المصرية المملوكة للدولة بعنوان «تأسيس الجيش المصري الحر في ليبيا»، ينقل عن المصادر الأمنية التحذير التالي: «هناك محاولات الآن لتكوين ما يُسمّى بالجيش المصري الحر في ليبيا [بزعامة القيادي في تنظيم «القاعدة»، أبو عبيدة، الذي ينشط على الجبهة السورية].

بمشاركة الإخوان المسلمين والقاعدة، وبرعاية من قطر، وتركيا، وإيران، إضافة إلى وجود خطط تهدف إلى مهاجمة بعض المنشآت الحيوية، مثل مطار القاهرة الدولي، واقتحام السجون لإطلاق سراح معتقلي جماعة الإخوان المسلمين، وبث الفوضى لتعطيل الانتخابات الرئاسية المقبلة».

ويمضي التقرير ليكشف عن أن مصانع ليبية تقوم بتصنيع الملابس الخاصة بالجيش المصري الحر، استعداداً لـ«ساعة الصفر» التي سيتم تحديدها من جانب أجهزة المخابرات الخارجية.

لا تجوز إضاعة الوقت! تدرك الحكومة المصرية أن بلداناً أجنبية عدّة تتآمر لتركيع مصر بدعم من بعض القوى الغربية، ولذلك عليها أن تتحرّك على وجه السرعة. لا يجوز التفاوض أو المساومة مع خونة متعطّشين للدماء، وجهات أجنبية مشبوهة.

على الجنرالات أن يفتحوا عيونهم جيداً، ويتحرّكوا بكامل قوتهم، لاجتثاث التهديد قبل الانتخابات الرئاسية، وإلا أتوقّع بحزن شديد أن تنهار مصر، كما نعرفها، فيفقد العالم العربي قلبه النابض، ولذلك أناشد القاهرة المبادرة فوراً إلى اتّخاذ الخطوات التالية:

- التأكّد من إغلاق الحدود المصرية مع ليبيا إغلاقاً تاماً، عبر الاستعانة بكامل القوة الضرورية.

- إرسال عملاء تابعين للأجهزة الأمنية الحكومية والاستخبارات العسكرية إلى الأراضي الليبية، لتقييم التهديد، وفي حال الضرورة السماح بشنّ عمليات عسكرية استهدافية مكثّفة وقصيرة المدى، للقضاء على الميليشيات المعادية لمصر، في إطار استراتيجية دفاعية/ استباقية مستوحاة من الاستراتيجية العسكرية الأميركية (pre-emptive strategy).

- تدمير كل أنفاق التهريب بين غزة ومصر، وإغلاق معبر رفح إلى أجل غير مسمّى.

- اتّخاذ كل الإجراءات اللازمة لتطهير سيناء من القواعد والميليشيات الجهادية، قبل أن يتفشّى هذا الوباء.

- اتّخاذ تدابير دقيقة ومتأنّية لمراقبة كل الزوّار القادمين من بلدان معروفة بمعاداتها لمصر، والتقصّي عن المنظمات الأهلية، التي يُشتبَه في أنها تشكّل غطاء لأجهزة مخابرات أجنبية.

قبل بضعة أيام، استدعت وزارة الخارجية المصرية القائم بالأعمال الإيراني، احتجاجاً على الاجتماعات، التي عقدتها بعثته مع أشخاص على ارتباط بجماعة الإخوان المحظورة.

وفي يناير الماضي، اعترضت مصر على إعلان وزارة الخارجية الإيرانية بأن طهران قلقة إزاء تصاعد العنف بين الجيش المصري ومتظاهري الإخوان. يا له من رياء، في الوقت الذي لا يُسمَح فيه للإيرانيين، الذين يعيش عدد كبير منهم دون خط الفقر، بالتظاهر ضد الحرمان الاقتصادي، ومن أجل المطالبة بحقوق الإنسان أو حرية التعبير!

تقف مصر على حافة الهاوية، ولا يمكنها، في مثل هذه الظروف، أن تهتم بطمأنة مخاوف القلقين على حقوق الإنسان. يجب إسكات المتآمرين، الذين يتلطّون خلف حقوق الإنسان، مدّعين أنهم يريدون الأفضل لمصر، وعلى العالم الغربي أن يكفّ عن مواعظه الأخلاقية، ومطالبته مصر بالتقيّد بمعاييره الخاصة في مجال حقوق الإنسان.

عندما تعرّض الغرب للهجوم من تنظيم «القاعدة»، ضرب عرض الحائط باتفاقيات جنيف، وكذلك اتفاقيات مكافحة التعذيب؛ واليوم يستخدمون كلمات، مثل الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، وكأنها آلات حربية يدكّون بها البلدان العربية، التي تدافع عن أمنها وسيادتها.

عام 2012، إبان أعمال الشغب في بريطانيا، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الذي لا يتوقّف عن انتقاد السلطات المصرية، أنه يريد التخلّص من قانون حقوق الإنسان، قائلاً «لا يمكننا أن نقبل بوجود أشخاص يشكّلون تهديداً لأمننا القومي.. ويمكنهم اللجوء إلى الحقوق التي يمنحهم إياها القانون، في حين أنهم لا يأبهون البتّة لحقوق الآخرين»، كفانا قلقاً بشأن ما

يفكّر فيه العالم.. مصر في حالة حرب.

تقريباً كل دول مجلس التعاون الخليجي مستعدّة للوقوف إلى جانب مصر في جهودها الرامية إلى اقتلاع الإرهاب من جذوره، لأن قادتنا يعلمون أن أوطاننا تواجه التهديد نفسه. يجب أن يرصّ مجلس التعاون الخليجي صفوفه، بالتنسيق مع جامعة الدول العربية، من أجل التصدّي للإخوان، والقضاء على المخرّبين والمتعصّبين والمجرمين في منطقتنا، مثل «القاعدة» و«جبهة النصرة» و«داعش»، وكذلك السفّاحين المأجورين لدى طهران، وحليفتها بغداد.

بصراحة، أنا مندهش من أنه رغم كل تقنيات المراقبة المتطوّرة المتوافرة لدول الخليج، وحليفتنا واشنطن، نجد صعوبة واضحة في مطاردة المتطرّفين المسلّحين، في حين أننا نشاهد باستمرار متطرفين يشهرون سلاحهم، ويتحدّثون عبر شاشات التلفزة أمام خلفية من الرايات السوداء، أو يتدرّبون على القتال.

لماذا يُصوَّرون ويجري الترويج لهم بدلاً من إلقاء القبض عليهم؟ إذا كان القتلة الهمجيون، الذين يفتخرون بقطع الرؤوس، يُعتبَرون اليوم مقاتلين شرفاء من أجل الحرية، فربما من الأجدى بي أن أرمي قلمي في عالمٍ لا قيمة فيه للأخلاق والمبادئ.

طوال قرون، وضعنا نحن العرب ثقة مفرطة بالآخرين. مما لا شك فيه أن العالم بات الآن أكثر خطورة بأشواط من أي وقت مضى، ولذلك يجب ألا نثق إلا بأنفسنا. علينا ألا نعتمد بعد الآن على الآخرين ليخوضوا معاركنا بدلاً منا، ويجب ألا نصدّق الوعود التي تقطعها القوى الخارجية، التي تدّعي حرصها على مصالحنا.

الآن، أكثر من أي وقت مضى، علينا ألا نتخاذل، بل يجب أن نضع الكلام الدبلوماسي جانباً، ونتحلّى بالصراحة والشفافية كي نُظهر أننا نكترث لشعبنا، ونضع حمايته قبل أي اعتبارات أخرى. من المعروف عن دول مجلس التعاون الخليجي أنها لا تُضمر مخططات خفيّة، خلافاً لعدد كبير من البلدان، لكن لا يمكننا أن نستمر في محاربة أعدائنا، وأيدينا مكبّلة خلف ظهرنا.

علينا أن نستنبط استراتيجيات فعّالة، بدلاً من الاعتماد على ما تتكرّم به القوى الكبرى، التي يكشف التاريخ أنها ليست خيّرة على الإطلاق. الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون لن يساعدونا، سيصطفّون إلى جانب المنتصر، سواء كان تنظيم «داعش» أو أي ميليشيا أخرى؛ فسوف يصفّقون لمن تكون له الغلبة والسيطرة أياً كانت هويّته.

أخيراً، أوجّه الرسالة التالية إلى مصر وقادة دول الخليج العربي: الفارق بين القائد العادي والقائد العظيم، هو القدرة على اتّخاذ القرارات. وفي هذه اللحظة بالذات، نحن أحوج ما يكون إلى قرارات شجاعة. على قادتنا أن يخرجوا من نطاق التفكير التقليدي في هذه الأزمنة الحرجة، ويختاروا مستشارين يتكلّمون بصراحة من دون مواربة.

احموا أوطانكم وشعوبكم؛ ابدأوا في الحال، ولا تنتظروا حتى الشهر أو الأسبوع المقبل. قد يكون الطريق مزروعاً بالأشواك والصخور، وقد يعبّر بعض «أصدقائنا» التقليديين عن اعتراضهم، لكن علينا أن نتحرّك عملاً بالقول المأثور «المتردّد يخسر دوماً».. وفي هذه المعركة، الخسارة ليست خياراً.
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية