محمد صلاح يكتب : تأمين السيسي
فتح الدكتور محمد مرسي سترته وابتعد عن حراسه، وتقدم إلى حافة المسرح الذي كان يخاطب منه عشرات الآلاف من مؤيديه في ميدان التحرير في اليوم التالي لانتخابه رئيساً لمصر، ليبرهن لهم ولغيرهم أنه لا يخشى استهدافه، وأنه مطمئن طالما يحيط به الشعب من كل جهة
ولكن سرعان ما تغير الأمر وصار موكب مرسي حين ينتقل من موقع إلى آخر محل انتقاد حتى من بعض مؤيديه، وكانت إجراءات الأمن حوله تغضب بعض الذين انتخبوه، وكان «الإخوان» يردون بأن كل رئيس يحتاج إلى حماية، وأن الجيش والشرطة وأجهزة الاستخبارات والحراس يؤدون واجبهم لا أكثر، علماً بأن «الإخوان» أنفسهم اعتدوا على بعض الناشطين الذين اعتصموا أمام قصر الاتحادية بدعوى تهديدهم للرئيس والشرعية.
يبدو السؤال منطقياً الآن: كيف سيحكم المشير عبد الفتاح السيسي مصر إذا فاز في الانتخابات الرئاسية المقبلة في ظل التهديدات التي تحيطه ومحاولات استهدافه من جانب «الإخوان» والجماعات الأصولية الراديكالية؟
منذ أن خلع السيسي رداءه العسكري وأعلن ترشحه للانتخابات لا يظهر إلا فجأة ولا يعرف أحد أين يقيم، ويستقبل زواره في أماكن متفرقة ولا يذهب إلى حفل أو مؤتمر أو منتدى أو لقاء معروف مكانه وموعده سلفاً. وهو أعلن في كلمته الأخيرة بردائه العسكري أن حملته الانتخابية لن تكون تقليدية وفُهم من كلامه أنه لن ينظم مؤتمرات شعبية في محافظات ومدن مصر كعادة مرشحي الرئاسة، وأدرك الجميع أيضاً أن السبب أمني بالدرجة الأولى. فشخص تعرض لكل هذا التهديد لا بد أن يكون على درجة عالية من الحذر والحيطة وأن تُتخذ إجراءات صارمة لتأمينه. بعض محبي السيسي كانوا يفضلون لو استمر وزيراً للدفاع وقائداً للجيش وألا يترشح للرئاسة، وهم اعتقدوا أن تأمينه في مواقع الجيش ووسط الضباط والجنود والأماكن العسكرية أسهل، وأن الخطر سيكون أكبر طالما صار مدنياً حتى لو أصبح رئيساً، وبعض معارضي السيسي «يحسدونه» على كثرة حراسه والإجراءات الأمنية لتحركاته ويطالبون الدولة بأن تعامل باقي مرشحي الرئاسة وخصوصاً حمدين صباحي بالطبع مثله.
بديهي أن تحمي الدولة مواطنيها ولو واجه صباحي أو غيره من مرشحي الرئاسة تهديدات بالقتل واستهدف من جموع «الإخوان» أو «أنصار بيت المقدس» أو غيرها من التنظيمات الراديكالية لوجب على الدولة وأجهزة أمنها أن تؤمنه وتضع له خطط حمايته ومناورات تحركه من موقع إلى آخر. أما السيسي فطبيعي أن يستهدف وما فعله في 30 حزيران (يونيو) واستجابته ومن ورائه الجيش للإرادة الشعبية في الإطاحة بحكم «الإخوان» وضعه في مرمى نارهم ومناصريهم، وهو بالفعل يواجه مخاطر داخلية بل وإقليمية وربما دولية، ولا فرق في مسألة تأمينه إذ صار رئيساً أو بقي وزيراً للدفاع، فهو مطلوب أياً كان موقعه وسيفرض عليه المقعد الرئاسي في المستقبل التزامات تزيد من الخطورة
نقلا عن صحيفة الحياة