رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على سالم يكتب: قليل من الفلسفة

بوابة الوفد الإلكترونية

بغير الفلسفة تتحول حياة البشر إلى عبء وعقوبة، والفلسفة عمادها الأسئلة، أن تسأل نفسك وأن تسأل روحك، وكل سؤال يصل إلى واحة من الإجابات وكل إجابة قد تكشف عن سر من أسرار الحياة، سر عندما تكشفه أو تكتشفه تتحول حياتك إلى قارب نجاة أو إلى شاطئ آمن لا يتهددك فيه شيء أو عدو.

عيش.. حرية.. كرامة إنسانية، يا لها من مطالب نبيلة، غير أني بكل صراحة ووضوح أريد أن أستفسر منك عن بعض أشياء بشأنها.. بالعيش أنت تقصد الخبز أي غذاء البشر اليومي، وهو مصنوع من القمح + مجهود البشر.
حسنا، من أين ستأتي بهذا القمح؟ هل ستزرعه أم ستحصل عليه من الآخرين على سبيل المعونة؟ سأفترض جدلا أن سيادتك تفضل أن تحصل عليه كمعونة لأنك عاجز عن زراعته، ألا يتعارض ذلك مع كرامتك الإنسانية التي ثرت طلبا لها، هكذا ترى يا عزيزي الثائر أنه لكي تأكل رغيفا من صنعك، عليك أن تهتم بمشكلات الزراعة ومشكلات الفلاحين، أضف إلى ذلك أن القمح لن ينقل نفسه بنفسه من الحقول إلى صوامع القمح ومنها إلى الأفران، لا بد من حركة نقل منضبطة عليك أن تضمن لها طرقا آمنة. الباقي أمره سهل، فرانون وعجانون وهم موجودون بوفرة في سوق العمل في مصر، والسؤال هو هل بالفعل لا توجد مشكلة في ذلك؟
لنفرض أن الفران وصاحب الفرن من الجهلة المهملين الكسالى غير المهتمين بنقاء الرغيف، أليس معنى ذلك أنهم سينتجون خبزا تعف أنت عن أكله؟ القمح وحده إذن لن يحل مشكلة العيش، لا بد من فرانين أصحاب ضمائر ولديهم حس خاص يقدس الجمال والنظافة، كما لا بد أيضا من مراقبين حكوميين يراقبونهم في عدالة وبغير ارتشاء. هل تراني أغالي أو أبالغ، أم أني فقط أفتح عينيك على الأبعاد الحقيقية لمشكلتك.
نأتي للعنصر الثاني من عناصر ثورتك وهو الحرية التي دخلت من أجلها السجن في عهد مبارك وفي عهد مرسي

وفي العهد الحالي، إذا كان العمل طلبا للحرية سيدخلك السجن في كل العهود، فأين الخطأ؟ هل لأنك تطلب شيئا لا وجود فعليا له على الأرض، أم أنك تطلب شيئا لا تعرف عنه شيئا؟
هناك اعتقاد شائع بأن الحرية هي التحرر من القيود والقوانين، وأنا أعتقد بأنها العكس تماما، بمعنى أن الحرية هي القدرة على الإنجاز في ظل القيود التي ارتضاها المجتمع وقيد بها نفسه. هناك أغنية شهيرة للأستاذ محمد عبد الوهاب «أحب عيشة الحرية.. زي الطيور فوق الأغصان» ولكنك لست طائرا ولا في خفة الطائر، وبالتأكيد لا يمتعك أن تنتقل من غصن إلى غصن، أنت عاجز عن الطيران بذاتك غير أنك قادر عليه بعلمك ومعرفتك، بهضمك لقوانين الطبيعة والقوانين الرياضية وبعلومك الهندسية، كل ذلك يشكل قواعد وقيودا، غير أنك تمكنت من اختراع الطائرة لأنك التزمت واحترمت كل هذه القيود. لقد اكتشفت سيادتك أنه ليس من الضروري أن تكون طائرا لتطير، تستطيع أن تصنع طائرة تطير بك في السماء من مكان إلى مكان، وليس ضروريا أن تكون سمكة أو حوتا لتتمكن من الغوص في أعماق المحيط، تستطيع فعل ذلك باختراعك للغواصة.
أيها السادة الثوار.. الحرية هي القدرة على الإنجاز وتحقيق أهداف المجتمعات من خلال القوانين الطبيعية والموضوعة.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط