زاهى حواس يكتب: لا تهدموا الآثار!
ذكرت من قبل وفي أكثر من مناسبة ثقافية مختلفة أن مصر قد فقدت من تراثها الأثري ما يوازي ثلث ما تملك من آثار إما عن طريق السرقة أو الهدم والإتلاف أو الاستيلاء على الأراضي الأثرية.. وللأسف الشديد لم ينتبه المسؤولون عن حماية وإدارة التراث الحضاري في مصر إلى خطورة ما حذرت وما زلت أحذر منه.
وأصبح الوضع الأثري في مصر كارثيا بكل المقاييس، سواء على مستوى الإدارة أو مستوى التأمين، وأخشى ما أخشاه هو أن نصل إلى مرحلة لا نستطيع معها إصلاحا. ففي ظل الأوضاع الأمنية السيئة بالبلاد تعدت العصابات المسلحة على آلاف الأفدنة من الأراضي الأثرية في الدلتا والصعيد على حد سواء وقاموا بتحويلها إلى مزارع خاصة، والأخطر أنهم قاموا بالبناء عليها، وكذلك بالحفر والتنقيب عن الآثار بها.. وذلك في ظل غياب تام للمسؤولين عن الآثار، والذين تركوا المناطق الأثرية في عهدة مفتشي آثار عزل وخفراء لا حول لهم ولا قوة أمام جبروت الإرهاب المسلح الذي تواجهه الآثار المصرية.
ولعل مثالا واحدا فقط يكفي لإبراز ما تعانيه الآثار في مصر وهو من الجبانة المنفية - نسبة إلى مدينة منف العاصمة المصرية القديمة - والمسجلة على قائمة التراث العالمي وتمتد من أبو رواش شمالا وحتى دهشور جنوبا مرورا بأهرامات الجيزة وأبو صير وسقارة.. أي أكثر من خمسين كيلومترا مربعا، وهي ما يجعلها أكبر منطقة تراث عالمي في العالم كله.. وقد تعرضت آثارها للتخريب والتشويه وسرقة المخازن الأثرية ونهبت أراضي الجبانات الأثرية لتشيد عليها مقابر أو منازل أو مزارع حديثة. ليس هذا فقط بل وصل الأمر إلى الحفر والتنقيب في قلب المنطقة الأثرية تحت حماية السلاح وفي المقابل صمت تام من المسؤولين!! ويكاد لا يمر يوم إلا ونسمع عن حادثة بسبب الحفائر الخلسة التي يقوم بها الطامعون في الثراء والمال إما أسفل منازلهم أو في الصحراء والجبال وكأن تراث هذا البلد أصبح مستباحا.. ولا تزال أعمال الاعتداء مستمرة في منطقة العرابة المدفونة بأبيدوس – واحدة من أقدم المناطق الأثرية –
نقلا عن صحيفة الشرق الآوسط