رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

سليمان جودة يكتب : حالة اسمها عمرو موسى

سليمان جودة
سليمان جودة

في فترة ما قبل 25 يناير (كانون الثاني) 2011، كان الجميع يتساءلون عما إذا كان «مبارك» سوف يرشح نفسه، في انتخابات الرئاسة التي كان من المقرر إجراؤها في آخر العام نفسه، أم لا؟!..

وكان موضوع التوريث الشهير، مضغة في كل فم، ولم يكن هناك أحد يستطيع أن يقطع، على سبيل اليقين، بما إذا كان التوريث، حقيقة فعلا، أم أنه مجرد خيال؟!

ويكفي هنا أن أشير، إلى أنه رغم أن التوريث، كان حديث كل بيت، في تلك الفترة، إلا أن الدكتور علي الدين هلال، المفكر السياسي البارز، وأحد قادة الحزب الوطني الحاكم وقتها، قد قال صراحة في مناسبة من المناسبات في حينه، إن مبارك هو مرشح الحزب في الانتخابات المقبلة!

ومع ذلك، فليس هذا على بعضه، هو موضوعي، لأني هنا أريد أن أتحدث عن موقع عمرو موسى، من انتخابات الرئاسة، قبل 25 يناير، وبعدها، ثم عما يمكن أن يكون درسا لنا، في الحالتين.

في ذلك الحين، كان لا يزال أمينا عاما للجامعة العربية، وكان في كل مرة يتلقى سؤالا عما إذا كان سيرشح نفسه، أم لا، يجيب إجابة واضحة لا تتغير، وكانت إجابته تقول بأن مبارك إذا رشح نفسه، فإنه، أي عمرو موسى، سوف لا يضع نفسه في سباق من هذا النوع.. أما إذا رشح «جمال» نفسه، فقد كان تقدير «موسى» عندئذ، أنه سيطرح نفسه في السباق، في مواجهة جمال.

هنا.. أنت أمام رجل يعرف ماذا عليه أن يقول، وماذا عليه أن يفعل، ثم يعرف بالدرجة نفسها متى يكون القول والفعل في حالتيه!

ولا يختلف موقفه، في لحظتنا الحالية، عما كان منه هناك، بل إنه يكاد يكون الموقف ذاته من حيث مبادئه وأصوله التي يتكئ عليها.

وقبل أن نتأمل موقفه الحالي، علينا أن نتذكر دائما، أن الرجل خاض سباق الرئاسة في 2012، وأنه كان الوحيد بين المرشحين الرئاسيين، في ذلك العام، الذي طرح برنامجا انتخابيا مكتوبا، ومطبوعا، وموزعا على الناس.

ورغم أن سباق 2012 ضم 11 مرشحا، ورغم أن ثلاثة بالكاد بينهم، كانوا هم الذين يمكن أن يوصف أي واحد فيهم، بأنه مرشح رئاسي، إلا أن الرهان بين المصريين وقتها، فيما أذكره جيدا، كان على «موسى» وحده، دون غيره، وكان كثيرون يرون أنه الرئيس المقبل، وأن السباق محسوم له، وأنه يتفوق كثيرا، إذا ما انعقدت أي مقارنة، بينه وبين سائر المرشحين، على أي مستوى!

ومع ذلك، فقد جاءت النتيجة على عكس ما توقع الملايين من محبي الرجل ومؤيديه، ولا بد أن كثيرين منهم أصيبوا بصدمة، عندما حل مرشحهم المفضل، خامسا، بين المرشحين، في الجولة الأولى، وخرج بالطبع بعدها، من السباق، وهو ما لم يكن متوقعا بأي حساب من حسابات العقل أو المنطق.

وليس سرا، أن هناك أصحاب رأي بلا حصر، لا يزالون يعتقدون أن «شيئا ما» حدث في أثناء الجولة الأولى، وفي أثناء الإعداد لها، وأن هذا الـ«شيء ما» لم تتضح أبعاده إلى الآن، وأنه سوف يتضح في يوم من الأيام، لأنه عندما يكون عمرو موسى هو رقم واحد بلا منازع، في استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات، ثم يصبح

فجأة رقم خمسة، فلا بد أن شيئا ما، قد جرى، ولا بد أن يوما سوف يأتي، نعرف فيه، أنه قد أريد لنا بشكل من الأشكال، ألا يكون «موسى» هو رئيس مصر في هذه الفترة من تاريخها، رغم أنه كان الخيار الأفضل، والأنسب، بين المرشحين جميعا، بل ربما لهذا السبب تحديدا، أريد له، ألا يكون!

على كل حال، تصرف هو، بعد الجولة الأولى، ثم بعد إعلان النتيجة النهائية، تصرف الرجال، ولم يشأ أن يطعن فيها، وكان في إمكانه أن يفعل، ثم يكون لطعنه دوي، دون أن يلام من أحد!

وحين انزاح الإخوان، من الحكم، وبدأ الإعداد لجولة رئاسية جديدة، كانت كل الأسباب تدعوه لأن يسارع إلى تعويض فرصة حقيقية فاتته، لولا أنه لم يفعل، ولولا أنه تصرف بمنطق رجل الدولة ذاته، الذي تصرف به من قبل!

كان في مقدوره، هذه الأيام، أن يقول، إنه سوف يطرح نفسه للناخبين، وكان في مقدوره أن يذهب في هذا الطريق، وهو على يقين من أن الذين تعاطفوا معه، وأيدوه، في 2012، لا يزالون كما هم، بحكم طبائع الأمور، بل إنهم تضاعفوا عددا، بحكم الإعجاب الذي ناله هو، بعد أداء سياسي بارع وحكيم، تميز به، في أثناء رئاسته للجنة الخمسين التي وضعت دستور ما بعد الإخوان!

ولكنه، وهو يعرف كل هذا تمام المعرفة، لم يتراجع لحظة عن القول بأنه إذا كان المشير السيسي سوف يرشح نفسه، فإنه، أقصد عمرو موسى، سوف لا يرشح نفسه.. ليس هذا فقط، بل وسيدعم المشير بكل قوة، وسوف يشرفه أن يكون من بين أعضاء حملته الانتخابية التي تروج له، ولبرنامجه، بين المصريين!

ماذا يعني هذا كله؟!.. يعني أنك أمام رجل يرتفع بمصلحة بلده العليا، على طموحه الشخصي، رغم أنه طموح مشروع، ويعني أيضا أنك أمام رجل صاحب عقل سياسي رفيع، ويعني أنك أمام «حالة» أكثر منك أمام شخص، أو فرد، وهي حالة يجب تدريسها في مقام تعليم الإحساس بالمسؤولية لكل من يريد أن يوصف في العمل العام بأنه حقا، إنسان مسؤول!.

نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط