رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ثروت الخرباوي يكتب : : متلازمة الشرعية

ثروت الخرباوي
ثروت الخرباوي

كان مشهد المتهم محمد مرسي في قفص الاتهام الزجاجي غريبا وهو يروح ويجيء، ويتكلم ويصرخ، ويكاد يقفز من مكانه، حتى ان الكل أيقن ان هذا الرجل أصيب بلوثة عقلية، ويبدو ان لوثته تتعلق بمرض نفسي جديد اسمه «الشرعية» وهذا المرض في حقيقته هو انكار للواقع وعدم تصديق له، مرسي مريض،

واخوانه مرضى، ولكنهم مع ذلك يحاولون استخدام حيل سطحية يخيل لهم أنها ستصل بهم الى ما يريدون، ولأنني أعرفهم وأعرف أفكارهم وطريقتهم فان حيلهم بالنسبة لي مكشوفة ومكررة ولا جديد فيها، وسأضرب لكم مثلا، عندما سحب الشعب من ممثلهم في الرئاسة شرعيته وطرده من القصر شر طردة، لم يكن أمام الجيش المصري الوطني حتى النخاع الا ان يسعى لتنفيذ ارادة الشعب، قال له الشعب: أنت يا جيشنا ملك للشعب وملك للمشروع الوطني المصري، ويجب ان تنفذ ارادة الشعب، وقد أراد الشعب ان يطرد هذا الرجل من منصبه الذي أعطاه اياه، وأنت القوة الصلبة الوحيدة التي تستطيع ان تضع ارادتنا موضع التنفيذ، وان لم تفعل ستراق الدماء وسنقتحم القصر وسنشتبك مع عصابة هذا الرجل وسنفنيهم عن آخرهم، اعلم أيها الجيش ان البديل اذا لم تقم بتنفيذ ارادتنا هو الدم، فقال الجيش للشعب الذي خرج بالملايين التي لم تحدث في تاريخ البشرية: ما هي طلباتك؟ قال ممثلو الملايين من الشعب، نريد التوافق على تعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد لحين اجراء انتخابات رئاسية مبكرة، ونريد اسقاط الدستور الذي فرض علينا فرضا عندما زيفوا وزوروا ارادتنا، ونحن أيها الجيش أعلنا مطالبنا هذه للرئيس الذي عزلناه ولكنه لم يأبه بها واستهتر بنا واستخف بطموحاتنا وآمالنا، وقد جهل هذا المعزول أننا بثورة يناير كسرنا حاجز الخوف وانطلقت ألسنتنا، ولكنه لم يرنا ولم يسمعنا لأنه لا يرى الا نفسه ولا يشعر الا بجماعته ولا يسمع الا لها.

نظر الجيش الى الحال الذي تمر به البلاد فكتب بيانا للشعب بكل أطيافه، وطلب من المعزول ان ينظر الى طلبات الشعب وأن يتوافق معهم حتى لا تمر البلاد بحالة انفلات، وفي البيان تم إمهال كل الأطياف أسبوعا للتوافق، ولكن المعزول لم يهتم، فخرجت الملايين الجامحة تهتف «الشعب خلاص أسقط النظام» فاذا بالمعزول يخرج ليخطب فينا خطابا هشا مثله، سطحيا مثله، يقول فيه، أخطأت واعطوني فرصة واجلسوا معي وسنتفق، وكان الشعب قد كفر به وبوعوده، فهو لم يعد وعدا واحدا ثم أنجزه، ولم يتحدث حديثا واحدا وصدق فيه، ولم يؤتمن على مقدرات البلاد فحفظها، بل أخذ يبعثر أموال الدولة في سفريات فاشلة وكأنه قرر ان يخرج في نزهة دائمة

على حساب الشعب، ثم جعل نفقات قصره تزيد أضعافا عن النفقات التي كان مبارك ينفقها على القصر، وكأن مبارك كان ينفق على أسرته في حين ان مرسي كان ينفق على أسرته وجماعته وأهله وعشيرته، لذلك لم يثق الشعب فيه وفي وعوده، ولم يوافق أي انسان في رأسه ذرة من عقل ان يجلس معه، وهل نجلس مع كذاب مخادع خائن؟ المهم ان خطابه لم يكن على مستوى المسؤولية التي يفترض ان تتوافر في رجل يعرف معنى الوطنية، كان خطابه بليدا غبيا أحمق، فلم يكن أمام الجهة التنفيذية التي أناط بها الشعب تنفيذ قرار طرد مرسي من الرئاسة الا ان قامت بالمهمة التي أسندها لها الشعب.

بالنسبة للعقلاء حين يتم طرد موظف درجة ثالثة بسبب أخطاء ارتكبها فانه يقوم بالاعتراف بخطئه والاعتذار عنه، بالنسبة للمكابرين فانهم يدعون أنهم لم يقعوا في خطأ قط وأنهم تعرضوا لظلم، بالنسبة للأغبياء فانهم سيقولون هناك مؤامرة كونية ضدنا، بالنسبة للمجانين سيقولون: من الذي قال انه تم طردنا من وظيفتنا! نحن مازلنا نشغل عملنا لأن لنا شرعية تعيين، وبالنسبة للخائنين فانهم يسارعون الى الاستقواء بقوى خارجية، وبالنسبة للخائنين المجرمين فانهم يستقوون بالخارج ويطلبون معاقبة من طردهم.

فعل الاخوان كل ما سلف، فجمعوا الغباء مع الجنون مع الاجرام مع الخيانة، وزادوا عن ذلك بأن قالوا: ان ما حدث في مصر هو انقلاب عسكري وأنهم أصحاب الشرعية!وهذه أول مرة في التاريخ يعلن شعب القيام بثورة لمصلحة الجيش ثم يقوم الجيش بالتخلي عن الحكم للشعب، وهذه أول مرة يتم تحديد موعد الانقلاب قبلها بأشهر!.

ولايزال مرسي الى الآن يعيش في وهم الشرعية، منكرا للواقع غائبا مغيبا، والمشكلة ان جماعته على نفس شاكلته.

نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية