رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

أمينة خيري يكتب : نعم» للدستور... بأمر نبض الشارع

 

جبهة الإنقاذ، وحركة كفاية، والتيار الشعبي، ونبض الشارع يراقب. جماعة «الإخوان المسلمين»، والجبهة السلفية، وحزب مصر القوية،

وحزب الأصالة والتنمية، وحزب النور، ونبض الشارع يختبر. حركة 6 أبريل، وألتراس أهلاوي، وألتارس زملكاوي، وألتراس مرساوي، ونبض الشارع يترقب. حزب المصريين الأحرار، والحزب المصري الديموقراطي، وحزب الوفد، وحزب التجمع، ونبض الشارع يمتنع. ثورة 25 يناير، وثورة 30 يونيو، وخلع مبارك، وعزل مرسي، ونبض الشارع يدق. «الجيش والشعب يد واحدة»، و»يسقط حكم العسكر»، والشعب والشرطة يد واحدة»، و»الشرطة بلطجية»، ونبض الشارع يتأرجح. نعم تقودك إلى الجنة ولا تأخذك إلى جهنم، ونعم من أجل مصر والاستقرار، ونبض الشارع يقرر.

إنه النبض الغائب الحاضر، النبض الكامن الظاهر، ذو الدقات المغيبة المؤثرة. هو لفظ من بنات أفكار الحزب الوطني الديموقراطي المنحل، وهو المفهوم المساوي للعدم في بناء حزب الحرية والعدالة، وهو وسيلة الركوب من أجل الوصول لغاية المنى ومنتهى الأمل حيث الكرسي المنشود في القصر المأمول. وهو مطمح النصابين ومطمح المتصارعين ومطبخ المتآمرين. وهو العالم ببواطن الأمور من دون تفاخر، والعارف بخبايا الصدور من دون تنابز، والقادر على قلب الأمور رأساً على عقب من دون تمايز.

والميزة الكبرى فيه هو إنه لا يُسرف في استعراض طاقاته، ولا يغالي في التعبير عن طموحاته، ولا يتوانى في هرس من يفكر في التخطيط للتدبير من أجل إيقافه أو إسكاته أو التدخل انقباض القلب للتحكم في نبضاته.

نبض الشارع، الذي ظن الشارع نفسه لوهلة إخوانية وجيزة إنه بلا نبض، عبّر أمس عن نفسه نهاراً جهاراً، أو بالأحرى مساءً جهاراً، وذلك بإعلان اللجنة العليا للانتخابات موافقة الناخبين بالإجماع على دستور مصر المعدل، أي «وقالت الصناديق نعم للدستور» باللغة الإخوانية.

النزعة الإخوانية التي أعمتها «الأخونة» وغرتها الصندقة (غرور الصناديق) وأفسدتها الثقرطة (مفسدة الثيوقراطية) داست في طريقها على شرايين المصريين ما أفقدها الشعور بنبضها، فظنت إنها ملكتها وأيمانها.

إيمان المصريين بأنفسهم اعتل تحت وطأة الجماعة وأصابه الوهن بسبب قبضة التأسلم، فضعف النبض، وبات متذبذباً متأرجحاً، لكنه ما لبث أن استفاق بصدمة كهربائية عنيفة ساهم فيها خطاب «الشرعية ثمنها دمي» المغفل من قبل موسوعة «غينيس» على رغم عدد مرات ذكر «الشرعية» الذي فاق السبعين، ودعمها لقاء «نصرة سورية» ملتقى التكفيريين ومحفل الجهاديين ومجمع الإرهابيين في قلب العاصمة، ناهيك عن تجاهل المصريين من غير الإخوان، وخطاب الأفلام التاريخية الخالي من اللهجة المصرية، والتوجه نحو الأخوة في الخارج على حساب المواطنين في الداخل.

وفي داخل الجسد المصري، ظل القلب ينقبض ويدفع بالدماء في الشرايين من دون أن تشعر الجماعة، ومن دون أن تتكبد عناء قياس النبض، أو الكشف عليه، أو حتى التأكد من استمراره. وسار على نهجها، وإن كان في اتجاهات مختلفة، الكثير من الحركات الشبابية، والتيارات الليبرالية، والأحزاب

السياسية الكرتوني منها والحديث، حيث اتفق الجميع على التلاعب بنبض الشارع، مرة بدغدغة الشرايين بوعود العيش ومرة بالدق على القلوب بأحاديث الحرية ومرة بضخ المزيد من الدماء من خلال تلميحات العدالة الاجتماعية.

واجتمع المصريون على دستور «إنقاذ مصر» من براثن جماعة فقدت عقلها، وتخليصاً لوطن شوهه على مدى عقود مفهوم قاصر عن الدين باطنه سياسة وظاهره دعوي خيري صحي تعليمي تربوي، وانفصالاً عن كيانات سياسية تلاعبت به ذات عهد بتزوير انتخابات ممنهج تخت شعار «نبض الشارع مع الرئيس»، وذات حزب بالتجروء على اقتناص «نبض الشاعر» الذي يميل إلى هذا التيار أو ذاك، وذات حركة بالنصب والاحتيال وكأنها لسان حال «نبض الشارع».

نبض الشارع دق كما لم يدق مساء أمس مع إعلان نتيجة استفتاء المصريين على دستورهم، وانقبض القلب معلناً عن تدفق الدماء في الشرايين المصرية رغم أنف الجماعة والأحزاب والحركات والجبهات والتحالفات والتيارات، معلناً استقلاله وقدرته على اتخاذ قراره بعيداً عن أحلام الكرسي وطموح الهيمنة وأطماع السيطرة.

المثير كذلك في إعلان نبض الشارع المصري استقلاله يوم أمس، هو قيامه وحده بإعادة تعريف الإسلام السياسي من دون خبراء استراتيجيين وأساتذة سياسيين وباحثين إسلاميين ومحليين أمنيين ومشايخ وسطيين، وإعادة هيكلة عبارة «الشعب متدين بالفطرة» مع نبذ الصور النمطية للـ»ناس بتوع ربنا» و»راجل بركة» ومشايخ بئر السلم، ومراجعة مفاهيم «حزب بخلفية دينية» و»دين بخلفية سياسية» وسياسة ملتحفة بالدين» و»دين ملتحف بالسياسة».

نبض الشارع المصري يضخ الدماء من القلب بقوة وثبات وانتظام، متجاهلاً عودة غبية لوجوه نظام أسبق، ورافضاً محاولة مستميتة لعودة نظام سابق، ومراقباً لقفزات استباقية ورقصات استعراضية لأحزاب وتيارات سياسية عينها على الكرسي، ومنتظراً لما هو قادم ومن هو جالس على الكرسي، فهو يعلم إن «الكرسي مكتوب عليه إسم صاحبه»، فنبض الشارع متدين بطبعه، مختار بقلبه، منتخب بعقله.

نقلا عن صحيفة الحياة