رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مفتاح شعيب يكتب: جنوب السودان وحروبه

بوابة الوفد الإلكترونية

لم يجانب مسار الصراع في جنوب السودان التوقعات، وأثبت من أيامه الأولى أنه كارثي وسيسفر عن مأساة إنسانية مروعة، وها هي التطورات تتسارع، وقد تتطاير شظايا هذه الحرب إلى ما وراء الحدود، إذا لم تحصل تسوية مفاجئة توقف النزيف الدموي وتنقذ ما يتبقى.

ما يجلب الإحباط هو أنه في الوقت الذي تسرع فيه رحى المعارك حول المواقع الاستراتيجية، تسعى الضغوط الدبلوماسية إلى إجلاس طرفي النزاع حول مائدة مفاوضات للبحث عن حل، ولكن على الأرض لا توجد مؤشرات قوية يمكن أن يبنى عليها مشروع حل سياسي، فالقوات الموالية لنائب الرئيس المقال رياك مشار سيطرت على مواقع استراتيجية في ثلاث ولايات هي جونقلي وأعالي النيل والوحدة، حيث مكمن الثروة النفطية والحاضنة القبلية للمعارضين، والرئيس سلفا كير من جانبه لن يستطيع الخروج منتصراً بالقتال، ورغم ما يلقاه من دعم سياسي من دول الجوار المنضوية في منظمة "إيغاد"، فإن قدرة هذه الدول على التحرك الميداني لنصرته محدودة لأسباب عدة، فالكونغو وإفريقيا الوسطى تعيش صراعات مزمنة، والسودان شمالاً مكبل باستحقاقات سياسية وأمنية تجعله غير مؤهل للعب دور كبير في الأزمة، أما إثيوبيا وأوغندا وكينيا فهي تخشى من أن تمتد نيران الصراع إليها عبر التداخلات الجغرافية والقبلية وشبكات التهريب والجريمة المنظمة .
وبالنظر إلى الحالة المترهلة للخريطة المحيطة بجنوب السودان، فإن الجهود المبذولة لجبر المتحاربين على وقف التقاتل تجابهها عراقيل عدة تجعل من فرص النجاح ضئيلة، وحتى إذا توفرت إرادة سياسية لسلفاكير وأريك مشار لإنهاء القتال والتوافق على صيغة للتعايش، فقد بذرت ثلاثة أسابيع من القتال ضغائن وثارات ليس من السهل تجاوزها . ويكفي أن تسجل الأمم المتحدة شهادات واعترافات عن مذابح مروعة وأعمال قتل على الهوية وتمثيل بالجثث وانتهاك للحرمات، فإن كل ذلك سيؤسس لتطورات خطرة

في الصراع، وقد يكون مصطلح "الحرب الأهلية" إزاء ما يجري تعبيراً مخففاً عن جرائم تحصل تفوق الوصف، بحسب ما تقول التقارير الدولية ويرويه الفارون من بور وبانتيو وملكال وجوبا وغيرها من مواقع التماس بين المتحاربين .
عندما اندلعت شرارة الأزمة منتصف الشهر الماضي، كان البعض يعتقد أن الأمر لا يتعدى خلافاً سياسياً بين سلفاكير ورياك مشار، في حين أن ما حصل كان مفترق طرق مصيرياً في "الدولة" الأحدث في العالم . وما لم يمتلك أبناء جنوب السودان الشجاعة الكافية لتجنب المجهول وبذل التضحيات، فلن تكون هناك أي جهة مستعدة للتضحية من أجلهم ودخول حرب مرشحة لتتحول إلى حروب شاملة .
قبل يوم من نهاية العام الماضي هدد الرئيس الأوغندي يوويري موسيفني بأن دول المنطقة ستلحق الهزيمة بمشار وقواته إذا لم يمتثل لنداء السلام . وبالفعل استجاب مشار وقبل المشاركة في مفاوضات أديس أبابا، لكن القوات الموالية له ظلت تتقدم ووضعت جوبا هدفاً استراتيجياً . ويبدو أن هذه المفارقة هي التي ستتحكم في مقبل الأيام، فتكون هناك مفاوضات بلا نتائج، أما على الأرض فهناك حرب دامية لا نتيجة لها غير الخراب والجرائم المروعة .
نقلا عن صحيفة الخليج