رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أمينة أبو شهاب يكتب : عام “الإخوان”

أمينة أبو شهاب
أمينة أبو شهاب

سنة 2013 هي سنة الإخوان المسلمين، ليس لأنهم جنوا فيها مكتسبات جديدة فائقة وقطعوا أشواطاً تاريخية في سبيل تحقيق أهدافهم،

وإنما لأنهم طبعوا العام المنصرم بختم جماعتهم وفرضوا حضورها فيه وفي أحداثه . وشكّل العام أكثر الفترات تأججاً في الحرب بينهم وبين تكوين الدولة المصرية وصراع الوجود التي يعيشه الطرفان منذ وجدت الجماعة .
الحرب في 2013 كانت علنية ومفتوحة الجبهات ولا يوفر فيها الإخوان الآن أي وسيلة مؤثرة وماكرة ومجربة لاستدراج أجهزة الدولة ومشاغلتها وإنهاكها وصولاً لإضعاف شعبيتها وإدانتها دولياً .
كان الجديد في عام 2013 أن جماعة الإخوان لم تعد تخفي استراتيجيتها في الحرب على الدولة كما كانت تفعل سابقاً، ومثلت الأشهر الماضية قتالها "العلني" الأعنف والأشد ضراوة والذي يعود القهقرى في استراتيجياته اليومية إلى المقدمات التي سبقت إسقاط مبارك . ما يستخدمه الإخوان بالتأكيد عبر شبابهم في حرب الشوارع هي الوسائل نفسها التي تلقت مجاميع شبابية مصرية دورات تدريبية فيها في الغرب وبمشاركة من دولة عربية ورعايتها لجزء من التدريب الذي كان يركز على استخدام وسائل التواصل الحديثة وتظاهرات الشباب من الجنسين والعصيان المدني والاحتكاك المقصود والمتعمد مع قوى الشرطة والجيش، بهدف نشر لقطات العنف وإكثار ضحاياه .
إن كان البطل الخفي للربيع العربي هوجين شارب ودليله المكتوب الذي يحتوي عشرات الأساليب للعصيان المدني وحسم الحرب ضد الدولة "مدنياً"، فإن هذا الدليل بالتمام والكمال وكافة التفاصيل هو ما يستخدم اليوم إخوانياً ضد الدولة المصرية . وبهذا، فالحرب الإخوانية الفعلية القائمة ضد الدولة المصرية هي رمز عن الحرب على الدولة العربية في كل مكان وعن تواصل أوارها وسعيرها الذي لم يتوقف .
لم يحدث إلى الآن عالمياً أن استخدمت وسائل التواصل الحديثة بالشكل المكثف الذي تدار به ضد كيانات الدول في بلدان العرب، كما هو حاصل في هذه الفترة في مصر حيث يترادف هذا الاستخدام مع دور فضائية الجزيرة وكونها ناطقاً إعلامياً باسم الإخوان ومزيفاً للوقائع اليومية للصراع السياسي لصالحهم .
الركن الأساسي في الحرب ضد الدولة في المنطقة هو الإعلام، هذا ما أثبته عام 2013 ولقد كانت هذه الحرب هي بمنطق إخواني وبأدوات إعلامية إخوانية ممتدة الشبكات عالمياً لعبت قوى خارجية دوراً في خلق رمزيات سياسية - إعلامية لها (مثل علامة رابعة) التي هي كناية عن مقتلة أنصار الإخوان أو كربلائهم التي سعوا إليها لإبقاء "قضيتهم حية" وتحفّها الدماء في الوجدان العام وبحثاً عن مسيرة سياسية متجددة أساسها العداء الدموي مع الدولة . والسؤال بعد سنة كاملة من إدارة حرب إعلامية نوعية وهائلة الحجم والإمكانات هو: هل الإخوان هم الواجهة والأداة المرئية فحسب للحرب التي هي أكبر من إمكاناتهم وحجمهم وقدرتهم على التخطيط كما ظهروا على حقيقتهم في فترة حكمهم لمصر؟ هل وجد الإخوان ليكونوا أداة هدم وتناقض أبدي مع كيان الدولة العربية؟
إن أهم ما شهده عام 2013 هو انكشاف

حقيقة الإخوان، فهي بكل استحقاق سنة هذا الاكتشاف والكشف وتبعاته الشعبية عليهم متمثلة في غضبة جماهيرية شاملة كانت هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن إبعادهم عن الحكم بعد تراكم الحقائق عن بعدهم لسنوات ضوئية عن الصورة المثالية الدينية والهالة المرتبطة بها والتي ظلت تحيطهم لأكثر من ثمانين عاماً بعيداً عن التجريب على كرسي الحكم . لقد مارس الإخوان سياسة الحكم وسلطاته كحزب متجرد ومنفصل تماماً عن المثل الدينية ووعود العدالة الأرضية كما في العصر الذهبي الإسلامي الأول . لقد كانوا في سنة حكمهم حزباً براغماتياً لا يتوانى عن استخدام أساليب الفساد . لقد ظهرت للعيان مساوئهم الأخلاقية ولجوؤهم إلى القهر الاجتماعي والسياسي لإخضاع الشعب . كل تلك الأساليب لم يكونوا يختلفون فيها عن النظام السابق . في الحكم أيضاً، كان الإخوان ضد الدولة وتصادموا مع مؤسساتها كما عملوا على التموضع والتمدد فيها . ولم يكونوا معنيين من قريب أو بعيد بتطبيق شعارهم الذي طالما عرفوا به وهو "الإسلام هوالحل" . ولذلك وخلافاً للآمال والرهانات الغربية عليهم، لم يصمد رصيدهم الديني "المفترض" في حمايتهم من الإسقاط من الحكم .
تظل هذه الحقيقة وهي سقوطهم من موقعهم العالي شعبياً هي الأكثر إشعاعاً في سنة 2013 ويبدو كل ما بعدها من فعل إخواني نفياً لها ومحاولة لاسترجاع الموقع الديني والراديكالي السياسي الذي يغرون بخطابه ولغته الآن الشباب والطلبة ليسقطوا "شهداء" في "الحرب ضد الإسلام" كما يصورونها لهم .
هل تنفصل نتيجة الحرب بين الإخوان والدولة عن تجربة الاكتشاف الشعبي لحقيقتهم، حيث يخوضون هذه الحرب مجردين من "المصداقية" والرصيد الأخلاقي والديني الذي كان لهم والذي انقشعت غيوم أوهامه . مهما كانت هذه الحرب جهنمية في أدواتها وأهدافها، فإن كل تجارب الشعوب تثبث استحالة استعادة مواقع تمت خسارتها بناء على حكم شعب استعاد وعيه . وقد خسر الإخوان خسارتهم المبينة في العام 2013 .
نقلا عن صحيفة الخليج