عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد صلاح يكتب : عام النهاية!

محمد صلاح
محمد صلاح

لم يكن الانفجار الذي ضرب مقر الاستخبارات العسكرية المصرية في مدينة إنشاص في محافظة الشرقية أمس، هو الأول ولن يكون الأخير، فالمعركة مفتوحة وستستمر لفترة ليست قصيرة،

والدولة المصرية في مواجهة عنف «الإسلاميين»، إخواناً وغير إخوان، ليس لديها إلا خيار واحد فقط أن تبقى وأن تنتصر، فواقع الأحداث يشير إلى أن ما قبل عزل محمد مرسي شيء وما بعده أشياء أخرى تماماً.
ولم يكن العام 2013 وأحداثه الصاخبة وتأثيرها في مصر والمصريين كتلك التي جرت العام الذي سبقه، ولن تكون السنة الجديدة 2014 وأحوال المصريين فيها كالأحوال في الأعوام الثلاثة التي عاشوها بعد ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011، فالعام الذي شهد تصاعد الصدام بين «الإخوان»، وهم في الحكم، وبين باقي قوى وفئات المجتمع وانتهى بعزل مرسي وإبعاده عن المقعد الرئاسي بل وسجنه ومعه قادة الجماعة انتهى بتفجر وانتشار وتفشي الإرهاب، لتخوض مصر تحدياً جديداً يضاف إلى تحديات ما بعد الثورة... وما أكثرها!
لم ينتصر الإرهاب قط في أي دولة على مدى التاريخ، ولم يُسقط نظاماً أو يوقع بدولة، ومصر التي تحارب الإرهاب الآن وستعانيه لفترة أخرى خير نموذج، فنظام مبارك لم يسقط بعمليات الإرهاب، التي امتدت عقدين تقريباً، لم يسلم خلالها مسؤول من تهديد أو منشآة من اعتداء أو فئة من الخطر، لكن مبارك في النهاية رحل بثورة شعبية سلمية كان تأثيرها أكبر من أي تفجير أو تفخيخ أو هجوم مسلح. نعم يؤثر الإرهاب وعملياته والداعمون له والمحرضون عليه والقائمون به في جهود التنمية والاقتصاد وخطط النهوض والإحساس بالأمان، لكن الشعوب لم تخرج في ثورة قط لتطالب بأن يحكمها الإرهابيون. وعلى ذلك فإن الحكم المصري الذي يعاني خللاً في طريقة إدارة أمور البلاد قد يرتبك أكثر لكنه في النهاية حكم موقت، سيرحل بعد شهور قليلة بإيجابياته وسلبياته وحسنات وسيئات، وسيأتي حكم آخر عبر انتخابات حرة وبإرادة شعبية، فهل سيتوقف الإرهاب؟ الإجابة القاطعة: لن يتوقف لكن أيضاً لن ينتصر خصوصاً إذا تجاوز الإرهاب استهداف رموز السلطة إلى الباصات العامة، التي لا يستقلها أصلاً إلا «الغلابة» من المواطنين البسطاء، ولن يخرج هؤلاء يوماً ليحتشدوا وينادوا بحكم من يسعون إلى قتلهم!
نعم وصلت الأحداث إلى ذروتها مع نهاية عام عصيب مر على المصريين بحوادث قتل وإرهاب في العاصمة والمحافظات، من ضرب للمقرات الأمنية والعسكرية إلى عنف داخل الجامعات وحولها، وفي الميادين والشوارع، وفي المواصلات العامة، فيشعر المواطن أنه يدفع ثمن أخطاء أوقعه فيها المتصارعون على السلطة، الذين استفادوا من كل الأنظمة وركبوا الثورة وقادوها إلى المصير الذي آلت إليه، فتحولت حياته جحيماً وهو

الذي كان يعيش في ظل الأنظمة السابقة جحيماً أقل.
مشكلة حكومة الدكتور حازم الببلاوي أنها لم تحسم من البداية الطريقة التي ستتعاطى بها مع جماعة الإخوان المسلمين، وبقيت لفترة طويلة تتجاذبها آراء أعضائها ما بين التشدد في التعامل مع الإخوان بعد إزاحتهم عن الحكم وبين المهادنة والمصالحة والمشاركة. لم تقرأ الحكومة جيداً نيات الإخوان وخططهم وظلت على أمل أن يظهر فيهم صوت ينادي بالمصالحة فيلبي باقي الإخوان النداء، ولم يحدث ولن يحدث أبداً. لم تدرك حكومة الببلاوي أن الإخوان اختاروا بعد 30 حزيران (يونيو) الماضي إلى النهاية في مزيد من الصدام، وأن الجماعة اعتقدت أن أموالها في الداخل والدعم الخارجي من تركيا وقطر وبعض دول الغرب إضافة إلى ظهرها الراديكالي من جماعات العنف ستجبر الذين ثاروا ضد حكمها على التراجع والجيش على الاستسلام والشعب على الانصياع! لذلك جاءت قرارات الببلاوي وحكومته دائماً متأخرة، فظهرت مرتبكة أو قل متخاذلة.
بالنسبة لقطاع عريض من الشعب المصري رافض حتى لوجود الإخوان أو مشاركتهم مجدداً كطرف في اللعبة السياسية، بعد كل ما جرى، فإنهم متفائلون بل هم على قناعة بأن الأحوال الآن أفضل كثيراً من فترة حكم مرسي، ولديهم الاستعداد ليدفعوا ثمناً أكبر للخلاص من الإخوان، وبالنسبة للجماعة وأنصارها في الداخل من الإرهابيين والخارج من الداعمين وقادة التنظيم الدولي فليس أمامهم أيضاً إلا المضي في الطريق التي اختاروها لأنفسهم حتى النهاية، أما بالنسبة للدول الداعمة للإخوان كتركيا وقطر وبعض دول الغرب فلن تتوقف مساعيها وصفوفها لإعادة الإخوان إلى اللعبة السياسية.
لن يكون عاماً سهلاً على الجميع، وعلى الأرجح سيشهد صراعات وصخباً، وسيُصدم الإخوان وأنصارهم رغم الضجة، وسيدركون، لكن متأخرين، مع النهاية أنهم ظلوا شهوراً يكتبون نهايتهم!
نقلا عن صحيفة الحياة