رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد رضا يكتب : كل شيء.. راح

محمد رضا
محمد رضا

هناك شيء خطأ في الحياة الثقافية العربية بأسرها، إذا كان الكتاب لا يبيع وإذا باع فبضعة آلاف نسخة فقط في عالم عربي قوامه أكثر من 300 مليون شخص حتى الآن.

هناك شيء خطأ في الحياة الفنية العربية بأسرها، إذا ما كان الفعل المسرحي غائبا وعادة التوجه إليه مقتلعة من جذورها، وإذا كان المسرح في الثلاثينات والأربعينات والخمسينات وحتى الثمانينات أنشط وأثرى مما أصبح عليه اليوم.

وهناك شيء خطأ في الحياة الفنية ذاتها إذا ما كان نشاط الدراما التلفزيونية يهب فقط حين تبدأ عجلة إنتاج البرامج التلفزيونية لشهر رمضان وتنام فيما عداه من شهور. 85 في المائة من الإنتاجات الدرامية العربية هي خاصة بالشهر الكريم. هل هذا طبيعي؟

ثم هناك شيء خطأ في الحياتين الفنية والثقافية إذا ما كانت السينما، كصناعة وكصناعة مستقرة إذا لم نقل رائجة، باتت من سالف العصور في أحد البلدان ومن الحظوظ والمناسبات في دول أخرى.

تلخيصا، هناك أكثر خطأ في المشهد الثقافي والفني ولا أحد هناك في وارد إصلاحه. كل شيء راح في سبيله، وسبيله ليس ما يفيد أو يثمر عنه نهضة عرفتها الثقافات والفنون العربية سابقا حين كان المسرح نشطا في أكثر من عاصمة ومدينة، وحين كانت صالات السينما تعرض كل جديد وليس منوالا واحدا منه فقط. وعندما كانت القراءة حلم الشباب والكهول على حد سواء وكان المرء يفخر بعدد الكتب التي في مكتبته.

وحين تسيطر البرامج الترفيهية التي تنتخب لك أفضل صوت وأفضل غناء وأفضل راقص وأفضل مهرج على ما عداها من البرامج. حين تصبح تلك البرامج هي الوحيدة المنتشرة، فإنه تأكيد أن الدسم من الحياة الفنية والثقافية بات في خبر كان وأن الجمهور الجديد الذي يشكل عصب الحياة الاقتصادية لم يعد في وارد المطالبة بتوازن بين الترفيه والتثقيف لأنه أساسا لم يعد يرى تثقيفا يذكر في السنوات الثلاثين الماضية.

التطورات الاجتماعية أمر لا مهرب منه. عصر ويليام شكسبير كان مختلفا عن عصر جين أوستن وهو بالتأكيد مختلف عن عصر جان - بول سارتر وهذا مختلف عن عصرنا اليوم. عصر المتنبي

وابن حزم وابن خلدون مختلف عن عصر طه حسين وإيليا أبو ماضي وجبران خليل جبران. وفي الرسم والنحت والموسيقى والمسرح والسينما الأمر ذاته. تتوالى العصور ولكل عصر ملامحه وخصائصه. لكن هذا لا يعني أن نذعن لتغيير شامل يمتص من ذواتنا الاهتمام بالرقي الثقافي ويحول الفن إلى مجرد استعراضات ترفيهية عابرة. لا يعني أن نتخلى عن حياة بكاملها لنلج حياة أخرى بكاملها. لم لا نمسك العصا من الوسط، ونحن أمة الوسط، فنحافظ على التراث ونعززه وفي الوقت ذاته نقبل على الجديد ونعيد ابتكاره بما يناسبنا ويتيح لنا إثراءه؟

هل المشكلة أنه كان لدينا يوما ما نقوله، فنا وأدبا وثقافة، فقلناه وانتهى الأمر؟ هل أتينا على آخر ما في حوزتنا من قدرات؟ إذا كان هذا حقيقيا فلـم نحن متخلفون في مجالات متابعة من لم يفرغ بعد مما في حوزته؟ ثم ما الذي سيرثه الجيل الجديد عندما يتوارى الجيل الحاضر؟ أي حياة وأي مفاهيم وأي فن؟

هناك بالطبع أسباب كثيرة للتراجع الحاصل، لكن معظمها قابل للحل بجهود الفرد الواحد. السبب الكبير الذي لا تكفي له مثل هذه الجهود هو أن المؤسسات القادرة في معظمها ليست جمعيات خيرية وهي تدفع لكي تقبض. تنتج الأعمال لكي تربح. تقيم المسرحيات لكي تمتلئ الصالات وتسترد تكاليفها وفوقها زيادة. وهي تلوم الجمهور والجمهور لا يدري أنه ملام.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط