عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فهد سليمان الشقيران يكتب : الحدث التركي... والأصولية في الخليج

بوابة الوفد الإلكترونية

من الواضح أن حالة من الارتباك تصيب الجسد الأصولي في المنطقة، منذ سقوط محمد مرسي في 30 يونيو (حزيران) وصولا إلى أزمة إردوغان وابنه على أثر ترسانة من الفضائح المالية والفساد.

إردوغان الذي درس الخطابة وباع الفاكهة والخضار استولى على قلوب الكثيرين، والنموذج «الإسلامي التركي» طرح كأيقونة للتقدم في المحاضرات والمنتديات، وطرح كمثل صالح حتى على ألسنة بعض العلمانيين الذين من المفترض أن لا تنطلي عليهم هذه الحيل التي يديرها متشددون.

لم ينج الحكم الإسلامي من الوقوع في فخاخ الفساد، هذا الذي حدث بمصر، ومن ثم تركيا الآن. هناك أفكار جرى تداولها حول «التجارب الإسلامية» مثل «تجربة ماليزيا» أو «تجربة تركيا». «مهاتير محمد»، رجب طيب إردوغان»، لكن كل هذه التجارب لم تدم طويلا ولم تحقق فرقا على المستويات الديمقراطية، أو التنموية، أو السياسية.

حرص بعض الناشطين في الخليج تحديدا على تضخيم بعض الأخطاء التي تحدث في بلدانهم، ذلك أن حس الاعتراض لديهم أساسه آيديولوجي وليس وطنيا، بدليل أن كل المآزق التي وقعت فيها الحكومات الأصولية لم تنتقد من قبلهم، بدءا من تجارب الفشل في السودان أو فلسطين أو العراق وصولا إلى مصر وتركيا، بينما تضخم الأحداث الصغيرة التي تحدث في بلدانهم.

سيأتي من يعذر لإردوغان أو ابنه هذه الآفات، وربما استخدموا نفس المنطق الإردوغاني في مواجهة تلك التهم: «القضاة تجاوزوا مهماتهم، مع الأسف توجد منظمة، عصابة، داخل الدولة، هؤلاء لا يراعون أي خصوصية، ويلجأون سواء للمراقبة أو التنصت»! هذه الأعذار سنجدها على ألسنة البعض.

إردوغان الذي تزعم ورعى وتبنى «الربيع العربي» والأحداث التي جرت، وصله الآن الامتحان الصارخ، لكنه واجهه بكلمة متناقضة حين خطب: «الشعب التركي إذا طلب منا الرحيل فسنرحل من دون تردد؛ لأن احترامنا كله موجه لسلطة الشعب، ولكن إذا طلب منا البقاء فلن نصغي لمن يقول لنا اذهب».

المأزق في تركيا حاليا يعبر عن وجود تفسخ سياسي في الأجساد ذات الطبيعة التوسعية، ذلك أن الطاقة التي عبرت فيها تركيا نحو المنطقة متدخلة أو موجهة أو مربية تجاوزت حدودها، الأمر الذي جعل النموذج الذي تسعى إليه تركيا ليمتثل في المنطقة العربية لم يوجد أصلا في تركيا، وأن الفساد الذي خطب عنه إردوغان مرارا في أحداث 25

يناير (كانون الثاني) بمصر لا يقل انتشارا عن الفساد الموجود بتركيا، والذي يتغافل عنه الناشط والأصولي والمتحفز لكل ما ينهض بلده أولا.

التجارب الإسلامية، سواء الماليزية أو التركية أو الإيرانية، ليست نماذج تحتذى، وفي حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط» نشر في 20 أبريل (نيسان) 2013، تحدث الرئيس التركي عبد الله غل عن أن «لكل بلد خصائص وحقائق تتعلق به لا يجوز إغفالها. والحقيقة أنه لا يمكن استنساخ تجربة أي بلد واعتمادها نموذجا لبلد آخر. صحيح أن ما حدث في تركيا خلال السنوات العشر الأخيرة يمكن أن يكون مصدر إلهام بالنسبة لبعض البلدان. فبلد غالبية سكانه من المسلمين تناغم مع العملية الديمقراطية والأسس الديمقراطية. لكن في نهاية المطاف لكل بلد خصوصياته وحساسياته، وعليه أن يجد الطريق الصحيح لترسيخ مبادئ الديمقراطية بالشكل الذي يرضي شعبه».

تجربة تركيا مجرد «تجربة» وليست قدوة حسنة تمتثل، فلكل دولة خصائص نهضتها، وأنماط تعاملها مع شعبها.

القصة في تركيا التي لم تختم فصولها بعد، ستؤثر على المشهد الأصولي في الخليج وفي المنطقة بشكل عام، فنحن أمام انهيار يتوالى لنماذج لم تدم طويلا، حاولتْ أن تتخذ من النزعات التوفيقية منهجا للتصالح مع منجزات العصر، لكنها تفشل باستمرار، ولئن كانت النماذج الأصولية إلى اضمحلال، غير أن هذا لا يعني ضعف انتشار الأصولية، فالأحداث التي تجري تغذي التيارات المتطرفة يوميا، ثمة فرق بين الانتشار للأصولية شعبيا، واضمحلال نماذجها سياسيا. الأصولية تستمر في تجريب الفشل.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط