رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

د. مراد بطل الشيشاني يكتب: نعم مانديلا.. رمز مهم للعالم

مراد بطل الشيشاني
مراد بطل الشيشاني

رغم أنه يرقد على سرير المرض منذ ما يزيد على العامين، ووفاته كانت متوقعة، فإن الإعلان عن وفاة المناضل الجنوب إفريقي، نيلسون مانديلا، جاء حزيناً، وقد رثاه معظم زعماء العالم وقياداته، والمؤثرين فيه. ‪وقد ذكرتني وفاة مانديلا ببعض الذكريات، والقراءات‬.

كان أول فصل ينشر لي ضمن كتاب، بحث أعددته ما بين عامي ١٩٩٨ /١٩٩٩، وقدمته ضمن مؤتمر للباحثين الشبان في العلوم السياسية، عن الفكر السياسي لنيلسون مانديلا، وقد كنت طالب ماجستير آنذاك. ولعل ما لفت نظري في مانديلا، هو إيمانه بكونه «صانع للملوك»، كما يعني اسمه الإفريقي «ماديبا»، فقد تخلى بالفعل عن السلطة بعد أن هزم سلطة الابارتهيد العنصرية، وترك الرئاسة، ليكون بمثابة الأب الروحي للبلاد، وبالفعل صانعا للملوك، أو الزعماء، فلم يكن امبيكي ولا زوما لينجحا كرؤساء لجنوب إفريقيا دون اتباع خط مانديلا، أو على الأقل عدم الخروج عنه، وطبعا دون إهمال العنصر الأساسي المرتبط بالنظام الديمقراطي الذي أسس له مانديلا.
لقد قاوم مانديلا هذه السلطة العنصرية التي كانت تقوم على فكرة «عبء الرجل الأبيض» الذي جاء لـ «يحرر» بشرا آخرين مختلفين باللون، وكانت هذه السلطة قد فرضت حالة من الفصل التام بين البيض الحاكمين، والسود الأغلبية الذين هم السكان الأصليون للبلاد، حتى أن هؤلاء لم يتح لهم استخدام المرافق العامة للبيض.
كما أن ماديبا جرب أنواع النضال بمختلف وسائله، وفقا لكل مرحلة، سواء أكانت العصيان المدني السلمي، أم المقاومة المسلحة، وحتى التفاوض المباشر في المراحل اللاحقة. لقد سجن من أجل قضيته ما يزيد على العشرين عاماً.
وقد ذكرتني وفاته، بمحتج صادفته مرة في أحد شوارع لندن، يحمل لافتات تقول إن «مانديلا إرهابي»، حيث كتب على لافتته أن مانديلا قتل الكثيرين عبر

«امخونتو دي سيزو»، الجناح المسلح لحزب «المؤتمر الوطني الإفريقي»، الذي كان يقوده مانديلا. للأسف لم يتح لي الحديث مع هذا المحتج الذي قد يكون ممن خسر مصالحه بعد سقوط نظام الابارتهيد، ولكن لا يمكن بأي شكل من الأشكال تبرير التضامن مع نظام عنصري يستعبد البشر كالذي كان يحكم جنوب إفريقيا.
وهذا ذكرني بمن دانوا، وعبر منابر مختلفة، الاحتفاء بمانديلا، بعد وفاته، وأحسبهم قلة، فمانديلا ناضل لقيم إنسانية، وأحسب أنه قدم درساً أثبت نجاعته دوماً، وهو توسيع القضايا الوطنية دوماً وربطها ببعدها الإنساني، وهو ما أثبت فشل النظريات أو الحركات العنصرية والإقصائية، حتى لو ربطت نفسها بقضايا خارج حدودها.
ولعلي أختم بقصة ذكرها مانديلا في كتابه «رحلتي الطويلة إلى الحرية»، حين أشار إلى أن سلطات السجن في جزيرة «روبن أيلاند» التي أصبحت اليوم مزاراً سياحيا، كانت قد منعت المطبوعات السياسية عنه، بكافة أشكالها من كتب، وصحف، ومجلات، ولكن مانديلا كان محظوطاً إذا كانت تصله مجلة «الإيكونومست»، لأن سجانيه ظنوا أنها مجلة اقتصادية كما يوحي اسمها. ولعل في هذه القصة الطريفة ما يشي بسقطات السلطات الاستبدادية دوماً.
نقلا عن صحيفة الوطن الكويتية