رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مشارى الزايدى يكتب : ابتذال نيلسون مانديلا

بوابة الوفد الإلكترونية

وفاة الزعيم الأفريقي الكبير نيلسون مانديلا، عن 95 عاما، كان خبر العالم كله.

هذا الرجل ليس رمزا لدولة جنوب أفريقيا، بل ولا حتى لقارة أفريقيا فقط، بل للعالم كله، فهو راهب النضال المدني، والتعالي على جروح الذات، بعد سلسلة من القمع الذي لاقاه من الحكم الأبيض المضطهد للسود، ثم سجن رهيب استمر 27 عاما، ليخرج بعدها لا لينتقم من سجانيه، بل ليمد يده إليهم من أجل بناء دولة تتسع للبيض والسود وكل المكونات.

ضرب مثلا مبهرا في مزج السياسة بالأخلاق، فأصبح قدوة للعالم أجمع.

هو يمثل «قيمة» كبرى في سوق السياسة العالمية، لقد صار أيقونة خالدة مثل غاندي.

من هنا تصبح الإفادة من وهج وإشعاع مانديلا لجميع اللاعبين السياسيين في العالم مطلبا ملحا، من أجل خلق انطباع لدى المتلقي المستهدف بالتماثل التام بين هذه الصورة المتفق عليها، صورة مانديلا، والصورة المختلف عليها.

قرأت في ردود الفعل على وفاة مانديلا - مثلا - تعليقا من القيادية الإخوانية المصرية (عزة الجرف) تشبه فيه الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي بنيلسون مانديلا، في محاولة جريئة لتوجيه مياه الاحترام والتقدير التي يحظى بها مانديلا، إلى حياض صورة مرسي، التي هي موضع خلاف حاد وعميق بين ثلة من أنصاره، وجموع من خصومه في مصر وخارج مصر.

في التعليقات أيضا كتب صحافي من أسرة قناة «الجزيرة» تشبيها لصورة الكاتب الفلسطيني عزمي بشارة، أحد الأصوات المشكلة

لتيار «الجزيرة» ونكهة «الجزيرة»، بصورة نيلسون مانديلا، دون إجهاد النفس بجلب الأدلة والعلامات الجامعة بين الصورتين، هو تشبيه مستعجل وكفى، لاستثمار هذه الصورة المتفق عليها.

هناك ابتذال سرف لكل المثل والعلامات في فضاء الإنترنت وشاشات التلفزة.

لو كان رحيل نيلسون مانديلا قبل «هوجة» «تويتر» و«يوتيوب»، وتكاثر الفضائيات الفطري، لحظي بقراءة أكثر سموا وإتقانا، حتى لو كان في التأبين نقد ومراجعة.

الآن الكل في عجلة من أمرهم، وخزانات المحركات السياسية أو الشعبوية الشخصية، تتطلب كل يوم جرعات من وقود الأخبار وما يجلب الاهتمام.

كل شيء يحظى باهتمام الجمهور، من وفاة مانديلا إلى إعصار الفلبين، إلى طلاق هيفاء وهبي، إلى فوز ريال مدريد على برشلونة، إلى اكتشاف مذنب جديد تبخر قرب الشمس... إلخ.

كل شيء من هذه الأشياء، ما دام يجلب جمهورا، فسيتم استثماره في سوق التعبئة السياسية بل والتعبئة التافهة لشخص يبحث فقط عن تكثير المعجبين.

كل شيء مبتذل.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط