رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هدى الحسينى تكتب : الخليج لن يبقى ساكتا عن الاتفاق الأميركي ـ الإيراني!

بوابة الوفد الإلكترونية

اتفاق جنيف منح إيران شيئا لم تحصل عليه من قبل، وهو الحق في تخصيب اليورانيوم. لم يشمل، للتفاوض لاحقا

، طموحات إيران للهيمنة الإقليمية أو التدخل في الشؤون الداخلية لدول كثيرة قريبة وبعيدة. إنه اتفاق يشبه تماما الاتفاق على نزع السلاح الكيماوي من سوريا. تلك الأسلحة لم تعد تستخدم، لكن القتل مستمر من جانب الطرفين.
الاتفاق مع إيران أثار القلق العربي، وبالذات الخليجي، وبمعنى آخر الجانب السني، وقد لوحظ بعد التوقيع، الترحيب الذي أبداه الرئيس الأميركي باراك أوباما لدى استقباله العاهل المغربي الملك محمد السادس، فبدا حسب مراقبين سياسيين تمسكا أميركيا بطرف سني عربي، كأنه يدعم الاتفاق فتسقط بذلك واشنطن ما يقال، إنها خانت الجانب العربي.
هناك حاجة الآن إلى الكلام بصوت عال عن هذا الاتفاق وعن نوعية النظام الإيراني الذي لا يختصر فقط بسلاح نووي، لأنه إذا اعتمد الجانب العربي المتضرر مبدأ الصمت والانتظار ستنعكس الأمور عليه، فيظهر كأنه الطرف الشرير في المعادلة.
لا يجب نسيان أن حكم محمود أحمدي نجاد «الصاخب» أوصل إلى هذا الاتفاق وإلى تهالك واشنطن على التقرب من طهران.
على مدار عشر سنوات، أصدر مجلس الأمن ستة قرارات تتعلق بإيران وتحديها المجتمع الدولي، انمحت تماما باتصالات سرية بدأت قبل سنة ونصف السنة، أشرف عليها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
مواجهة الطرف الذي استشعر قلقا من اتفاقية تمت وراء ظهره رغم كل الوعود الأميركية، جاءت بتوجيهات من البيت الأبيض عبر كتّاب محسوبين عليه، بالهجوم على الخليج والسعودية، وقد تناسى البيت الأبيض أن منطقة الخليج العربي وفرت لأميركا قواعد عسكرية وزودتها بالنفط بأسعار مخفضة، كما وفرت لأميركا الهدوء في المنطقة لسنوات طويلة، وأصغت لأكثر من 30 عاما إلى دعم المواقف الأميركية من النظام الإيراني الذي لم يتردد في الانتقام من هذه الدول بوسائل كثيرة. وبعد الاتفاق، إذا بكتّاب مثل ديفيد إغناتيوس وفريد زكريا «يشيطنون» منطقة الخليج العربي، ويصفون علاقة أميركا بالخليج كالعلاقة مع الشيطان، متناسين أن «الشيطان الأكبر» بنظر الحليف الجديد هو أميركا. لم يتوقف هؤلاء أمام «جرأة» الإيرانيين، حيث إن علي لاريجاني، رئيس مجلس الشورى الإيراني، قال مباشرة بعد الاتفاق: «أن تتكلم أميركا عن الأمن، فهذا تماما مثل العاهرة التي تقول ليس هناك من امرأة شريفة في البلاد. أميركا هي من أشعلت النار والفتن».
في هذه المرحلة، على الطرف العربي أن يتعظ ويراقب كيف أن الإيرانيين لا يتوقفون عن تحدي الأميركيين، ويراقبوا أيضا الموقف الأميركي الذي يرد بأن المشكلة هي في دول الخليج العربية.
انتقاد المواقف الأميركية ضروري، فرغم كل ما يقال تبقى الولايات المتحدة في حاجة إلى دول الخليج، وليس العكس.
لننظر إلى ما حدث في مصر، في البدء وقف أوباما ضد الجيش، وأراد أن يبقى الإخوان المسلمون في السلطة، رغم تحذير وزير الدفاع تشاك هيغل ووزير الخارجية جون كيري من أن أميركا ستدفع غاليا ثمن هذا الموقف. وأخيرا، قبل توقيع الاتفاق مع إيران، قال كيري: «إن (الإخوان) اختطفوا الثورة المصرية». إن مصر قوة استراتيجية، ثم إن واشنطن لا تتحمل أن تستعيد روسيا مصر.
أما بالنسبة إلى الخليج، فالمصالح الأميركية أبعد بكثير. والسياسة الأميركية تجاه السعودية والخليج التي كانت متناقضة خلال سنوات أوباما، تبقى قائمة على دعامتي الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي، والمصالح الأميركية في السعودية بالذات يعود تاريخها إلى اللقاء الذي جمع الملك عبد العزيز والرئيس الأميركي فرنكلين روزفلت فوق الطراد «يو إس إس كوينسي»، وهي مستمرة حتى اليوم رغم «تذبذب» الرئيس أوباما. ثم ما دامت هناك استثمارات أميركية بمليارات الدولارات في السعودية والخليج، وما دامت هناك دول صديقة مثل الهند تحتاج للنفط والغاز من الخليج، فإن أميركا مضطرة إلى الاهتمام بهذه المنطقة.
وبالنسبة إلى القاعدة في البحرين، فإنها ضمن منظومة الأسطول السابع وقيادة المحيط الهادئ منذ 45 عاما، وهذا مهم للغاية. ولا تتحمل المؤسسة الأمنية في واشنطن أن تطلب البحرين من الأسطول المغادرة أو أن تقترح نقل القاعدة إلى إيران مثلا، ثم إن تركيز أوباما على آسيا غير ممكن من دون هذه القاعدة في البحرين غير التابعة للقيادة المركزية «سنتكوم» بل للـ«باكوم». لذلك، لا تستطيع واشنطن أن تدعم تغيير السلطة في البحرين، ومن غير الممكن أن يدعم رئيس أميركي تغييرا في الحكومة قد يؤدي إلى سلطة شيعية في دولة خليجية أخرى بعد العراق. وتجري القيادة العسكرية الأميركية توسعة للقاعدة بقيمة 500 مليون دولار للسماح للسفن الكبيرة بالرسو، وسينتهي العمل عام 2015. كيف تغامر المؤسسة العسكرية باستثمار هذا المبلغ إذا كان البيت الأبيض يريد إدارة ظهره لعلاقة قائمة منذ

65 عاما مع البحرين ذات الموقع الاستراتيجي؟
حتى القاعدة في قطر تساعد أوباما في أفغانستان وباكستان. ويبدو أن الرئيس الأفغاني حميد كرزاي تعلم الدروس من إيران وقرر تحدي واشنطن. واشنطن تريد إبقاء 10 آلاف جندي أميركي في أفغانستان بعد الانسحاب عام 2014. كرزاي طالبها باعتذار. هو يقول إنها اعتذرت وهي تنفي، لكن المؤكد أنه اعتذر عن التوقيع على اتفاق يبقي القوات الأميركية، وأحال الأمر إلى العام المقبل رغم تهديد مسؤولة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس له خلال زيارتها الأسبوع الماضي إلى كابل. هو يطالب بشروط جديدة.
إن أميركا لا تتحمل ضياع مصر والسعودية منها، إذ سيواجه أوباما ثورة داخلية. إن للعرب قوة، وليس كما يصورهم بعض الإعلام الأميركي بأنهم بائسون. إن شركات السلاح أو شركات النفط أو غيرها لا تتحمل خسارة طرف عربي.
كل أميركي يعرف أن الرئيس أوباما يخطئ، من هنا على العرب ألا يتوقفوا عن كشف الوقائع، وبصوت عال. والسؤال الأهم المفروض طرحه هو عن الطرف الذي اختار أوباما أن يسلمه الشرق الأوسط؛ نظام ديني متطرف لا يحيد عن آيديولوجيته، يعمل على تحريض حركات انفصالية في كل دولة مجاورة، حاول اغتيال السفير السعودي في واشنطن، أقام علاقات مع دول في جنوب أميركا (الحديقة الخلفية لأميركا) ليثير قلق واشنطن. لم تتغير مواقف النظام الإيراني أو طرقه منذ انتصار الثورة، فهل مع هذا النظام تتحالف أميركا أوباما!
كأن في مقال الكاتب الاميركي من اصول هندية فريد زكريا، غضبا بسبب ما تردد عن تقارب نووي سعودي - باكستاني، وهو مثل إغناتيوس، اتهما السعودية والخليج العربي بتحريك الفتنة المذهبية، وكأن إيران تتدخل لنشر العلمانية والديمقراطية والحرية في المنطقة. دولة يقول رئيسها حسن روحاني إنه لم يستطع إطلاق سراح السجناء السياسيين البارزين (حسين موسوي ومهدي كروبي) لأن الجناح المتشدد يرفض ذلك، ثم يقول إنه آت لإنقاذ الاقتصاد الإيراني وليس لتغيير آيديولوجية ذلك النظام. ثم كيف يمكن لنظام أنفق 200 مليار دولار حتى الآن على برنامجه النووي أن يوافق على تدميره.
بعد الاتفاق وبعد التنازلات الأميركية، تستمر إيران في مهاجمة واشنطن يوميا، وقد لاحظنا ما قاله علاء الدين بوروجردي رئيس اللجنة الخارجية والأمنية في مجلس الشورى: «خرجنا أبطالا منتصرين وأعطينا الأميركيين درسا».
يبدو أن الرئيس أوباما يريد إعادة العلاقات الجيدة مع إيران، ولا تهمه أي مسائل أخرى، لذلك على دول الخليج ألا تلتزم الصمت. فالكلام هنا مثل الأفعال. الكونغرس الأميركي لا يستطيع أن يقبل على عمل جذري إذا لم تكن هناك أصوات تطالب بذلك.
هناك من يقول إن واشنطن تتطلع إلى علاقة استراتيجية مع طهران. هذا إذا حصل يستدعي تغيير النظام في إيران، ثم إذا كانت أميركا، بالاتفاق الأخير مع إيران، تعتقد أنها ستصل إلى السلام والاستقرار في المنطقة، فإن العكس قد يحصل. ويبدو أن الإدارة الأميركية لا تفهم الشرق الأوسط. لن تبقى دولة في المنطقة قابعة تتفرج والحبل يلتف حول عنقها، فسباق التسلح النووي قد بدأ، والسلام يبتعد، والفوضى ستكون سيدة الموقف.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط