رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

طارق الشناوى يكتب: الطائرة الورقية تحلق في السماء!!

طارق الشناوي
طارق الشناوي

في عالمنا العربي كثيرا ما تنعكس الحالة السياسية على الواقع الثقافي؟ ويصعد هذا السؤال، هل المثقف عليه أن يحسبها على هذا النحو؟ قبل أن يتوجه لهذا المهرجان أو ذاك عليه أن يقيسه أولا بمنظار سياسي، أم أن ما تفرقه السياسة من الممكن أن تُجمعه الثقافة.

انتهت مساء السبت الماضي فعاليات مهرجان «أجيال» السينمائي الذي أقيمت أولى دوراته في دولة قطر بمبادرة من مؤسسة الدوحة للأفلام، وشاهدنا الضيوف في الكثير من دول العالم، وحرصت إدارة المهرجان برئاسة فاطمة الرميحي على أن يتوجه النشاط ليس فقط للأطفال، ولكن أيضا للشباب فهو يقدم أفلامه للفئة العمرية من 8 حتى 21 عاما، ولهذا تم تشكيل ثلاث لجان تحكيم، وكأنها تتابع القمر في نموه كل منها تنظر فقط في الأفلام التي تتواءم مع مرحلتها العمرية، الأولى «مُحاق» للأفلام من 8 إلى 12. والمحاق لغويا يعني اختفاء القمر وراء الشمس وتواريه في الظل، والثانية «هلال» من 13 إلى 17 عاما، والثالثة «بدر» من 18 إلى 21 عاما.

شاهدت الكثير من الأفلام المؤثرة والتي تدعونا أيضا للتأمل، والحقيقة أن مفهوم فيلم الأطفال ملتبس عند البعض، وأنا أميل أكثر إلى أن نُطلق عليه الفيلم العائلي، الذي تشاهده الأسرة معا، ومن أروع الأفلام التي تابعتها «الطائرة الورقية»، الفيلم وثائقي مطعم برسوم متحركة، يتناول معاناة الفلسطينيين وخاصة الأطفال في قطاع غزة، فهو واحد من أفلام المقاومة، برغم أننا لا نرى أطفالا يحملون بنادق ولا حتى حجارة، ولكنهم يصنعون طائرات ورقية ويصرون على أن يدخلوا موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية، إنه ليس فقط فيلما يدعو للسلام وينبذ الحرب، لكنه في الحقيقة يعلي من قيمة الحب من خلال الأطفال الذين يناصرون الحياة، بتلك الطائرة الورقية التي تحلق في السحاب وتعلو فوق الحواجز التي أقامها الإسرائيليون على الأرض، وكأنها تُخرج لسانها وتتحدى من يريدون قتل الحياة، في وقت يسيطر فيه على المشهد دموية العدوان الإسرائيلي والبيوت التي هدموها والسعادة التي سرقوها والأرواح التي أزهقوها ولا يزالون، أروع ما قدمه هذا الفيلم الذي أخرجه نيتين ساوهني وروجر

هيل، أننا كنا نشاهد الأطفال وهم يسخرون حتى من الخوف، بالتأكيد الخوف ظاهرة طبيعية والأطفال الذين شاهدناهم عاشوا لحظات عصيبة، ولكنهم اكتشفوا أن المقاومة بالضحكة والابتسامة والطائرة التي تعانق السماء هي أمضى الأسلحة، حرص المخرجان على أن يصنعا ذيلا من الأسلاك الشائكة، وهم يعبرون داخل سياق الفيلم الوثائقي بهذا المشهد من الرسوم المتحركة، ليظل العدوان والقمع الإسرائيلي مدانين حتى والطائرة تحلق في السماء.

ومن بين تلك الأفلام أيضا «الطريق إلى المدرسة» من كينيا، يتجاوز حدود أسوار سينما الأطفال التقليدية، ويتبنى دعوة للمقاومة بسلاح العلم، أربعة أطفال من المغرب وكينيا والهند والأرجنتين يصرون على أن يكملوا طريقهم الدراسي رغم ما يقابلونه في كينيا من أخطار، أهونها المسافات الشاسعة عن موقع المدرسة. ناهيك عن الأرض المزروعة بالثعابين وقطاع الطرق، وإذا نجوا من كل ذلك فعليهم أن يحذروا من الفيلة التي تتحرك في جماعات وقد تصرعهم تحت أقدامها. وتعددت الأفلام في مهرجان «أجيال» وبعضها امتلك قدرا كبيرا من الجرأة مثل «بعد ساعتين» الإيراني، الذي يتناول صرامة القانون حتى ولو تناقض مع المشاعر الإنسانية، و«واجما» الأفغاني الذي يضع الشرف والحب في صراع أبدي مع التقاليد البالية.

أشعر أن مهرجان أجيال سيصبح بمثابة منصة لانطلاق مهرجانات مماثلة، وكأنه هو أيضا محلق في السماء يرنو ليصبح هلالا، ثم نراه بدرا مكتملا يشع نوره على الجميع.

نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط