رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على سالم يكتب: الثورة كانت ثورة

علي سالم
علي سالم

لست أشعر بارتياح لموجة جديدة من الأقوال والكلمات تتسلل الآن إلى عقول الناس عبر الشاشات الصغيرة والكتب الجديدة التي بدأ الترويج لها.

كلها تدور حول محور واحد هو أن الثورة المصرية لم تكن عفوية، بل مصنوعة على نحو ما، صنعتها أيادٍ بعيدة وعقول جبارة ونساجون متآمرون ظلوا يعملون لأعوام طويلة قبل نزول المصريين إلى ميدان التحرير. وهي طريقة في البحث تستند إلى قاعدة قديمة تقول إن وراء الأكمة ما وراءها. وقبل أن تشعر ولو للحظة أنني أشعر بالغيرة على ثورة 25 يناير، أو أدافع عن نقاء سيرتها والنيل من سمعتها، فإنني أنبهك إلى أن الإصلاحيين، وأنا منهم، عاجزون عن رؤية الخير في كل ثورات التاريخ. غير أنني أقبل بها كما أقبل بالعواصف والأعاصير والزلازل. أقبل بها كما أقبل بالتاريخ.

غير أني أرى أنه بعد حماس المصريين الهائل لثورة 25 يناير و30 يونيو، واعتناقهم لفكرة أن أنبل من فيهم، وهم الشباب، هم الذين فجروا الثورتين، وأن هؤلاء الشبان هم عنوان للشرف والنقاء. بعد كل ذلك فإنه من الخطر على صحة المصريين النفسية أن يأتي من يقول لهم: هؤلاء الشبان لم يكونوا أكثر من عرائس ماريونيت في لعبة السياسة، وأن الثورة نسجت كل خيوطها منذ سنوات طويلة في مصانع الغزل التابعة للمخابرات الأميركية والإسرائيلية.. وليس معنى ذلك أن هؤلاء الشبان كانوا على وعي بأن هناك من يحركهم، لا طبعا، لقد رسمت لهم أجهزة الغرب الطريق فساروا فيه.. وهذه هي الوثائق.

أعرف بالطبع أن عقلية المؤامرة تسيطر على معظم المشتغلين بالهم العام في مصر، وأنهم يبحثون عن ضابط مخابرات أجنبي خلف كل حجر، غير أن الخطر الحقيقي هو في أن يشعر المصريون جميعا باليأس الشامل الكامل ويفقدون الأمل في كل شيء. ولأبدأ بما قلته من قبل الكثير من المرات في تفسيري للثورة ومرجعيتي فيه

هو المفكر إريك هوفر، أنه في الدولة السلطوية تحدث الثورة عندما يتوفر شرطان، أن تتحسن نسبيا ظروف الناس المعيشية، وأن تخف في الوقت نفسه قبضتها الأمنية. لذلك ستلاحظ أن قادة الشارع أثناء الثورة هم من الشباب المتعلم ميسور الحال. لقد قضت الثورة على نظام مبارك ليس لقوتها، بل لضعف النظام وجهله وتفككه. «ولا أتخن تخين» في أجهزة مخابرات العالم كان قادرا على التنبؤ بذلك الضعف الذي شاهدناه في أجهزة الأمن التي انهارت في لحظات. إن كل ما حدث ويحدث في مصر الآن ليس في حاجة إلى مخططين من الخارج. كل ما حدث هو نفسه ما حدث. حتى حكاية اقتحام السجون وأقسام الشرطة التي أجهزت على النظام، فعلى الأرجح تم التخطيط لها بواسطة جماعة الإخوان وحلفائها في غزة وسيناء قبل حدوثها بساعات، من الطبيعي أنه عند اندلاع النار فلا بد أن يسارع البعض للاستفادة منها. التعساء لا يثورون، بل يجترون تعاستهم بعيدا عن أعيننا. والثورة يقوم بها الناس عندما تتحسن أحوالهم ويرغبون في المزيد، لم يخطط أحد للثورة المصرية، لا أحد يريد أن يقسمنا ويفتتنا ويعجننا ويفشفشنا ويمشمشنا، كل ما يحدث لنا هو من صنعنا نحن.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط