على سالم يكتب: الثورة كانت ثورة
لست أشعر بارتياح لموجة جديدة من الأقوال والكلمات تتسلل الآن إلى عقول الناس عبر الشاشات الصغيرة والكتب الجديدة التي بدأ الترويج لها.
كلها تدور حول محور واحد هو أن الثورة المصرية لم تكن عفوية، بل مصنوعة على نحو ما، صنعتها أيادٍ بعيدة وعقول جبارة ونساجون متآمرون ظلوا يعملون لأعوام طويلة قبل نزول المصريين إلى ميدان التحرير. وهي طريقة في البحث تستند إلى قاعدة قديمة تقول إن وراء الأكمة ما وراءها. وقبل أن تشعر ولو للحظة أنني أشعر بالغيرة على ثورة 25 يناير، أو أدافع عن نقاء سيرتها والنيل من سمعتها، فإنني أنبهك إلى أن الإصلاحيين، وأنا منهم، عاجزون عن رؤية الخير في كل ثورات التاريخ. غير أنني أقبل بها كما أقبل بالعواصف والأعاصير والزلازل. أقبل بها كما أقبل بالتاريخ.
غير أني أرى أنه بعد حماس المصريين الهائل لثورة 25 يناير و30 يونيو، واعتناقهم لفكرة أن أنبل من فيهم، وهم الشباب، هم الذين فجروا الثورتين، وأن هؤلاء الشبان هم عنوان للشرف والنقاء. بعد كل ذلك فإنه من الخطر على صحة المصريين النفسية أن يأتي من يقول لهم: هؤلاء الشبان لم يكونوا أكثر من عرائس ماريونيت في لعبة السياسة، وأن الثورة نسجت كل خيوطها منذ سنوات طويلة في مصانع الغزل التابعة للمخابرات الأميركية والإسرائيلية.. وليس معنى ذلك أن هؤلاء الشبان كانوا على وعي بأن هناك من يحركهم، لا طبعا، لقد رسمت لهم أجهزة الغرب الطريق فساروا فيه.. وهذه هي الوثائق.
أعرف بالطبع أن عقلية المؤامرة تسيطر على معظم المشتغلين بالهم العام في مصر، وأنهم يبحثون عن ضابط مخابرات أجنبي خلف كل حجر، غير أن الخطر الحقيقي هو في أن يشعر المصريون جميعا باليأس الشامل الكامل ويفقدون الأمل في كل شيء. ولأبدأ بما قلته من قبل الكثير من المرات في تفسيري للثورة ومرجعيتي فيه
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط