رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حمد الماجد يكتب:مصر بعد إطاحة مرسي

حمد الماجد
حمد الماجد

أتصور أن مضي خمسة أشهر على استعادة الجيش زمام السلطة في مصر وتنحية الرئيس المنتخب محمد مرسي، لا أقول كافيا للحكم النهائي على استقرار الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية في البلاد، ولكنها بالتأكيد كافية للاستفادة من مؤشراتها للتقييم المبدئي للمرحلة الحالية واستشراف المرحلة المقبلة، فما الذي أفرزته هذه الأشهر الخمسة؟

أهم ما أفرزته مرحلة سيطرة القوات المسلحة على الأوضاع في البلاد، أنها أثبتت أن الجيش كان الأقدر على لمِّ شتات القوى السياسية والأمنية والإعلامية والقضائية وحتى الحقوقية، بغض النظر هل الالتفاف حول الجيش رغبا أو رهبا أو كلاهما، وقد اتضحت ملامح قوة الجيش حين أذعنت له كل القوى المدنية والليبرالية والقضاء والإعلام الخاص والعام، وسار الجيش مع وزارة الداخلية بقوتيهما الكبيرتين، الشرطة والأمن المركزي، في تناغم تام افتقده كثيرا عهد الدكتور مرسي، ومع ذلك فقد أظهر الشهر الخامس من تجربة الحكم التي تلت حراك 30 يونيو (حزيران) بجماهيره الهادرة وتأييده الشعبي أنه أنه ليس على هذه الدرجة من القوة، وقد ظنت الحكومة المصرية المؤقتة المدعومة من الجيش، أن «تخليص» الناس من حكم «الإخوان» سيعطي شيكا على بياض للمضي قدما في سن القوانين الصارمة التي تحد من حراك «الإخوان» ولو طالت صرامته بقية القوى السياسية، فصدر قانون تنظيم المظاهرات الذي أظهر هشاشة القوى بغض القوى الأخرى، بعد أن أعلنت حركة تمرد رفضها هذا القانون، وتتابعت المقالات والتحليلات التي تنتقد على استحياء هذه التوجهات الجديدة، بل تنتقد بقوة أداء حكومة الببلاوي، إذ لم ينتعش الاقتصاد والحالة الأمنية ما زالت على غير ما يرام، وبدت حالة التذمر لا تخطئها العين.

والدرس المهم الذي يجب أن يتعلمه «الإخوان» وبقية التيار الإسلامي السياسي من هذا المعطى السياسي، أن خوض انتخابات رئاسية مقبلة أو تكبير جرعة المشاركة البرلمانية، قرار يفتقر إلى الحنكة السياسية، فإذا كانت حكومة مدعومة من الجيش والأمن والقضاء والإعلام بقطاعيه الخاص والعام، لم تحرك في حال البلاد ساكنا، فكيف بقوى الإسلام السياسي التي تفتقر لهذا الدعم الكبير؟

كما أثبتت فترة ما بعد الـ30 من

يونيو ورغم الحل الأمني العنيف الذي فضت بها الاعتصامات، أن الاتجاه الإسلامي السياسي قوة معتبرة، وخاصة جناح «الإخوان»، فقد أبدى تنظيمهم المتماسك قدرة على تنفيذ البرامج والخطط مهما كانت الظروف الأمنية والسياسية، وأيضا قدرتهم الواضحة على التأقلم مع أجواء السجون والمعتقلات والملاحقات، وقد سُجنت قيادات الصف الأول والثاني وعدد كبير من نشطائها وكوادرها، ومع ذلك فالمظاهرات تنطلق في الشارع وفي ساحات الجامعات كل يوم، ولم تتوقف أبدا رغم قانون الطوارئ وحظر التجول، مما سبب صداعا مستمرا للحكومة؛ فظلت الأوضاع الاقتصادية مرتبكة رغم القبضة الأمنية والمراقبة الإعلامية الشديدة، فلم تبلغ مرحلة استقرار سياسي حقيقي بعد، وظلت حالة الاستقطاب السياسي التي شهدها عهد مرسي موجودة.

والدرس المر الذي يجب أن تتعلمه الحكومة الحالية من هذا المعطى السياسي، أن محاولات دفع التيار الإسلامي السياسي خارج حلبة المنافسة السياسية محكوم عليها بالفشل التام؛ إذ لا يعقل أن قوة سياسية كبيرة فازت بالأغلبية البرلمانية والانتخابات الرئاسية تقصى من الساحة السياسية حتى ولو شجعت على ذلك بقية الأحزاب الليبرالية والمدنية، كما تتطلب هذه المرحلة تقديم الطرفين؛ الجيش ومعه التيارات المدنية والليبرالية من جهة، والتيار الإسلامي من جهة أخرى، تنازلات مرة لإنقاذ البلاد من الانجراف نحو الانفلات الأمني، أو - لا سمح الله - من أن تحول مصر تدريجيا إلى بلاد فاشلة.
نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط