عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

“محمد نور الدين يكتب : موسى” مصر و”فرعون” تركيا

بوابة الوفد الإلكترونية

لم يكن ينقص تركيا لتؤكد انهيار دورها في المنطقة سوى أن تطرد مصر السفير التركي في القاهرة .

الخطوة المصرية ليست سوى نتيجة للسياسات التركية الخاطئة المتتالية على امتداد السنتين الأخيرتين في نظرتها إلى قضايا المنطقة، ومنها الأوضاع في مصر .
والجميع يذكر كيف كان أول خروج تركي كبير في ما يسمى ب"الربيع العربي"، هو موقف رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان عندما طالب الرئيس السابق حسني مبارك بالتنحي . وحينها اعتُبر الموقف التركي تدخلاً سافراً في الشأن الداخلي لمصر .
تركيا تعاملت مع ثورة 25 يناير على أنها "فرصة" من السماء للتخلص من نظام مبارك الذي كان يتوجّس من الدور التركي في ظل حكم حزب العدالة والتنمية، نظراً لارتباطات الأخير الوثيقة أولاً بحركة الإخوان المسلمين في الداخل، وثانياً بحركة حماس في غزة . لذلك عندما تراءت الفرصة اندفع أردوغان وحزبه مؤيدين الثورة، لأنها ستزيح من أمام اللاعب التركي عقبة كأداء أمام تمدد دوره، وتفتح له اللعب الشامل ومن مصر قلب العروبة تحديداً . ولقد عملت تركيا بعد خلع مبارك على قيادة معركة الإخوان المسلمين الذين بات لهم مرشدان: محمد بديع ورجب طيب أردوغان . وتولى حزب العدالة والتنمية إعداد وتدريب كوادر الإخوان المسلمين سياسياً وإعلامياً، ونسقوا حملتهم الانتخابية وشعاراتها وطرق توزيع المواد الغذائية على الفقراء لنيل أصواتهم . وضخّت تركيا عشرات الملايين من الدولارات على شكل استثمارات، معظمها تابع لأشخاص مقرّبين من أردوغان .
ولعل سير الإخوان المسلمين على خطى توجيهات حزب العدالة والتنمية أوقعهم في الأخطاء نفسها التي استدعت انفجار انتفاضة تقسيم وحديقة غيزي في اسطنبول بوجه أردوغان قبل شهر واحد من اندلاع ثورة 30 يونيو في مصر . إذ إن كل خطوات الإخوان المسلمين في مصر كانت في استعجال الإمساك بالسلطة وبكل المؤسسات الدستورية، ولا سيما حصر الصلاحيات بشخص الرئيس وإقالة المدعي العام، وتحول مقام الرئاسة في مصر إلى مركز استئثار بالسلطة وإلغاء كل الفئات الأخرى من المجتمع المصري، فضلاً عن السعي الدؤوب لأخونة الدولة .
كل هذا أدى إلى ثورة يونيو وإطاحة سلطة الإخوان المسلمين . وفجأة وجدت تركيا نفسها خارج السلطة في مصر وخارج اللعبة في الشرق الأوسط . ذلك أن تركيا لم تفقد فقط ركيزة استراتيجية في سياستها شرق الأوسطية بسقوط الإخوان المسلمين في مصر، بل فقدت الركيزة الأساسية التي كانت تخطط لتكون مصدر إشعاع تركي على كل المنطقة . لكن حدث ما لم يكن في الحسبان . بل أكثر من ذلك فقد

تهاوت علاقة تركيا مع الدول التي دعمت ثورة 30 يونيو، وهي جميع دول الخليج ما عدا قطر التي مع ذلك اعترفت بالنظام الجديد في اليوم التالي من دون أن تظهر دعماً مباشراً أو غير مباشر له .
خسرت تركيا مصر ومعها اهتزت سلطة الإخوان المسلمين في تونس، وفقدت تركيا الطبيعة التحالفية لعلاقاتها مع دول الخليج . وباتت دولة معزولة بالكامل عن أي حليف في المنطقة .
خطوة طرد السفير التركي من مصر ستترك تداعيات سلبية على صورة تركيا الخارجية في المنطقة وفي العالم، حيث تظهر صورة تركيا التي تكسب المزيد من الأعداء . وهذا سيزيد من اهتزاز صورة أردوغان المهتزة أصلاً، أو التي باتت مصدر إزعاج للمسؤولين الغربيين والعرب والمسلمين في أكثر من قضية . وبدلاً من أن ينجح "موسى من أن يضرب بعصاه ويطرد فراعين مصر الجدد"، كما تمنى أردوغان إذا بموسى مصر يطرد فرعون تركيا من أرض الكنانة .
ولا شك أن من أكبر المتضررين من التوتر في العلاقات التركية - المصرية هو طي صفحة النموذج التركي ليكون مثالاً لبعض العرب أو المسلمين، حيث ضُرب في المكان الذي يفترض أن يعرف النجاح الأكبر .
تُراكِم تركيا أخطاءها في المنطقة . ولعل تقديم النزعة الإيديولوجية على ما عداها من عوامل في السياسة الخارجية كان بمثابة من يحفر بيده حفرة لنفسه فيقع فيها . وما دام العقل الذي ينتج مثل هذه الهزائم والانهيارات في السياسة الخارجية التركية لا يزال في موقعه، فستشهد الأيام المقبلة المزيد من الهزائم والانهيارات التي ستتعرض لها تركيا فيما يمكن أن يكون قد تبقى لها من تأثير أو نفوذ .
نقلا عن صحيفة الخليج