عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رشاد أبو داود يكتب : الانتصار على «العدو العربي»!

رشاد أبو داود
رشاد أبو داود

من يحمي تلك الطفلة السورية من ذئب الشتاء ومن شر البشر الذئاب؟ كيف يشعر بالدفء من لا يلتحف سماء الوطن؟ وإلى متى المقام في المخيمات بعيداً عن البيت، إن بقي على حاله البيت؟ آلة الحرب عمياء ومن يحركها ضرير، ولا شفاء إلا بالحوار.

كل الطرق تؤدي إلى جنيف.. إن أردت أن تنتقل من دمشق إلى حلب، إلى حمص، إلى دير الزور، القامشلي، الميادين، فلا بد من جنيف. حتى من دمشق إلى دمشق، لا بد من جنيف. لكن طريق جنيف يمر بطهران وتل أبيب، هذا ما كان يجب أن يعرفه أبطال الثورات وعميان ما سمي الربيع العربي.
لقد كانت حرب 2006 درسا قاسيا لإسرائيل من الناحية الاستراتيجية العسكرية، حيث هزمت المنظومة العسكرية تلك وبما تضمه من دبابات واستخبارات ومدرعات، أمام آلة عسكرية واحدة هي الصواريخ والقاذفات التقليدية من مثل: الكاتيوشا، فجر، رعد، آر بي جي، سي 801 وكورنيت المضاد للدبابات، وقد سقطت هذه الصواريخ على عدة مدن وبلدات إسرائيلية..
طبعا لم يكن أحد يتوقع أن تقف إسرائيل مكتوفة الطائرات من سلاحها الأقوى، في أية مواجهة عسكرية، فقصفت ما قصفت ودمرت ما دمرت وقتلت من قتلت. وبغض النظر عن أي مقياس لمعنى الهزيمة والنصر، فقد هزت الحرب أركان الجيش الإسرائيلي، وأكدت فشل ساستها في التعامل مع أزمة اختطاف الجنديين الإسرائيليين على يد المقاومة اللبنانية.
وحمل تقرير اللجنة التي ترأسها القاضي الياهو فينوغراد، المسؤولية الرئيسية في الفشل على عاتق رئيس الوزراء الإسرائيلي (السابق) إيهودا أولمرت ووزير دفاعه عميرا بيريتس، ورئيس هيئة أركان الجيش دان حالوتس.
وهذه هي المرة الأولى منذ إنشاء الكيان الإسرائيلي، التي تتمرغ فيها سمعة "الجيش الذي لا يقهر" بسلاح مقاومة وحرب عصابات، وليس في حرب نظامية كما هزمت في حرب أكتوبر 1973. الإسرائيليون لا ينسون، ويدركون أنهم أنشأوا كياناً في أرض ليست أرضهم، وأن مقولة "أرض بلا شعب" كذبة اخترعوها وصدقها العالم، لكنهم هم أنفسهم لا يصدقوها، لكن لا خيار أمامهم سوى المضي إلى.. الموت البطيء.
بنيامين نتانياهو أكثر رئيس وزراء إسرائيلي وضوحاً ووقاحة، وهو يدرك أن الخطر الحقيقي على إسرائيل هو خطر امتلاك أية دولة عربية أو إسلامية للسلاح النووي. وجاء فوزه في الانتخابات الإسرائيلية المبكرة في يناير من العام الجاري، فيما كانت التهديدات النووية الإيرانية في ذروتها. واختاره الإسرائيليون لينقذهم من الخوف، وفي بالهم خوف حرب 2006!
وقبل أيام أكد نتانياهو مخاوفه والإسرائيليون من البعبع النووي الإيراني، ودعا المجتمع الدولي لإبقاء نظام العقوبات على إيران لإرغامها على وقف برنامجها النووي، مؤكدا أن إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي.
وإمعانا في تخويف الغرب من إيران، قال نتانياهو: "أقول لكم أمرا إضافيا، خلافا للفكرة الرائجة، ان تخفيف الضغط لن يساهم في تعزيز الاعتدال في إيران، بل ستعزز

وجهة نظر آية الله خامنئي المسؤول الإيراني الحقيقي الذي يرفض تقديم أي تنازلات"، مؤكدا أن ذلك سيعتبر فوزا معنويا لخامنئي على حساب الغرب.
مجريات الأحداث توضح أن نصيب سوريا من الدمار مرتبط بأولوية نتانياهو التي طالما عمل من أجلها، وهي منع وجود تهديد نووي لإسرائيل في المنطقة الممتدة من باكستان إلى شواطئ المتوسط. ونتذكر كيف حرض نتانياهو أميركا في أواخر عهد بوش الثاني، على القيام بضربات متتالية لمواقع إيرانية مختارة ذات صلة بنشاطها النووي، إلا أن روسيا سربت خرائط الخطة الأميركية، ما أدى إلى بروز معارضة لها في الكونغرس فتم تجميدها.
ووفقا لمحللين استراتيجيين، فإنه ليس ممكنا ضرب إيران بوجود نظام سوري قوي ومقاومة هزمت الآلة العسكرية الإسرائيلية قبل سبع سنوات، وتمتلك صواريخ طالت حيفا والناصرة وصفد وعكا.
كما لا يمكن ضرب سوريا في حرب تقليدية بوجود نظام مصري مؤمن بأن الأمة العربية ترتبط بمصير واحد، فدعموا وجود نظام ليست أولويته أمن مصر والعرب، بل الحكم وأخونة الدولة المصرية، وهذا ما لم يمل التاريخ من تكراره كما في حرب أكتوبر، وهذه الحقيقة هي ذاتها التي أكدها صلاح الدين الأيوبي في تحرير القدس من الصليبيين.
نحن نتحدث عن سوريا وليس عن النظام السوري، وعن حقيقة نوايا إسرائيل التي تقترب من هدم الأقصى، وتمنع إقامة دولة فلسطينية قبل العرب أن تكون حتى على نصف فلسطين. كما أننا لا نثق بحسن نوايا إيران تجاه العرب ولا نتجاهل الأبعاد الطائفية في هذه النوايا، لكن يجب أن نتيقن ترتيب أولويات الأخطار المحيطة بالأمة العربية. أيهما أولا؟ إيران أم إسرائيل في هذه المرحلة من التاريخ، وعلى ضوء ذلك نرسم سياساتنا ونتصرف استراتيجيا، وليس عاطفيا وآنياً.
ويجدر أن نسرع، قبل أن يكون الوطن العربي المائدة التي تتناول عليها إيران وإسرائيل طعام الاحتفال بالنصر على العدو العربي!
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية