رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

يون يونغ كوان يكتب : ملء فراغ القيادة العالمية

يون يونغ كوان
يون يونغ كوان


هل دخل العالم مرحلة جديدة من الفوضى؟ من المؤكد أن السياسة الأمريكية المتذبذبة في ما يتعلق بسوريا توحي بذلك . إن الإرث المرير لغزو العراق وأفغانستان وما تبع ذلك من أزمة مالية سنة 2008 جعل الولايات المتحدة ليست مترددة فقط في استخدام قوتها العسكرية حتى عندما يتم تجاوز الخطوط الحمر، بل غير راغبة في تحمل أي عبء جدي من اجل المحافظة على وضعها القيادي العالمي أيضاً، ولكن إن لم تعد امريكا راغبة في القيادة، إذاً من سوف يحل مكانها؟

إن قادة الصين قد أظهروا عدم اهتمامهم بلعب دور نشط في ما يتعلق بالقيادة العالمية عن طريق الرفض المعلن للدعوات بأن تصبح الصين “مساهماً مسؤولاً” في النظم العالمية السياسية والاقتصادية . في غضون ذلك وبالرغم من امكانية أن ترغب روسيا في المحافظة على الوهم بأنها قوة عالمية فإنه يبدو أن الاهتمام الروسي كان ينصب مؤخراً على إحباط أمريكا كلما أمكن ذلك، وحتى لو كان الأمر لا يصب في مصلحتها على المدى الطويل، أما أوروبا فهي تواجه العديد من المشكلات الداخلية بحيث لا تستطيع أن تتولى أي دور قيادي مهم في الشؤون الدولية .

من غير المفاجىء أن نقص القيادة قد قوض بشكل كبير فعالية المؤسسات الدولية مثل رد مجلس الأمن الدولي غير الفعال على الأزمة السورية وفشل الجولة الحالية من المفاوضات التجارية لمنظمة التجارة العالمية . إن هذا الوضع يشبه عقد الثلاثينات من القرن الماضي وهو عقد شهد، كما ذكر المؤرخ الاقتصادي شارلز ب كيندلبيرغر، فراغاً في القيادة أدى الى قلة إنتاج البضائع العامة الدولية، مما عمق من الركود العظيم .

في مثل هذه الظروف فإن الصين والولايات المتحدة -المرشحتان الوحيدتان لتولي القيادة العالمية- يجب أن تتوصلا إلى تسوية كبيرة تعمل على التوفيق بين مصالحهما الأساسية التي بدورها سوف تؤهل الدولتين للعمل معاً من أجل توفير البضائع العامة الدولية وحمايتها . لا يمكن تأسيس نظام دولي يدعم السلام والرخاء المشترك من دون تحقيق استقرار في العلاقات الصينية - الأمريكية .

إن مثل هذه التسوية يجب أن تبدأ بجهود مشتركة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية من أجل تعزيز دور الصين في المؤسسات الاقتصادية الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية، وكان تعيين موظف البنك المركزي الصيني زو مين كنائب للمدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي كان خطوة إيجابية لكن لم يتبع ذلك التعيين تعيينات أخرى أو أية خطوات أخرى يمكن أن تزيد من النفوذ الصيني .

يجب أن يتم ضم الصين الى الشراكة عبر الباسفيك وهي منطقة تجارة حرة آسيوية والتي تتفاوض الولايات المتحدة الامريكية حالياً بشأنها مع استراليا وبروناي دار السلام وتشيلي وماليزيا ونيوزيلندا وبيرو وسنغفافورة وفيتنام . إن تقسيم منطقة آسيا - الباسفيك إلى كتلتين اقتصاديتين إحداها ترتكز حول الصين والأخرى حول الولايات المتحدة سوف يعزز من انعدام الثقة ويشجع على الخلافات التجارية .

في واقع الأمر، لقد ذكر مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق زبيغنيو بريجينسكي خلال منتدى السلام الدولي في بكين في يونيو/حزيران الماضي أن ما يحتاجه العالم فعلاً هو شراكة اقتصادية شاملة بين الولايات المتحدة والصين، ولكن مثل هذا التعاون سوف يكون مستحيلاً ما لم تعترف الولايات المتحدة بالصين كشريك مساوٍ لها، وليس بالكلام فقط .

إذا أخذنا في الاعتبار أن الولايات المتحدة تتمتع بميزة عسكرية جوهرية مقارنة بالصين، فإن بإمكان أمريكا أن تدعم مثل هذه الشراكة من دون تحمل أية مخاطر أمنية جوهرية . إن من سخرية الأقدار أن التفوق العسكري يمكن أن يقلل من رغبة القادة الأمريكان

في تقديم التنازلات التي قد يتطلبها شريك على قدم المساواة خاصة في ما يتعلق بالشؤون الأمنية، ولكن حتى يحين ذلك الوقت يمكن اجراء التعديلات المطلوبة من دون المساومة على المصالح الأمنية الأمريكية .

لو نظرنا إلى مبيعات الأسلحة الامريكية إلى تايوان لوجدنا أنه نظراً للتعاون بين الصين وتايوان هذه الأيام فإن من غير المرجح أن تقليل مثل هذه المبيعات سوف يعرض تايوان للخطر، كما أن عمل ذلك سوف يسهم بشكل كبير في بناء الثقة بين الولايات المتحدة والصين . إن السؤال هنا هو ما إذا كان الرئيس الأمريكي، سواء كان جمهورياً أو ديمقراطياً، يرغب في المخاطرة بعلاقاته مع اولئك الذين ينظرون لتايوان من خلال نظرتهم للصراع مع جمهورية الصين الشعبية .

إن ثمن قيام الولايات المتحدة بهذه التغييرات في سياستها هو قيام الصين باحترام وحماية مجموعة من القواعد والمبادىء والمؤسسات الدولية التي تم عملها بصورة عامة من دون مشاركة الصين . إذا أخذنا في الاعتبار أن النمو السريع للناتج المحلي الإجمالي الصيني منذ سنة 1979 كان مستحيلاً من دون الجهود الأمريكية لخلق نظام عالمي مفتوح، إذاً يتوجب على القادة الصينين ألا يعتبروا ذلك على انه ثمن سوف يصعب عليهم كثيرًا دفعه .

إن السياسة الخارجية الصينية التي ازدادت حزماً بشكل مطرد منذ سنة 2009 يمكن أن توحي انه بالرغم من المزايا العالمية لوجود قيادة مشتركة صينية امريكية فإن القادة الصينيين سوف يبقون غير راغبين في تطبيق النظام العالمي الحالي، ولكن الإحساس المتعاظم بأن هذا الأسلوب الجديد الذي ينم عن الحزم قد أتى بنتائج عكسية وزاد التوتر مع الدول المجاورة للصين كما أجبر الولايات المتحدة على تعزيز انخراطها الاستراتيجي في آسيا، يعني أن الصين يمكن أن تقتنع بأن عليها إعادة تشكيل العلاقة مع الولايات المتحدة . إن الامتحان الرئيس هنا هو ما إذا كانت الصين راغبة في قبول الوضع الراهن في بحر الصين الشرقي والجنوبي .

إن المتشائمين الذين عادة ما يتوقعون الأسوأ يستشهدون عادة بالحروب التي تلت صعود المانيا الإمبريالية كمقارنة تاريخية موازيه للعلاقة الصينية - الأمريكية اليوم، ولكن هناك مثال أفضل لقبول دولة مهيمنة قوة صاعدة كما كان قبول المملكة المتحدة بصعود أمريكا، وبينما يقوم القادة الصينيون بتعريف الدور العالمي للبلاد، يجب أن يضعوا في اعتبارهم نجاح المقاربة البريطانية وفشل الدبلوماسية المتعجرفة لألمانيا الإمبريالية .
نقلا عن صحيفة الخليج