عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

محمد عبيد يكتب : جوع عالمي

محمد عبيد
محمد عبيد


إعلان منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة الأخير، حول عدد الجياع حول العالم، وكشفها أن إنساناً من أصل ثمانية يعاني نقصاً “مزمناً” في الغذاء، وتحذيرها من فشل محاولات العديد من الدول تخفيض نسب الجوع إلى النصف بحلول العام ،2015 حسب ما تقتضي الأهداف الإنمائية للألفية، يضع أكثر من علامة استفهام، وأكثر منها من علامات التعجب .

العالم الغارق في حسابات المصالح واستعراضات القوة يبدو غير عابئ بهذه الأزمة الإنسانية، وعلى الأرجح فإنها ليست على أجندة أو سلم أولويات الكثير من القوى الدولية على اختلاف توجهاتها، والدليل أن أزمة مثل هذه تتحدث عن ذاتها فتقول إن 842 مليون إنسان جائعون .

ومع أن أرقام منظمة “الفاو” جاءت أقل من التوقعات ب26 مليوناً، ورغم أن نسبة الجوع انخفضت في الفترة من 2011 إلى 2013 إلى 12% من عدد سكان العالم، بعدما كانت 17% بين عامي 1990 و،1992 إلا أن الخطر لا يزال داهماً باعتراف المنظمة ذاتها، فمن جهة هناك تهديد ألا يصل الكثير من الدول إلى النسبة المطلوبة بحلول العام 2015 من جهة، وهناك خطر آخر مركزه تصاعد الصراعات والنزاعات في أكثر من بقعة، ما يعني إمكانات واقعية لتراجع أي تقدم تحقق على هذا الصعيد .

اللافت في التقرير الأممي أنه كشف أن التحويلات المالية التي تبلغ قيمتها ثلاثة أضعاف مساعدات التنمية الرسمية، كان لها أثر مهم في الأمن الغذائي لأنها أدت إلى نظم غذائية أفضل حالا وقللت الجوع، الذي تركزت نسبته العظمى في الدول النامية التي يعاني 827 مليوناً من سكانها الجوع، وينتشر فيها نقص التغذية بنسبة 3 .14%، فيما تحتل القارة الإفريقية مرتبة “متقدمة” على هذا الصعيد، ويعاني أكثر من شخص من بين كل خمسة أشخاص

نقص الغذاء، بينما يتركز معظم الأشخاص الذين يعانون سوء التغذية في جنوب آسيا .

مأساة عالمية بصبغة “جنوبية” -إن صح التعبير- كونها تتركز في مناطق جنوبي الكرة الأرضية، التي لا تشكل بالنسبة لجاراتها في الشمال أي أهمية تذكر، خارج حسابات المصالح والسياسة وبسط النفوذ والهيمنة، والتي قد لا تشكل أيضاً سوى فرصة استثمارية، تنتهزها القوى الدولية لنهب ثرواتها الطبيعية وتسخير قواها البشرية باسم التنمية والتطوير .

إذاً، أين أهداف الألفية التنموية، أم أن التنمية توجه إلى جهات أخرى؟ وكيف يمكن تفسير تركز الجوع العالمي في هذا الجزء من الأرض، مع أنه من أكثر الأجزاء نشاطاً وحراكاً، ومن أكثر البقاع سخونة، وأكثرها تعرضاً للتدخلات الخارجية، والحروب بالوكالة، والصراعات الإثنية والعرقية والطائفية التي تشعلها جهات كثيرة تحقيقاً لأهداف ومصالح وأجندات خارجية؟

التنمية آخر من يفكر فيه “الكبار المسيطرون”، فهم منشغلون بزيادة مكاسبهم، حتى لو كان الأمر على حساب حياة ملايين البشر . والمنتظر من العالم ومنظماته الدولية أن تكف عن التوصيف وكتابة التقارير، وتوجه الجهود باتجاه العمل على مساعدة الدول المعوزة بدلاً من لومها على أزمات لا يد لها فيها .
نقلا عن صحيفة الخليج